تشهد المخيمات الفلسطينية في مدينة صور جنوب لبنان، عودة عدد من العائلات الفلسطينية النازحة إلى منازلها، وذلك بسبب نقص الخدمات الأساسية والإنسانية المتاحة في مراكز الإيواء التي فروا إليها منذ بدء الحرب "الإسرائيلية" على لبنان.
ورغم تعرض مدينة صور لغارات "إسرائيلية" وحشية ومدمرة، آثرت أعداد من اللاجئين العودة، وفضلت الخطر عن الحاجة الإنسانية، والفاقة التي عانتها في مراكز الإيواء، فيما تتزايد معاناة اللاجئين الفلسطينيين النازحين من مخيمات وتجمعات منطقة صور، في ظل دعوات محلية للتدخل العاجل وتوفير الخدمات اللازمة للاجئين النازحين والمقيمين في المخيمات على حد سواء.
عودة جزئية إلى المخيمات بسبب نقص الخدمات في مراكز الإيواء
تشير التقديرات المحلية إلى أن 50% من عائلات مخيم البرج الشمالي، و30% من عائلات مخيم البص، و45% من عائلات مخيم الرشيدية ما زالت تقيم في المخيمات الفلسطينية.
وعادت معظم العائلات التي كانت قد لجأت إلى مراكز الإيواء التي أعلنت عنها وكالة "أونروا" بسبب عدم توفر الخدمات الضرورية والإمكانيات الأساسية التي تتناسب مع الاحتياجات الإنسانية والاجتماعية لهم، فيما تواجه العائلات صعوبات كبيرة في مراكز الإيواء، حيث إن الظروف المعيشية فيها لا توفر لهم أبسط مقومات الحياة الكريمة.
وشهدت مخيمات صور عودة جزئية لخدمات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" مؤخراً، وذلك بعد انقطاع استمر منذ بداية الحرب "الإسرائيلية" على لبنان قبل ما يقارب الشهر.
عودة هذه الخدمات، رغم كونها جزئية، جاءت بعد مطالبات واسعة من السكان ومنظمات حقوقية بضرورة استئناف "أونروا" لأنشطتها الإنسانية والإغاثية في المخيمات الفلسطينية في لبنان.
وقد تمثل ذلك في إعادة فتح بعض العيادات الصحية في المخيمات، لكن بشكل محدود ليوم واحد فقط في الأسبوع، وهو ما لا يكفي لتلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان.
من جهتها، أعربت سعاد، إحدى النازحات من منطقة صور، في حديث لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، عن معاناتها وتجربتها قائلة: "لم نستطع البقاء في مراكز الإيواء؛ بسبب عدم توافر الخدمات الضرورية، وقررنا العودة إلى المخيم والبقاء فيه، وذلك بالرغم من توقف العمل في المخيم، إلا أن العيش في منزلنا هناك أفضل بكثير من العيش في مركز الإيواء، خاصة فيما يتعلق بالنظافة الشخصية".
وشهدت معظم العائلات الفلسطينية في مخيمات وتجمعات صور موجة نزوح عارمة منذ بداية الحرب، استجابة لأوامر الإخلاء العسكرية التي وجهها جيش الاحتلال للعديد من القرى والبلدات الجنوبية. ومع استمرار الحرب وتزايد وتيرة القصف، باتت عودة بعض العائلات إلى المخيمات، رغم المخاطر ضرورة بسبب الظروف الصعبة في مراكز الإيواء.
دعوات لتوفير الخدمات الإنسانية والإغاثية في ظل استمرار الحرب
مع تواصل الحرب وتوقف غالبية العمال عن العمل، تتزايد الدعوات إلى توفير الخدمات الإغاثية والإنسانية لكافة العائلات الفلسطينية في مخيمات الجنوب اللبناني.
وناشدت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) في تقرير نشرته بتاريخ 23 أكتوبر/تشرين الأول، وكالة "أونروا" بضرورة توفير المساعدات لكل اللاجئين وضمان وصولها إلى جميع العائلات دون تمييز بين نازح ومقيم.
وأكدت "شاهد" على أهمية تحسين الظروف المعيشية الصعبة التي يواجهها النازحون، ودعت إلى توفير المساعدات النقدية بشكل شهري وعاجل لكافة الفئات العمرية للعائلات.
ومن جانبه، دعا مدير منظمة "ثابت لحق العودة"، سامي حمود، وكالة "أونروا" إلى تحمل مسؤولياتها القانونية والإنسانية والإغاثية تجاه اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، سواء كانوا نازحين أو مقيمين في المخيمات.
واستنكر حمود استمرار إغلاق العيادات الصحية في مخيمات صور، متسائلاً عن الأسباب التي تحول دون تقديم الخدمات والمساعدات اللازمة للعائلات الفلسطينية التي تصمد في المخيمات، رغم الحرب "الإسرائيلية" المستمرة على لبنان.
توزيع النازحين الفلسطينيين: تحديات مراكز الإيواء
ويتوزع النازحون الفلسطينيون الذين فروا من الحرب على مراكز إيواء حددتها "أونروا" في عدة مدن لبنانية، من بينها صيدا وبيروت وطرابلس. ورغم الجهود المبذولة من قبل المنظمات الإنسانية، إلا أن الظروف المعيشية في هذه المراكز لا توفر الحياة الكريمة للعائلات التي وجدت نفسها بين نارين: الحرب التي تلاحقهم وتفشي نقص الخدمات الضرورية.
ومع استمرار العدوان "الإسرائيلي" على لبنان، يتزايد الضغط على "أونروا" والمنظمات الإنسانية لتحسين الخدمات والإمدادات المقدمة للاجئين الفلسطينيين في لبنان، في وقت يحتاج فيه السكان لضمان توفير الخدمات الأساسية لجميع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، سواء كانوا في المخيمات أم مراكز الإيواء، وتوفير الحماية والدعم اللازم لهم في ظل هذه الأوضاع الإنسانية الصعبة التي تتفاقم يوماً بعد يوم.
اقرأ/ي أيضا: 85 ألف نازح فلسطيني و45 شهيداً منذ بدء العدوان "الإسرائيلي" على لبنان