يقترب انطلاق العام الدراسي في الشمال السوري، فيما يجد اللاجئون الفلسطينيون أنفسهم في مواجهة تحديات اقتصادية ومعيشية هائلة في تأمين مستلزمات التعليم لأبنائهم، تتخطى صعوبات الأعوام الفائتة بمراحل، في ظل تفاقم البطالة وتدني الأجور والتضخم، ومواصلة وكالة "أونروا" ومنظمة التحرير الفلسطينية، والجهات الفلسطينية المسؤولة تهميشهم.
وأفاد مراسل بوابة اللاجئين الفلسطينيين في الشمال السوري بأن تكلفة تجهيز كل طفل من اللاجئين الفلسطينيين من قرطاسية وحقيبة مدرسية، تتراوح بين 20 دولاراً للمرحلة الابتدائية، و30 دولاراً للمرحلة الإعدادية، و35 دولاراً للمرحلة الثانوية.
في المقابل، لا يتجاوز دخل رب الأسرة اليومي 100 ليرة تركية ، مع وصول سعر صرف الدولار إلى حوالي 34 ليرة تركية، فيما يتخطى تجهيز الطالب، أكثر من 10 أضعاف الدخل اليومي، حيث يعمل معظم أرباب الأسر الفلسطينية كعمال مياومين، ما يجعل تأمين مستلزمات المدارس أمراً شبه مستحيل للكثير من الأسر.
وأوضح مراسلنا أن هذا العام يُعتبر الأصعب على المستوى المعيشي والاستعداد للعام الدراسي، نظراً للتضخم الكبير الذي ضرب العملة التركية المتداولة في الشمال السوري وتأثيره على القدرة الشرائية. وقد زاد الوضع سوءاً مع تراجع دعم المنظمات الإغاثية.
ومنذ تموز/ يوليو الماضي، تراجعت عمليات المنظمات الإغاثية في الشمال السوري بنسبة تقدر بـ80%، ما أدى إلى انقطاع المساعدات الإغاثية التي كانت تقدمها عدة منظمات لعشرات العائلات الفلسطينية. هذا التراجع يعمق من الأزمة المعيشية التي تواجهها هذه العائلات، التي كانت تعتمد بشكل رئيسي على تلك المساعدات لتلبية احتياجاتها الأساسية.
وبحسب معطيات نشرتها منظمات إغاثية، خفضت منظمة الغذاء العالمي ومنظمات دولية أخرى دعمها للإغاثة في الشمال السوري بأكثر من 50%، ما حرم المناطق شمالي سوريا من 250 ألف سلة غذائية كانت تدخل شهريًا، وتشكل مصدرًا حيويًا للعائلات الفقيرة، بما في ذلك اللاجئون الفلسطينيون.
وتتركز العائلات الفلسطينية المهجرة في الشمال السوري في مناطق إدلب وأريافها حيث يقيم حوالي 700 عائلة، وريف حلب الشمالي حيث يقيم حوالي 500 عائلة، وفي مخيم دير بلوط بريف ناحية جنديريس، يقيم نحو 250 عائلة، بالإضافة إلى 70 عائلة أخرى في مدينة جنديريس نفسها.
وتعتمد معظم هذه العائلات على المساعدات الإنسانية، فيما لا يتجاوز الدخل الشهري للعاملين منهم 100 دولار أمريكي، وفقًا لما أكدّه مراسل بوابة اللاجئين الفلسطينيين.
منذ تهجيرهم من مخيماتهم في عام 2018، تهمّش وكالة "أونروا" والجهات الفلسطينية الرسمية، ممثلة بفصائل منظمة التحرير، الفلسطينيين في الشمال السوري بحجة صعوبة الوصول إلى هذه المناطق، ورغم المطالبات الواسعة والحملات العديدة التي نادت بالالتفات إلى معاناة هؤلاء اللاجئين، إلا أن الوضع لا يزال كما هو، ما يفاقم من أوضاعهم المعيشية والاقتصادية الصعبة.
وحرمت "أونروا" أكثر من 1500 عائلة فلسطينية هجّرت من مخيمات خان الشيح ودرعا واليرموك وجنوب دمشق وحندرات وسواها، إلى الشمال السوري، من الحصول على المعونات المالية التي توزعها على اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، ولم تفعّل أيّة آلية تمكّن الفلسطينيين القاطنين في مناطق خارجة عن سيطرة النظام السوري من الحصول على حقوقهم في الإغاثة من الوكالة، رغم المطالب المتواصلة منذ سنوات.