أقر ما يسمى كنيست الاحتلال "الإسرائيلي" مشروع قرارين لحظر عمل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة مساء الاثنين 28 تشرين الأول/ أكتوبر، وسط إدانات واسعة صدرت عن جهات أممية وفلسطينية وعربية رافضة للقرار.

يأتي ذلك بعد أن ناقش "الكنيست" مشروع القانون الذي صادقت عليه لجنة الخارجية والأمن في 13 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، ضمن إجراءات الاحتلال ضد وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا". وقد أحيل للتصويت بالقراءتين الثانية والثالثة في الهيئة العامة للكنيست ليصبح قانونًا نافذًا، بعد أن لقي تصويتاً بأغلبية 92 صوتا مقابل 10 أصوات معارضة، بعد سنوات من التحريض واستهداف وكالة "أونروا" وسط حملات تشويه منذ بدء حرب الإبادة على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.

وينص القانون المقترح على منع أي نشاط لوكالة "أونروا" في أراضي دولة "إسرائيل"، إذ يحظر تشغيل أي مكاتب تمثيلية أو تقديم خدمات أو تنفيذ أي نشاط بشكل مباشر أو غير مباشر في الأراضي التي يعتبرها الاحتلال ذات سيادة لـ" إسرائيل". كما يتضمن القانون بدءًا متأخرًا لتطبيق أحكامه. كما صوّتت الأغلبية في الكنيست لصالح قانون ثانٍ يستهدف "إغلاق أونروا"، وهو ما يعني حظر أي اتصالات رسمية بين الحكومة الإسرائيلية والوكالة، مع منع إصدار تأشيرات دخول لموظفيها، وإلغاء إعفاءاتها الضريبية، إضافة إلى حظر تعامل الجمارك معها.

"أونروا": خطوة مشينة وكارثة تؤثر في العملية الإنسانية بغزة

وبدورها، وصفت وكالة "أونروا" خطوة إقرار "برلمان الاحتلال" مشروع قانون يحظر أنشطتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة بأنها "مشينة".

وقالت المتحدثة باسم الوكالة جولييت توما في تصريح صحفي: "إنه لأمر مشين أن تعمل دولة عضو في الأمم المتحدة على تفكيك وكالة تابعة للأمم المتحدة هي أيضاً أكبر مستجيب في العملية الإنسانية في غزة".

 وأضافت: ان "هذا القرار إذا تم تنفيذه فسيشكل كارثة بما يشمل التأثير المحتمل على العملية الإنسانية في غزة وفي عدة أجزاء من الضفة الغربية"، مضيفة أن الوكالة هي المزود الرئيسي "للمأوى والغذاء والرعاية الصحية الأولية" في غزة.

ومن جهته، أكد المفوض العام لوكالة "أونروا" فيليب لازاريني أن هذا أمر غير مسبوق، ويشكل سابقة خطيرة معللاً بأنه يعارض ميثاق الأمم المتحدة، وينتهك التزامات دولة "إسرائيل" بموجب القانون الدولي.

وأوضح لازاريني في منشور عبر صفحته بمنصة (إكس)، أن هذا هو أحدث مشروع قانون في الحملة المستمرة لتشويه سمعة "أونروا" ونزع الشرعية عن دورها في تقديم مساعدات التنمية البشرية والخدمات للاجئين الفلسطينيين.

وأشار إلى أن هذه القوانين لن تؤدي إلا إلى تعميق معاناة الفلسطينيين، وخاصة في غزة حيث يعيش الناس أكثر من عام من الجحيم.

وبيّن أن هذه القوانين ستحرم أكثر من 650 ألف فتاة وفتى من التعليم، مما يعرض جيلاً كاملاً من الأطفال للخطر لافتاً إلى أنها تزيد معاناة الفلسطينيين، ولا تقل عن العقاب الجماعي.

وأضاف لازاريني أن إنهاء "أونروا" وخدماتها لن يحرم الفلسطينيين من وضعهم كلاجئين، بل إن هذا الوضع محمي بقرار آخر من الجمعية العامة للأمم المتحدة، حتى يتم التوصل إلى حل عادل ودائم لمحنة الفلسطينيين.

وأكد أن الفشل في رفض هذه القوانين "من شأنه أن يضعف آليتنا المتعددة الأطراف المشتركة التي أنشئت بعد الحرب العالمية الثانية".وشدد على أن هذه القوانين يجب أن تكون مصدر قلق للجميع.

الأمم المتحدة: القانون سيحمل عواقب مدمرة على اللاجئين الفلسطينيين

 الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أكد بدوره أن تطبيق قانون يحظر على وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" العمل في الأراضي المحتلة، قد يكون له عواقب مدمرة على اللاجئين الفلسطينيين.

وأضاف غوتيريش في منشور عبر صفحته بمنصة (إكس):" أدعو إسرائيل إلى التصرف بشكل متسق مع التزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي. لا يمكن للتشريعات الوطنية أن تغير تلك الالتزامات".

وأشار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى أنه سيعرض الأمر على الجمعية العامة للأمم المتحدة المكونة من 193 عضوا.

دائرة شؤون اللاجئين: القانون انتهاك واضح ومباشر لميثاق وأهداف ومقاصد الأمم المتحدة 

بدورها، أدانت دائرة شؤون اللاجئين بمنظمة التحرير الفلسطينية قرار "الكنيست الإسرائيلي" بالمصادقة على قانون يحظر نشاط وكالة "أونروا" داخل إسرائيل، خصوصاً في القدس، ويهدف إلى إلغاء الامتيازات والحصانات التي تمتعت بها الوكالة منذ عام 1949. 

وأكد أحمد أبو هولي، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أن هذا القانون يأتي ضمن جهود الاحتلال لإنهاء عمل "أونروا" وتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، معتبرًا أن القرار يمثل انتهاكاً لميثاق الأمم المتحدة، وقرارات الجمعية العامة، وقرار مجلس الأمن الأخير الذي يشدد على حماية المنظمات الدولية.

واعتبر د. أبو هولي ان القانون "الإسرائيلي" المصادق عليه يشكّل انتهاكاً واضحا ومباشرا لميثاق وأهداف ومقاصد الأمم المتحدة وشروط العضوية فيه، واعتداءً على وكالاتها ومنظماتها، وعلى الأعراف والاتفاقيات الدولية، وانتهاكاً سافراً لقرارات الجمعية العامة ذات الصلة بحصانات وحماية المنظمات الدولية بما فيها قرار تأسيس الأونروا رقم 302 وفق المادة (17)، ولقرار مجلس الأمن رقم 2730 الذي اعتمد في 24 أيار/مايو 2024، والذي يلزم الدول احترام وحماية مؤسسات الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني، ويتعارض مع قرار محكمة العدل الدولية وفتواه القانونية التي أكدت أنه لا سيادة لإسرائيل على الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس.

فصائل فلسطينية: القرار تصفية للقضية الفلسطينية

حركة المقاومة الإسلامية حماس أدانت قرار حظر أنشطة وكالة الأونروا، واعتبرت أن التشريع الذي أقره البرلمان "الإسرائيلي" بغالبية ساحقة يشكل "جزءًا من حرب الصهاينة وعدوانهم على شعبنا لتصفية قضيتنا وحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم التي هُجِّروا منها قسراً على يد العصابات الصهيونية".

بدورها، ندّدت حركة الجهاد الإسلامي، بـ"إمعان الاحتلال في حرب الإبادة" ضد الفلسطينيين. واعتبرت أن مشروع القانون الذي أقره الكنيست هو إهانة علنية لهيئة الأمم المتحدة ومؤسساتها، وقرارتها، ولما يسمى بالشرعية الدولية، ويتنافى مع كل القرارات الدولية.

وقالت الحركة: "من المستغرب والمستهجن عدم العمل على طرد الكيان الصهيوني من عضوية الهيئة العامة للأمم المتحدة ومؤسساتها كافة، بعد كل الانتهاكات الفاضحة لكل مواثيقها، واستهزائه بقرارتها، وإهانته المستمرة لمؤسساتها، بما في ذلك أمينها العام".

الرئاسة الفلسطينية: القرار تحدٍ لقرارات الأمم المتحدة

وبدوره، قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة: "إننا نرفض وندين التشريع الإسرائيلي بخصوص وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا" مؤكداً أنه مخالف للقانون الدولي، ويشكّل تحدياً لقرارات الأمم المتحدة التي تمثل الشرعية الدولية.

 وأضاف أبو ردينة أن القرار يهدف إلى تصفية قضية اللاجئين وحقهم في العودة والتعويض، وهذا "لن نسمح به"، مؤكداً أن القرار "ليس فقط ضد اللاجئين، وإنما ضد الأمم المتحدة والعالم الذي اتخذ قراراً بتشكيل أونروا".

 وشدد على أن "القرار يهدف إلى تصفية قضية اللاجئين وحقهم في العودة والتعويض، وهذا لن نسمح به".

الأردن: انتهاك صارخ للقانون الدولي

وأدانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنيين، بأشد العبارات قرار الاحتلال بشأن منع "أونروا" من العمل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومنع موظفيها من الحصول على الامتيازات والحصانات الدبلوماسية الممنوحة لمنظمات الأمم المتحدة العاملة في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، باعتبارها انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي ولالتزامات "إسرائيل" باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال في الأرض الفلسطينية المحتلة.

وقال الناطق الرسمي باسم الوزارة السفير سفيان القضاة في بيان، إن إقرار هذه القوانين يعد جزءاً من حملة الاستهداف الممنهج للوكالة واستمراراً لمساعي إسرائيل المحمومة لاغتيال الوكالة سياسياً، وإمعاناً في حربها العدوانية على الشعب الفلسطيني.

مشيراً إلى أن هذه الإجراءات والممارسات "الإسرائيلية" غير شرعية وباطلة، وأكد أن محاولات "إسرائيل" استهداف الوكالة ورمزيتها التي تؤكد حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة والتعويض وفق القانون الدولي، مصيرها الفشل.

وشدد القضاة على ضرورة تحرك المجتمع الدولي بشكل فوري وعاجل للتصدي للممارسات الإسرائيلية العدوانية ضد الفلسطينيين، وضرورة فرض إجراءات رادعة تضمن توفير الحماية للشعب الفلسطيني ومنظمات الأمم المتحدة والجهات الإغاثية.

وحذر من العواقب الكارثية لاستمرار حملة الادعاءات والإجراءات "الإسرائيلية" الهادفة إلى اغتيال "أونروا" سياسياً وعرقلة جهودها في تقديم خدماتها الأساسية وتوفير المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في ظل الكارثة الإنسانية التي تخلفها "إسرائيل" في حربها العدوانية على قطاع غزة، وتصعيدها الخطير المتواصل في الضفة الغربية والقدس الشرقية.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد