مصر - بوابة اللاجئين الفلسطينيين
انطلقت المستشارة الألمانية ميركل قبل أيام لزيارة مصر وتونس للبحث في ملف اللاجئين، وخلال اجتماع عقدته مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، دار الحديث حول اتفاقية تحد من تدفّق اللاجئين مماثلة لاتفاقية اللاجئين بين الاتحاد الأوروبي وتركيا. وتُعتبر الحدود المصرية مع ليبيا ثغرة يتجه إليها المهاجرين غير الشرعيين، معظمهم من سورية، كطريق سهل للانتقال إلى أوروبا عن طريق المُتاجرين بالبشر، حسب إذاعة "صوت ألمانيا".
واعتبرت ميركل في موقفها الأخير أنه "بدون استقرار سياسي في ليبيا لن نكون قادرين على وقف المُتاجرين بالبشر الذين يعملون انطلاقاً من هذا البلد"، مُضيفةً أن "مصر بوصفها قوة إقليمية تعلب دوراً رئيسياً هنا."
فيما قالت شبكة "بلومبيرج" الأمريكية أن ميركل تعوّل على مصر، إذ اعتبرت السيسي شريكاً في إحباط محاولات الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا ووعدت بالمزيد من المساعدات لمصر.
وذكرت المستشارة الألمانية خلال زيارتها للقاهرة أنها تسعى لمنع المهربين من فتح طرق جديدة لاختراق أوروبا، وحسب "بلومبيرج" فإن مصر شنّت حملات مكافحة ضد مهربي البشر ومنعت تدفق المزيد من أعداد المهاجرين إلى إيطاليا من مصر، وفقاً لما ذكرت الحكومة الألمانية، إلا أن هدف ميركل يبقى أن تجعل مصر تمنع مغادرة المهاجرين وتقييد حركتهم.
يُشار إلى أن المستشارة الألمانية التي ستخوض انتخابات في أيلول المقبل، تواجه ضغوطاً شديدة للحد من عدد طالبي اللجوء القادمين إلى ألمانيا، بعد أن واجهت انتقادات كثيرة حتى داخل معسكرها المحافظ، لفتحها الباب أمام أكثر من مليون مُهاجر عامي 2015 و2016.
الصحافة الألمانيّة حول مطلب ميركل من مصر
صحيفة "دير شبيجل" وصفت زيارة ميركل بأنها محاولة منها لكسب ود مصر كشريك لها في سياساتها لتقليل عدد المهاجرين إليها عبر البحر المتوسط عن طريق ليبيا، والتي أكد السيسي أنه سيُساعد على تأمين الحدود المصرية معها، حسب تصريح ميركل عقب اللقاء، كما أشارت إلى دعم ألمانيا للاجئين في مصر.
صحيفة "فرانكفورتر روند شاو" الألمانية، في تعليقها على الأمر، تقول أن الاتفاق تضمّن تقديم مليارات اليوروهات مقابل لاجئين، ومصر بأمسّ الحاجة إلى المال.
فيما تساءلت صحيفة "راين نيكار تسايتونغ" الألمانية "هل يجوز للحكومة الألمانية عقد صفقات مع الطغاة؟ هل يُسمح بإجبار اللاجئين على البقاء تحت حكم الأنظمة الديكتاتورية ومنعهم من الوصول إلى مراكز إيواء أوليّة ألمانية؟ من يجيب على هذه الأسئلة بشكل معمّم بنعم أو لا، أخطأ في تقدير الواقع السياسي"، في إشارة إلى السيسي، واعتبرت الصحيفة أن الرئيس التركي أردوغان يُعتبر بالمقارنة بالسيسي "مفاوِضاً ليبرالياً تقريباً."
في حين اعتبرت صحف أخرى أنه يجب عدم الوثوق بالنظام المصري في حل مشكلة تدفّق اللاجئين، مُشيرةً إلى أن هذا النظام يُعاني بدوره أوضاعاً مروّعة على صعيد حقوق الإنسان، فضلاً عن انسداد سياسي وأزمة اقتصادية.
تحت عنوان "منع اللاجئين لا ينبغي أن يكون أولوية.. الديمقراطية قبل النقود"، كتب باول أنتون كروغر في "زود دويتشه تسايتونغ" أنه إذا كان لا مفر أمام ميركل من التعاون مع القاهرة ضمن بحثها عن آلية دائمة لمنع تهريب اللاجئين، فعليها ألا تنسى الدروس المستفادة من الثورات العربية عام 2011، وخروج الملايين لميدان التحرير مُطالبين بالخبز والحرية والعدالة الاجتماعية، ورحيل طاغية أسّس حكمه الطويل على القمع وقبِلَ به الغرب توهّما للاستقرار."
من أين خرج اتفاق اللاجئين بين ميركل والسيسي؟
يُذكر أن الاتفاق الذي يدور الحديث حوله حالياً بين ميركل والسيسي بشأن اللاجئين، كان قد شغل الجانبين خلال العام الماضي، إلا أنه لم يظهر للعلن بشكلٍ رسمي.
وزير الداخلية في ولاية بادن فورتمبيرج الجنوبية الألمانية توماس ستروبول، كان قد طرح خطة تهدف إلى ترحيل (500) ألف مهاجر غير شرعي خلال عام 2017 إلى مركز للإيواء يتم إنشاءه في مصر، يستقبل اللاجئين العالقين في البحر المتوسط، واللاجئين المطرودين من ألمانيا، حسب موقع "اكسبرس" البريطاني.
وأكّد الوزير الألماني أنه من الممكن الوصول إلى اتفاق مع مصر لاستقبال اللاجئين الذين لا يتمكنون من العودة إلى بلادهم الأصلية.
وكتب الوزير الألماني خطته بشكلٍ تفصيلي في مقال نشره بتاريخ 27 تشرين الثاني في صحيفة ألمانية، وكان من المنتظر أن يعرض خطته على مؤتمر لوزراء داخلية ولايات ألمانيا، عبر ورقة بعنوان "من يفقد حقه في الإقامة يجب أن يرحل"، حسب صحيفة "صنداي اكسبرس" البريطانية.
أشار الوزير في ذلك الوقت إلى أهمية استحداث أدوات جديدة لترحيل (500) ألف شخص يقيمون في البلاد بشكلٍ غير شرعي، وإلا فإن ثقة الألمان في حكم القانون ستهتز.
وحسب تقريرين أحدهما من صحيفة "تايمز" وآخر من "ذي أسترالين"، فإن ألمانيا ضغطت لصالح مصر لتأخذ قرض صندوق النقد الدولي، مقابل أن تستضيف أي لاجئين يتم إنقاذهم من البحر في طريقهم إلى أوروبا.
في ذات السياق، كشفت مصادر دبلوماسية ألمانية لصحيفة "تايمز" خلال شهر تشرين الثاني، خططاً ناقشها عدد من المسؤولين الألمان مع الحكومة المصرية لحل الأزمة الأوروبية تتمثّل بإعادة المهاجرين عبر البحر في محاولة وصولهم إلى أوروبا، إلى مصر.
وقالت الصحيفة على موقعها الإلكتروني أن مساعد رفيع للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل زار مصر خلال تشرين الثاني الماضي، لبحث سبل تكثيف التعاون بشأن تسلل المهاجرين غير الشرعيين عبر البحر المتوسط.
في حين أجرى كريستوف هوجين مستشار السياسة الخارجية لميركل وجان هيكر منسق شؤون اللجوء، محادثات بالنيابة، بشأن الخطط المحتملة لإعادة المهاجرين إلى مصر، فضلاً عن بحث سبل لإحباط واستعادة قوارب المهربين.
بالمقابل، ذكرت الصحيفة أن القاهرة طلبت مساعدة ألمانيا والاتحاد الأوروبي في التوصل إلى شروط أكثر ملاءمة بشأن قرض صندوق النقد الدولي المتعلق بمصر.
وأضافت أن نقل قوارب اللاجئين من المياه الدولية إلى ليبيا يعد منافياً للقانون الدولي، إلا أنه في حال تمت الموافقة على نقل المهاجرين الذين يتم إنقاذهم من وسط البحر إلى مصر عوضاً عن أوروبا، فسيكون الأمر أسهل بكثير".
تعقيباً على ما نشرته التايمز في ذلك الوقت، قال المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، في تصريحات لصحيفة "اليوم السابع" المصرية، أنه خلال الزيارة الأخيرة لمستشار الأمن القومي الألماني كان يصطحب معه أحد مستشاري ملف الهجرة في ألمانيا وأجروا مباحثات مع المسؤولين في وزارة الخارجية تناولت قضية الهجرة غير الشرعية وكيفية التعامل معها وتم تبادل الآراء بهذا الصدد وكيفية التعاون بين مصر وألمانيا وبقية الدول في هذه القضية، لكن دون أن يتم التوصل إلى قرارات.
بدوره، علّق السفير حسين هريدي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، الاثنين 28 تشرين الثاني، على المقترح الذي قدمه توماس ستروبول فيما يخص ترحيل 500 ألف لاجئ إلى مصر، وأكد هريدي أن عملية ترحيل اللاجئين تحكمها القوانين الدولية ولا يستطيع أحد بمفرده رسم الخطط التي توضح ذلك.
وأضاف "على الحكومة المصرية عدم إبداء رأيها في هذا المقترح لحين صدور قرار رسمي من ألمانيا"، مشيراً إلى أن وكالة اللاجئين هي المسؤول عن الهجرة غير الشرعية ودول العبور والدول المضيفة. وأشار إلى أنه في حال تفعيل هذه الخطة سيتسنّى للحكومة المصرية اتخاذ الآليات اللازمة لهذا القرار.