شاركت مجموعة من الناشطين والمثقفين والأكاديميين والصحفيين الفلسطينيين في إسطنبول بندوة في مقر مركز حرمون الثقافي، يوم السبت 10 آب / أغسطس، ناقشت مشروع المؤتمر الوطني الفلسطيني والتحضير له وأهدافه والأدوات والآليات لتحقيقه والاستمرار فيه.
افتتح اللقاء المدون وصانع المحتوى الفلسطيني، الناشط أحمد البيقاوي، وترأس الندوة عضوا اللجنة التحضيرية للمؤتمر معين الطاهر وأحمد غنيم الذان شرحا فكرة المؤتمر والضرورة الملحة لإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية في الوقت الراهن الذي يمر به الشعب الفلسطيني بلحظات تاريخية ومفصلية، تتمثل في حرب الإبادة "الإسرائيلية" المتواصلة على قطاع غزة منذ أكثر من 10 أشهر، وما يتزامن معها من التحضير لما يسمى "اليوم التالي" بعد الحرب من مخططات تستهدف مصير قطاع غزة والقضية الفلسطينية ككل والتمثيل الوطني للفلسطينيين حول العالم.
وقدم عضو اللجنة التحضيرية، معين الطاهر، تعريفًا بمشروع المؤتمر الوطني الفلسطيني، موضحًا الدوافع المباشرة لضرورة المضي فيه من أجل استرداد منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني وإعادة بنائها.
وأشار الطاهر إلى أن هذه المرحلة من التحضير للمؤتمر وما بعد المؤتمر ستكون مرحلة تراكم إنجازات وتجميع الشعب الفلسطيني في مؤتمر وطني فلسطيني شامل، يتضمن على رأس أولوياته تشكيل قوة ضغط لاستعادة منظمة التحرير من أجل مواجهة المخططات "الإسرائيلية" لـ "اليوم التالي" بعد الحرب.
وأكد الطاهر أن الأولوية في هذه المرحلة هو إعادة بناء المنظمة وتشكيل قيادة فلسطينية موحدة، وفق أسس ديمقراطية بمشاركة فصائل وشخصيات فاعلة وهيئات ونقابات وجمعيات، ووفق برنامج متفق بهدف تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة.
وتطرق الطاهر إلى التحديات التي تواجه هذا المؤتمر وأبرزها الهجوم العنيف عليه من قبل أطراف فلسطينية، موضحاً أن فكرة المؤتمر بنيت على أساس توحيد الفلسطينيين شعباً وقيادة من أجل مواجهة المخططات "الإسرائيلية" والتحديات التي تحيط بالقضية الفلسطينية، وأن فكرته انطلقت من أجل تجميع الفلسطينيين، وليس من أجل إلغاء أي جهة أو فرد، وأنه بني على كل المبادرات السابقة، وهو استتباع لكل المبادرات والحراكات الفلسطينية في الخارج التي دعت إلى عقد جلسة للمجلس الوطني الفلسطيني من أجل اختيار ممثلين حقيقين وفاعلين للشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده، وهذا أقل حق من حقوقه، لافتاً إلى أنه منذ توقيع اتفاقية "أوسلو" عام 1993 لم تعقد سوى ثلاث جلسات للمجلس الوطني (البرلمان الحقيقي للفلسطينيين).
وفي هذا الصدد، قال الطاهر: إنه لا بديل عن منظمة التحرير بل استردادها، والعمل على توحيد الجاليات الفلسطينية حول العالم بهدف تحقيق تمثيل حقيقي وموحد للكل الفلسطيني.
وأعلن الطاهر أن اللجنة التحضيرية للمؤتمر توافقت على أن مكان انعقاده سيكون في العاصمة القطرية الدوحة، وأوضح أنه تم التوافق على الدوحة بعدما رفضت دول عدة عربية وأوروبية استضافة المؤتمر، ولم تحصل اللجنة التحضيرية على موافقة إلا من السلطات القطرية، ما أدى إلى عدم وجود خيارات يمكن للجنة التحضيرية الانتقاء من بينها.
وشدد الطاهر على أن المؤتمر لن يكون مكاناً للخطب أو ما شابه، وانعقاده وحضوره سيكونان بتمويل ذاتي من المشاركين، والهدف منه أن يكون ديمقراطياً ومستداماً تنبثق عنه هيئات سياسية، وتناقش فيه مجموعة من الوثائق حول إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، وسياسة الأبارتهايد "الإسرائيلية" ويتم فيه وضع خطط ومقترحات للعمل الفعلي.
من جهته، تحدث عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الفلسطيني أحمد غنيم بإسهاب حول ضرورة التغيير وآلياته وأهدافه، قائلاً: إن كل اجتماع يعقده الفلسطينيون مهماً من أجل أن يبقى هذا الشعب قادراً على أن يعبر عن نفسه، وأن أكثر التحديات التي واجهها الشعب الفلسطيني حدة هو تقسيمه لمجتمعات، ولكل مجتمع صارت هناك أولويات وقضايا مختلفة.
وأكد غنيم أن الخيار اليوم هو استحضار الشعب الفلسطيني لحمل مشروع كبير وهو التغيير في الحكم، بهدف استكمال مشروع التحرر الوطني الفلسطيني.
وأشار إلى النجاح لن يكون بعقد المؤتمر، بل في أن يتحول هذا المؤتمر إلى أداة قادرة على قطع المسافة نحو التغيير، وأن تتجمع قوى التغيير لتكوّن أداة فاعلة وحادة قادرة على الضغط من أجل نقل راية النضال والعمل السياسي من جيل إلى جيل، ولكن في إطار منظمة التحرير الفلسطينية.
وشدد على أن المؤتمر صار ضرورة ملحة، خاصة بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر حيث كان غياب القيادة الفلسطينية واضحاً في كل المواقع، ولم يكن هنا، لذا صار السؤال ملحاً أيضاً حول منظمة التحرير الفلسطينية، ودورها.
وعبر غنيم بأن لا حاجة للفلسطينيين لبناء جسم سياسي جديد يمثلهم، بل يجب إعادة بناء منظمة التحرير وتفعيل دورها في تمثيل الفلسطينيين وتكوين قيادة فاعلة قادرة على التغيير.
وفي حين حملت مداخلات المشاركين تساؤلات عدة حول آليات التغيير وأدواته، أكد غنيم أن القضية الفلسطينية لا تحتمل سوى التغيير السلمي الآمن، واستعادة القرار السياسي الفلسطيني بطرق سلمية، موضحا أن التغيير الآمن يحتاج إلى نفس أطول ووقت أطول، ولكنه أضمن ويحقق نتائج لما في صالح الفلسطينيين وقضيتهم، بينما الأدوات الأخرى قد تجلب وبالاً على الشعب الفلسطيني، وتتسبب في إنهاء قضيته.
يذكر أن أكثر من 1500 شخصية فلسطينية وقعوا على النداء الداعي إلى عقد المؤتمر الوطني الفلسطيني الداعي إلى إعادة بناء منظمة التحرير على أسس ديمقراطية، وغالبيتهم شخصيات بارزة من مختلف القطاعات، مثل الناشطين، المهنيين، الأطباء، الباحثين، الأكاديميين، الفنانين، الكتاب، الصحافيين، الشخصيات القانونية، نشطاء الحراك الطلابي، بالإضافة إلى أسرى سابقين وسياسيين من خلفيات متنوعة بصفتهم الشخصية.
ويعقد الموقّعون على المبادرة من كل دولة اجتماعات تحضيرية لتنسيق المواقف والترتيب للمشاركة في المؤتمر الوطني الفلسطيني. وجاءت الندوة في إسطنبول بتركيا بعد اجتماعات تحضيرية عقدت في فلسطين المحتلة، وبريطانيا، وهولندا، وقطر، والكويت، وإسبانيا، وبلجيكا، وفرنسا، والولايات المتحدة الأميركية، ولبنان ويستمر عقد هذه اللقاءات في الأسابيع المقبلة في دول عربية وغربية أخرى.