هولندا - بوابة اللاجئين الفلسطينيين
تقرير : وليد صوان
خطوات أولى نحو الإعلام الهولندي يخطوها صحفيون فلسطينيون وصلوا حديثاً إلى أوروبا، بعد اضطرارهم للفرار من سوريا جراء الحرب فيها، حيث بدؤوا تجربة جديدة، لا تخلو من المصاعب.
اكتساب اللغة الجديدة للبلاد، واختلاف أجواء العمل الصحفي في أوروبا عن مثيلاتها في المؤسسات العربية، وعدم المعرفة بالبرامج الهولندية المخصصة للإعلاميين، تشكل عقبات أمام ممارستهم المهنة، لكن ذلك لم يمنعهم من خوض هذه التجربة، باعتبار أن المحاولة والإصرار هما أحد أسرار النجاح.
"عبده الأسدي" صحفي فلسطيني، عمل في العديد من المؤسسات الصحفية والتلفزيونات العربية في سوريا ولبنان، بدأ مؤخراً تجربة جديدة في شبكة (نورد هولند rtv/NH) لمدة ستة أشهر بمعدل 4 أيام أسبوعياً، ويمكن تمديدها لفترة أطول، وفي نفس الوقت يتابع دوارات اللغة.
يؤكد الصحفي الفلسطيني أن في التجربة كثيراً من التحدي، فهو يعمل في مهنة أداتها اللغة التي لا يمتلكها بشكل كافي، لكن الإصرار على مواجهة غربة المكان، ووحشة اللسان هما ما يدفعانه لذلك.
يقول الأسدي لموقع بوابة اللاجئين: "عندما طُرِحَ الأمر على الشبكة التلفزيونية تَحَمَسْتُ له، وباشرتُ التدريب بمرافقة الصحفيين الهولنديين، منذ لحظة اختيار فكرة التقرير التلفزيوني، وإجراء المقابلات والتصوير والمونتاج، وأقوم بإجراء المقابلات باللغة الهولندية بنفسي".
هذه التجربة أتاحت له الاحتكاك المباشر بالجو الصحفي الأوروبي، والإطّلاع على آليات العمل بالمؤسسات الصحفية الهولندية التي تختلف كلياً عن نظيرتها العربية.
وأضاف أن "الصحفي هنا لديه الحرية المطلقة في اختيار فكرة التقرير وعرضها على رئيس الفترة (البروديوسر)، ثم يقوم بتصوير المقابلات ومونتاج التقرير بنفسه، وهذا الأمر غير موجود في المؤسسات الصحفية العربية".
وتابع "يوجد اختلاف كبير بطبيعة المضامين الصحفية الأوروبية عن العربية، فهنا يركزون على المواضيع المحلية، كابتكار فلان من الناس لاختراع معين أو نشاط محلي...الخ، في حين يتم التركيز في الصحافة العربية على الحروب والمشاكل السياسية".
حرية كبيرة وجدها الأسدي خلال تجربته الصحفية في الشبكة الهولندية التي تغطي الأنشطة والأحداث في شمالي البلاد، فالجميع تحت النقد، الملك الوزير... الخ، ولا خطوط حمراء، كما أن الإعلام الأوروبي لا يعرض صور العنف والدماء، حرصاً على عدم إزعاج المشاهد.
اكتسب الأسدي بهذه التجربة تحسناً كبيراً في اللغة الهولندية التي بات يمارسها بالشبكة الإعلامية، إضافة إلى معرفة خصوصية الكتابة الصحفية باللغة الهولندية التي تختلف عن اللغة اليومية.
وحول العنصرية في التعامل، يؤكد الأسدي عدم مصادفته لأي موقف، وربما يكون قد حصل ذلك مع غيره، لكنه لفت إلى وجود صورة نمطية عن العرب والمسلمين وأحكامٍ مسبقة، إضافة إلى وجود تخوف ممن يسموهم "المتطرفين المسلمين".
أما عن مستقبله بالعمل كصحفي فتحدث عن تفاؤله بالحصول لاحقاً على عمل ولو جزئي .
خالد عثمان.. تجربة مماثلة
الصحفي الفلسطيني خالد عثمان، عمل سابقاً في تلفزيون "فلسطين اليوم" بمكتب سوريا، ووكالة سانا، وأدرك مبكراً حتمية تعلم اللغة الهولندية إلى أعلى مستوى ممكن، ليمارس العمل الصحفي مجدداً، في بلد اللجوء.
اتفق عثمان مع إحدى الصحف المحلية "Heemsteder " على كتابة عمود صحفي أسبوعي باللغة الهولندية ليحقق هدفين بحسب ما يقول: "الأول خلق منبر للتعبيرعما أريد قوله كصحفي وكأب لطفلتين يختبر العيش في مجتمع جديد، ويحاول اكتشافه، بقدر ما يحاول تعريف المجتمع الجديد بهويته الثقافية الاصلية، أو محاولة بناء جسر ثقافي بين مجتمعين مختلفين، اضطرا للالتقاء في مساحة جغرافية واحدة هي هولندا".
ويضيف "الهدف الثاني بالنسبة إلي كان محاولة إلزام نفسي بكتابة المقال باللغة الهولندية، لتسريع وتيرة تعلمها, مع أن المقال الواحد من 400 كلمة كان يستغرق أحياناً عشر ساعات من العمل المتواصل والترجمة، والبحث في المعجم وسؤال الأصدقاء, "خاصة المقالات الأولى التي كتبتها".
لكن هذه الصعوبات تقلصت مع مرور الوقت، فباتت كتابة المقال أو العمود يستغرق ساعتين فقط، لإثبات أن ما يبدو مستحيلا يصبح ممكناً مع التجربة واختبار الإرادة الصعب، على ما يؤكد.
ركز عثمان في مقالاته على شرح عادة أو ظاهرة تلتبس على فهم الهولنديين للمجتمعات العربية والمسلمة، أو حول مناسبة عربية معينة، ومحاولة شرحها أو تقريبها من خلال مقارنتها بعادة مشابهة في المجتمع الهولندي (صيام رمضان – الحجاب – دور المرأة وعلاقتها مع الرجل في مجتمعاتنا – صعوبات تعلم اللغة الهولندية بالنسبة للعرب - هل نحتفل بعيد الميلاد ورأس السنة في سوريا؟ .. وغير ذلك).
مواضيع أخرى كتب عنها عثمان حول انطباعاته الإيجابية أو السلبية عن نمط الحياة في هذا البلد، وما الذي يثير إعجابه؟ وما الذي قد لا يستحسنه؟
أما عن ردود فعل القراء الهولنديين، فأوضح الصحفي الفلسطيني أن العديد من الردود تأتيه عبر البريد الإلكتروني الذي يُرفق مع كل عمود صحفي يكتبه، فتتفاوت بالكم والحدة سلباً وإيجاباً، حسب المادة الصحفية، فبعضها استدعى تعليق القراء ومطالبة الجريدة بتوضيح أو نشر الرد وهو ما كانت الجريدة تنشره أيضاً.
رغم هذه التجربة المهمة لخالد وعبده إلا أنهما لم يتخليا عن مشاريعهما الإعلامية وطموحاتهما المهنية باللغة العربية، حيث يسعين مع بعض الزملاء الصحفيين من سوريا إلى تأسيس مشروع إعلامي عربي في هولندا.
تجربة جديدة يخوضها الأسدي في تلفزيون هولندي
عمود صحفي اسبوعي بقلم الصحفي الفلسطيني خالد عثمان