كشف تقرير حديث أصدرته منظمة العفو الدولية "أمنستي" عن تفاصيل مروعة لهجمات عسكرية "إسرائيلية" استهدفت مواقع في رفح، جنوبي قطاع غزة، خلال شهر أيار/ مايو 2024.

أسفرت الهجمات حينها عن استشهاد عشرات الفلسطينيين المدنيين من النازحين، بينهم نساء وأطفال، وأثارت المنظمة تساؤلات، حول التزام القوات "الإسرائيلية" بالقانون الدولي الإنساني، وشددت أن "تلك الجرائم قد ترقى هذه الهجمات إلى مستوى جرائم حرب، ما يستدعي تحقيقاً دولياً عاجلاً".

وتناولت المنظمة، جريمة ارتكبها جيش الاحتلال "الإسرائيلي" في ليلة 26 أيار/ مايو الفائت، حيث شهدت منطقة تل السلطان غرب رفح واحدة من أكثر الهجمات دموية خلال ذلك الشهر، حين استهدفت غارة جوية "إسرائيلية" مخيم السلام الكويتي، وهو مخيم مؤقت يؤوي مئات العائلات النازحة التي فرت من مناطق القتال في شمال القطاع.

وأسفرت الغارة عن استشهاد 36 شخصاً على الأقل، بينهم ستة أطفال وسبع نساء، وإصابة أكثر من 100 آخرين بجروح متفاوتة.

واستخدم الاحتلال في الغارة قنابل موجهة من طراز GBU-39، وهي قنابل صغيرة الحجم لكنها تنشر شظاياها القاتلة على مساحة واسعة، فيما شدد تحقيق "هيومن رايتس ووتش" على أن استخدام هذه القنابل في منطقة مكتظة بالمدنيين يشكل خرقاً واضحاً لمبادئ التناسب والتمييز المنصوص عليها في القانون الدولي الإنساني، ما يجعل هذه الهجمات غير قانونية وتستدعي التحقيق والمساءلة، رغم مزاعم وجود مقاتلين من حركة (حماس) حسبما ردد الاحتلال حينها.

ونقل تحقيق المنظمة، شهادة لينا العطار، البالغة من العمر 34 عاماً، التي فقدت والدتها في الهجوم. وتحدثت عن اللحظات المرعبة التي أعقبت الغارة، قائلة: "كنا في مخيم للنازحين، وكان الجميع يعتقد أننا في أمان، فجأة، وقع الانفجار، وتحول المكان إلى جحيم. كنت أسمع صراخ الناس وأرى الأجساد الممزقة في كل مكان."

وتابعت لينا: "وجدت نفسي تحت الأنقاض، أصارع لأخرج. عندما خرجت، رأيت أمي ممدة بلا حركة، وكان أبي ينزف بغزارة."

رواية لينا ليست الوحيدة التي تعكس حجم الكارثة، ونقل التحقيق شهادة سارة ناصر، إحدى الناجيات الأخريات، تجربتها مع الموت قائلة: "كنت أحمل ابني بين ذراعي عندما وقع الانفجار. غطاني الغبار، ولم أستطع رؤية شيء. عندما انجلى الغبار، وجدت أني فقدت ابني، وبحثت عنه بين الأنقاض، ووجدته متوفى بجانبي."

وفي 28 مايو/أيار، هاجم الاحتلال موقعاً مدنياً آخر في منطقة المواصي، التي كانت تُعتبر من قبل الأهالي والنازحين "منطقة آمنة"، وقام بقصفها بثلاث قذائف مدفعية سقطت في المنطقة، ما أسفر عن استشهاد 23 مدنياً، بينهم 12 طفلًا.

وأكدت "العفو الدولية" على ضرورة قيام منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني بإجراء تحقيق دولي مستقل في الهجمات، مؤكدة أن جرائم الحرب لا تسقط بالتقادم وأن المساءلة يجب أن تكون على رأس الأولويات.

وفي هذا السياق، قال المدير التنفيذي لمنظمة هيومن رايتس ووتش " كينيث روث": "ما شهدناه في رفح هو انتهاك صارخ للقانون الدولي، ويجب على المجتمع الدولي أن يتحرك الآن لضمان عدم تكرار هذه الجرائم وأن يُحاسب المسؤولون عنها."

كما حثّت المنظمة، المجتمع الدولي، خاصة الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية، بضرورة التحرك الفوري لفتح تحقيق شامل ومستقل في الجرائم المرتكبة في رفح، وأكدت أن غياب المحاسبة سيؤدي إلى استمرار العنف وازدياد معاناة المدنيين في قطاع غزة.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد