مع دخول حرب الإبادة "الإسرائيلية" على قطاع غزة عامها الثاني، تزايدت تأثيراتها على الناشطين الفلسطينيين الشباب في أوروبا، حيث انضم العديد منهم إلى الحراك الجماهيري، بينما أدى استمرار الحرب والقمع في بعض الدول الأوروبية إلى إحباط بعض الشباب بسبب توسع رقعة العدوان "الإسرائيلي" ليشمل قطاع غزة ولبنان والضفة الغربية.
وخلال عام مضى، شهدت دول أوروبا تحركات شبابية متنوعة، من مظاهرات وندوات وحملات توعية لدعم القضية الفلسطينية، مستفيدين من منصات التواصل الاجتماعي (رغم قمعها المحتوى الفلسطيني) لنقل معاناة الفلسطينيين إلى العالم.
ومع ذلك، واجه الناشطون تحديات في استيعاب الشباب الجدد ضمن المؤسسات القائمة، رغم اختلاف أساليب العمل.
تعزيز الانتماء الوطني
الناشط الفلسطيني مدحت العيماوي أكد أن حرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة ومشاهد المجازر القاسية عزز الانتماء الوطني بين الشباب الفلسطيني في أوروبا، حيث زاد وعيهم بالقضية الفلسطينية وشعروا بمسؤولية أكبر تجاه وطنهم.
وأشار لبوابة اللاجئين الفلسطينيين إلى أن الشباب صاروا أكثر ارتباطًا بتاريخهم وثقافتهم من خلال الأنشطة الاجتماعية والسياسية، مشددًا على أهمية بناء شبكات أقوى بين الجاليات الفلسطينية وتعزيز مشاركة الشباب في النشاطات الحقوقية والسياسية.
وأوضح الناشط المقيم في هولندا أن الحرب شكلت حافزاً لدى الشباب للمشاركة في النشاطات السياسية والحقوقية، من خلال تنظيم مظاهرات وندوات وحملات توعية لدعم حقوق الفلسطينيين في العالم، مؤكداً أنهم استخداموا منصات التواصل الاجتماعي لنقل معاناة الشعب الفلسطيني إلى العالم، حيث وفرت مساحة لنشر الوعي وتغيير الصورة النمطية عن القضية.
مشاركة أوسع
بدوره، أشار الناشط الفلسطيني عبد العزيز العلي إلى أن مجازر الاحتلال دفعت الكثير من الشباب، حتى غير المهتمين سابقًا بالسياسة، إلى المشاركة في الفعاليات الاحتجاجية، مؤكداً على أهمية استيعاب الناشطين الجدد وتجنب التصادم معهم، معتبراً أنهم يشكلون مكسباً لتطوير الحراك الشبابي مستقبلاً.
وأوضح العلي المقيم في السويد أن هناك ضرورة للعمل من أجل استيعاب أعداد الناشطين الشباب بشكل سريع، حتى وإن كانت وجهة نظرهم وأسلوب عملهم مختلفة عما هو قائم، وإلى ضرورة البعد عن التصادم معهم، والعمل على إيجاد حلول وسط توفق بين الناشطين القدامى والجدد.
وشدد أن الاستفادة من الناشطين الشباب الجدد يمثل مكسباً مهماً على المدى البعيد من ناحية تطوير العمل الشبابي وتطويره والارتقاء به، وصولاً إلى التأثير على أصحاب القرار.
تحديات وإحباطات
من ناحية أخرى، عبرت الناشطة ملك بستوني عن إحباط بعض الناشطين بعد مرور عام دون تحقيق تأثير ملموس على سياسات الدول الأوروبية، مشيرة إلى أن بعض الدول مثل ألمانيا والنمسا باتت أكثر تطرفًا في دعمها لإسرائيل.
وقالت: إن "الشعور باللاجدوى والنفاق الاوروبي سيطر على جاهزية الشباب والشابات، وقدرتهم على المواصلة، خاصة أن الحرب اتسعت وطالت لبنان والضفة الغربية".
ترى بستوني أن أسباب إضعاف الحراك الشعبي تكمن بتفضيل الاصوات المتضامنة على الصوت الفلسطيني وتقديم الفلسطينيي على أنه "الجزء الفلكلوري للحراك (كالزعتر، والكوفية)"، إضافة إلى الرغبة بتحييد الصوت الفلسطيني عن الساحة السياسية إن كان بإسكاته من قبل الحكومات أو إبعاده واستبداله بأصوات من "أصول بيضاء" من قبل المتضامنين، بحسب تعبيرها.
وترى أيضاَ أن خطأ الفلسطينيين في الشتات الأوروبي، يكمن بتقصيرهم خلال الفترات السابقة في ترسيخ البنية المؤسسية بالخارج، ما أدى بهم لمواجهة هذه الحرب كأفراد، إذ "غاب الخطاب الوطني في ساحات الحراك على مستوى أوروبا".
تعقب الناشطة الفلسطينية أن وصفها لهذا الواقع ليس لنشر الإحباط واليأس، وإنما لتقييم للحراك في اوروبا ومآلاته خلال عام كامل، ويصب في مسار النقد الذاتي على أمل معالجة الخطأ.
يشكل الحراك الشبابي في أوروبا جزءًا مهمًا في المواجهة مع الاحتلال "الإسرائيلي" في ظل انتشار اللوبيات "الإسرائيلية" على امتداد القارة والانحياز الواضح والمتزايد من قبل أغلب الحكومات الأوروبية لـ "إسرائيل" رغم مجازرها التي تنتهك كافة القوانين الدولية، لكن التحديات التي يواجهها هذا الحراك تتطلب تنظيمًا أفضل واستيعابًا للشباب الجدد لضمان استمرار دعم القضية الفلسطينية على المستوى الدولي.