"إذا لم نمت من الحرب سنموت من المرض" بهذه الجملة اختصرت نازحة فلسطينية في دير البلح وسط قطاع غزة الوضع الصحي المتردي جراء انتشار الأمراض بين النازحين إلى الخيام في قطاع غزة، حيث تستشري أمراض جديدة سواء هضمية أو جلدية أو غير ذلك، نتيجة تكدس مئات آلاف النازحين في بقع صغيرة جداً مع انعدام وسائل النظافة والمياه وأيضاً الأدوية وحتى صعوبة إمكانية الوصول إلى مراكز الفحص المحدودة.

تقرحات وتشوهات وحبوب تنهش معظم الأطفال الفلسطينيين الناجين من مجازر الإبادة "الإسرائيلية" لدرجة أنها صارت تهدد حيواتهم، مع انعدام سبل العلاج وأيضاً الغذاء.

والدة الطفل سراج السموني الذي يبلغ من العمر عامًا، ويعاني من أمراض جلدية تقول لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: "ذهبت إلى جميع مشافي دير البلح ولم أجد أي علاج، ويقوم الأطباء بكتابة علاجات لإبني ولكني لا أجدها في أي مكان".

وتابعت: "يذكر لي الطبيب أن هذا المرض من الخيم، ويتفاقم مرض ولدي دون أن أجد له علاج"، مشيرة إلى أنها طفلها سراج وابنتها أصيبا بهذا المرض الذي يسبب لهما الآلام والحكة، واضطررت إلى الإنعزال معهما وترك ابنها الآخر بعيداً مع جدته حتى لا يصاب".

تقول نازحة أخرى: "نزحت لأجل الأطفال كي لا يموتوا من القصف، وها أنا أعيش معهم في خيمة ومياه الصرف الصحي على باب الخيمة"، مضيفةً: أن أولادها يعانون من أمراض جلدية ونزلات معوية بشكل مستمر".

علاج الأمراض يحتاج إلى أدوية ومساحات لغسل الملابس وهو ما لا توفره مخيمات النزوح

يرجع الطبيب لطفي الأنقح الذي يعمل مديرًا لعيادة في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" سبب انتشار الأمراض الجلدية إلى التكدس بالخيام ومراكز الإيواء وسط انعدام أدوات النظافة والصرف الصحي، هي السبب الرئيسي في انتشار الأمراض الجلدية والجرب والقمل وغيرهم.

ويوضح لموقعنا أنه من أجل علاج هذه الأمراض "نحتاج إلى توفر دواء مناسب والأهم من ذلك وجود مساحات ومياه نظيفة لغسل الملابس بشكل منفصل، وهو ما لا يمكن توفره في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها النازحون".

وأكد أنه من خلال عمله لاحظ أن أكثر الأمراض انتشاراً هي أمراض الحساسية والالتهابات البكتيرية الجلدية والالتهابات الجلدية الفطرية.

وأشار إلى أن حرارة الجو الشديدة وخاصة في الخيام وانعدام وسائل النظافة والتعرق الشديد والمياه المالحة والملوثة، جميعها تسبب حساسية وأمراضاً جلدية.

1.jpg

سوء التغذية ونقص المناعة يزيدان من صعوبة علاج الأمراض الجلدية لدى الأطفال

وبين الطبيب الأنقح أن الاحتلال "الإسرائيلي" يمنع إدخال مواد التنظيف إلى قطاع غزة، بالإضافة إلى صعوبة الحصول على مياه نظفية للاستحمام وكذلك التكدس الشديد للسكان في مناطق ضيقة، كل ذلك يساهم في نقل العدوى من شخص لآخر بسهولة، متابعاً "أن التعرق يسدّ مسامات الجلد والخلايا العرقية مما يؤدي لتراكم البكتيريا وظهور الالتهابات".

داخل النقاط الطبية والعيادات لا يستطيعون التعامل كما هو مطلوب مع الحالات التي تصلهم، رغم ان معظم هذه الأمراض يمكن للطبيب التعامل معها، ولكن المشكلة تكمن في عدم توفر العلاجات بسبب إغلاق معبر رفح، وفق الطبيب الأنقح الذي أشار إلى أن وكالة "أونروا" الموزع الرئيس لكل كريمات الحساسية والمضادات البكتيرية والفطرية، وكانت توزعها بشكل مجاني، ولكن مع إغلاق المعبر وعدم دخول الأدوية إلى قطاع غزة لم تعد الوكالة قادرة على تقديم هذه الأدوية والمراهم، التي حتى إن توفرت في الصيدليات الخاصة فتكون باهظة الثمن.

ويلفت الطبيب إلى أن الظروف البيئية الصعبة تجعل العلاج أصعب، وخاصة مع سوء التغذية وانخفاض مناعة الأطفال ما يصعّب علاج الالتهابات البكتيرية والفطرية،و يؤدي إلى تفاقمها.

2.jpg


يوضح الأنقح: "نحن نشخص الأمراض ولكن لا نستطيع علاجها لعدم توفر الأدوية، حيث أن مرهم مضاد البكتيريا الذي كنا نوزعه مجانًا، اليوم غير متوفر، وفي السوق السوداء يتراوح سعره من 50 إلى 60 شيكلاً، بالرغم أن سعره سابقًا قبل الحرب كان لا يتعدى 5 شواكل".

وأشار لموقعنا إلى أمراض جلدية مناعية شديدة لاحظاها الأطباء في القطاع، ومع عدم توفر علاجاتها أصبحت معقدة مثل (pemphigus) و (psoriasis) أي الفقاع والصدفية.

صورة 3.jpg

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" قد حذرت في تقريرٍ لها من انتشار الأمراض الجلدية بين الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة، وسط انعدام العلاج.

إن أطفال قطاع غزة يواجهون ظروفاً صعبة وسط الأمراض الجلدية والبيئية غير الصحية و"الأعمال العدائية" التي لا تنتهي.

وقالت "يونيسف"، في منشور على حسابها عبر منصة (X): "تعتبر النظافة والصرف الصحي مشكلة كبيرة في قطاع غزة. الأطفال والعائلات يتعرضون لمياه الصرف الصحي والنفايات، مما يتسبب في انتشار الأمراض والطفح الجلدي. الأطفال في غزة يعيشون ما لا يمكن تصوره".

بدورها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، إن الأسر في غزة لديها قدرة محدودة للغاية على الوصول إلى المياه النظيفة ومنتجات النظافة ولوازم التنظيف، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة في الأمراض والالتهابات الجلدية.

وقالت "أونروا"، في منشور لها على (X): إن "العائلات في غزة تعيش في ظروفاً غير إنسانية، مع الحد الأدنى من الوصول إلى المياه والصرف الصحي؛ ما يؤدي إلى زيادة في الالتهابات والأمراض الجلدية".

وأضافت "أونروا" أن "غزة تحتاج إلى مزيد من الوصول الإنساني من أجل جلب الوقود بصفة منتظمة للتمكن من الحصول على المياه النظيفة ولوازم النظافة، بما في ذلك الصابون".

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد