كشف باحثان في معهد "التخنيون"، اليوم السبت 20 تموز/ يوليو، عن تزايد المخاوف "الإسرائيلية" إثر تصاعد نشاط حركة المقاطعة الأكاديمية العالمية وتصاعد الاحتجاجات على كيان الاحتلال ومؤسساته، حيث بات يخوض حروباً على عدة جبهات مختلفة دفعته للتحرك من أجل محاربتها والوقوف في وجه حركة المقاطعة.
وتحدث اثنان من كبار الباحثين بمعهد "شموئيل" للسياسة الوطنية التابع لـ "التخنيون" بحيفا، وهما البروفيسور "بوعز غولاني" والبروفيسور "رفقا كرمي"، عن أن "إسرائيل" تخوض حالياً حرباً متعددة الجبهات: عسكرية، وسياسية، واقتصادية، وقانونية، وسيبرانية، وغيرها، بما في ذلك الجبهة الأكاديمية.
وأشاروا خلال مقال نشرته صحيفة معاريف "الإسرائيلية" وترجمه موقع "عربي 21" إلى أن حربها على الجبهة الأكاديمية لم تبدأ الحرب قبل تسعة أشهر، لأن الدعوة للمقاطعة الأكاديمية لـ "إسرائيل" جزء من حركة المقاطعة التي تدعو "إسرائيل" لمحاربتها، ونبذها، ومعاقبتها، وتنشط في جميع أنحاء العالم منذ عقدين من الزمن.
وأضافا: أن "حركة المقاطعة استلهمت عملها من مقاطعة نظام جنوب أفريقيا العنصري الذي أسقطته في سنوات التسعينات، وهي اليوم اختارت أسلوبها في العمل بحيث تساوي الفلسطينيين بالسود المضطهدين، والإسرائيليين بالمستعمرين الأوروبيين الذين استوطنوا هناك، ومن هنا جاءت الدعوة لمحو إسرائيل من الخريطة، واستبدالها بدولة فلسطين من النهر إلى البحر".
ويشرح مقال الباحثين بمزيد من التفصيل عن تزايد الأنشطة ضد "إسرائيل" في العديد من الجامعات حول العالم، منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا.
وقد أقام الطلاب وأعضاء هيئات التدريس والإداريون، حتى في داخل بعض الجامعات الرائدة على المستوى الدولي، معسكرات احتجاج، ونظموا مظاهرات ضخمة.
كما أقاموا حواجز على الطرق، ومنعوا "الإسرائيليين" و"اليهود" بحسب زعمهما، بالقوة من دخول أجزاء من الأحرام الجامعية، وغير ذلك من المظاهر.
ويقول مقال الباحثان: " المقاطعة الأكاديمية صارت جزءاً من مطالب المتظاهرين في هذه المؤسسات الأكاديمية، وتشمل من بين أمور أخرى، إنهاء جميع العلاقات البحثية مع المؤسسات الإسرائيلية، وإلغاء اتفاقيات تبادل الطلاب معها، ومنع باحثيها من تقديم مقترحات بحثية لدى المؤسسات الوطنية والدولية، وإنهاء استثمارات المؤسسات الجامعية في الشركات الإسرائيلية".
وأضاف المقال: "ما بدأ كموجة احتجاجية في الجامعات المرموقة في الولايات المتحدة، تحول مع مرور الوقت إلى طوفان عالمي في كثير من الحالات، وفضلت المؤسسات والسلطات القانونية ووسائل الإعلام والمنتخبون تجاهل الظاهرة أو حتى دعمها بحجة حرية التعبير".
ويلفت الباحثان في مقال صحيفة "معاريف" أن المقاطعة الأكاديمية تمثل خطراً على الجامعات "الإسرائيلية" فهو المحرك للقوى العاملة في مجال التكنولوجيا المتقدمة، والنظام الصحي، وقطاع الصحة والنظام المالي، وجميع قطاعات النشاط الأخرى في الاقتصاد "الإسرائيلي".
ويصف المقال أن النظام الأكاديمي "الإسرائيلي" يجد نفسه معزولاً عن العالم، ويصبح بالضرورة أضعف، لأن التعاون الدولي يشكل شريان الحياة لأي عمل أكاديمي، "خاصة في دولة صغيرة كإسرائيل، ذات عدد محدود من المؤسسات الأكاديمية والبنية الأساسية البحثية".
وانتقد الباحثان "غياب رد الفعل "الإسرائيلي" على تصاعد حركة المقاطعة، مع أنه عند قياس نتائجها على أرض الواقع، فإنها سوف تستغرق مزيداً من الوقت، ولكن بنتائج كارثية، بعكس نتائج المعارك العسكرية المتمثلة في الخسائر وتدمير الأسلحة الحربية.
وفي الجبهة الاقتصادية تظهر الأثمان متمثلة في التغير في أسعار الصرف، والتصنيف الائتماني، وزيادة الدين الوطني، وغيرها من المؤشرات، أما تأثير المقاطعة الأكاديمية فسيظهر بعد سنوات، وسيتم التعبير عنها بمؤشرات مباشرة مثل مخرجات البحوث والوضع العلمي الدولي، ومؤشرات غير مباشرة يصعب قياسها كمياً في المساهمة في الاقتصاد والأمن وما إلى ذلك.
وكشف المقال أن عدم المعالجة العميقة والشاملة لمسألة المقاطعة الأكاديمية قد يؤدي لنتائج مدمرة في غضون سنوات قليلة، خاصة حين لا تخصص "إسرائيل" موارد كبيرة لهذا الغرض، بحسب قولهما، مؤكدين احتمالية زوال "دولة الشركات الناشئة" من الوجود وعبر فقدان القدرات البحثية ستتدهور "إسرائيل" لمستوى العالم الثاني أو الثالث.
وتشير هذه القراءة للباحثين غلى أن العطلة الصيفية في الجامعات العالمية خلقت نوعاً من "وقف إطلاق النار" في الساحة الأكاديمية، لكن التوقعات تشير إلى استئناف النضال الأكاديمي وتصاعد حركة المقاطعة مجددا في أيلول/سبتمبر المقبل، مع بداية الفصل الدراسي الشتوي، ما يعني أن تكون "إسرائيل" على موعد قريب من انضمام المزيد من الجامعات العالمية للاحتجاج ضدها طالما استمر عدوانها على غزة.