مع استمرار العدوان "الإسرائيلي" على لبنان، تصاعدت معاناة اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات البلاد، ففي مخيم نهر البارد شمالي لبنان، ورغم عدم تعرضه مباشرة للقصف، أصبح وجهة رئيسية للنازحين الفارين من مناطق الاستهداف، سواء كانوا فلسطينيين أو لبنانيين أو سوريين، لما يُعدّه كثيرون أحد الأماكن الأكثر أماناً في المخيمات الفلسطينية، وهو ما خلق واقعاً اقتصادياً ومعيشياً مركباً بين ازدهار تجاري وفاقة معيشية!
أزمات اقتصادية خانقة وبطالة مرتفعة
يواجه سكان المخيم ظروفاً اقتصادية شديدة الصعوبة، مع شحّ الموارد المالية، ومحاولات دفع حركة البيع إلى الأمام عبر خفض الأسعار، وهو ما أوضحه اللاجئ محي الدين السعيد، بائع خضار، وقال لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: "نحنا مخنوقين، الشباب وعائلات المخيم مخنوقة، ولا نقول سوى الحمد لله" موضحاً أنه يحقق دخلاً يومياً لا يتجاوز 600 ألف ليرة لبنانية، وهو مبلغ بالكاد يغطي احتياجاته وعائلته، ومع ذلك يبيع بأرخص الأسعار لتخفيف الأعباء عن النازحين، تحت شعار " نريد الفقير أن يأكل" حسبما عبّر.
بدوره، يوضح اللاجئ فارس سليمان أن نسبة البطالة في المخيم وصلت إلى نحو 80%، مشيراً إلى أنه شخصياً يعاني من البطالة منذ عام كامل، قائلاً: "نبحث عن عمل دون جدوى، ولا نجد أي فرص".
أما اللاجئ أحمد سعدة، فيسلط الضوء على تأثير النزوح الكبير على المخيم، مشيراً إلى نقص حاد في المستلزمات الأساسية مثل الفرشات، والبطانيات، والمخدات، بالإضافة إلى الغذاء، مشيراً إلى أنّ "الاكتظاظ زاد من احتياجات السكان، وأثقل كاهل الجميع".
ازدهار تجاري محدود يقابله تدهور لأوضاع سكان المخيم
ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة لسكان المخيم، شهدت بعض الأنشطة التجارية انتعاشاً نتيجة احتياجات النازحين، فاللاجئ إسماعيل السيد، صاحب محل ملابس يقول: "وجود النازحين زاد الطلب على الألبسة والمواد الأساسية، ما أدى إلى ازدهار الحركة التجارية".
لكنه أشار إلى أن القدرة الشرائية لسكان المخيم لا تزال ضعيفة جداً، مما يضعف استفادة الأهالي من هذا النشاط الاقتصادي.
وفي السياق نفسه، يؤكد زياد شتيوي، صاحب متجر للألبسة المستعملة (البالي)، أن النازحين أنعشوا تجارة الملابس والأحذية، مضيفاً: "رغم هذا الانتعاش، فإن سكان المخيم يعانون بشدة، فالكثير من العائلات الفقيرة استقبلت النازحين وشاركتهم مواردها، لكنها الآن بحاجة ماسة للمساعدة".
دعوات للمؤسسات الدولية لدعم اللاجئين والنازحين
في ظل هذه الأزمات، ناشد سكان مخيم نهر البارد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" والمؤسسات الدولية تحمل مسؤولياتها وتقديم الدعم اللازم، وهو ما عبّر عنه اللاجئ إسماعيل السيد، وقال: "الكثافة السكانية داخل المخيم أصبحت كبيرة جداً، وأبناء المخيم بحاجة للدعم لمساعدة من لجأ إليهم".
من جانبه، أكد اللاجئ زياد شتيوي أهمية دور وكالة "أونروا" معتبراً أنّه "يجب على الوكالة أن تأخذ دورها بشكل فاعل، لمساعدة النازحين وسكان المخيم على حد سواء".
أما أحمد سعدة، فشدد على ضرورة قيام الوكالة الدولية المعنية بإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، بواجباتها الأساسية لافتاً إلى الحاجة إلى تحرك حقيقي لمواجهة هذه الأزمة المتفاقمة".
ومع تفاقم الأزمة الإنسانية في مخيم نهر البارد الذي أضحى موئلاً أساسياً للنازحين، تتزايد المطالبات بتدخل سريع من الجهات الدولية، لتوفير الاحتياجات الأساسية وتحسين الظروف المعيشية، في ظل وضع يهدد بمزيد من التدهور.
شاهد/ي التقرير