تباينت مواقف الفلسطينيين في أوروبا من سقوط نظام بشار الأسد بين الخوف والفرحة والدهشة والحزن، فبعض الفلسطينيين أخذتهم الدهشة والحذر من القادم المجهول، وكثيرون عبروا عن سعادتهم بسقوطه وتحرر السوريين من بطش هذا المستبد، وآخرين عبّروا عن خوفهم من مستقبل بلا عائلة الأسد على اعتبار أنه ووالده صدّروا أنفسهم كمدافعين عن القضية الفلسطينية.
الناشطة الفلسطينية ملك بستوني أكدت أنها كفلسطينية سورية تلقت الخبر، كما السوريين كلهم، كونه خبراً رائعاً أمطرها سعادة ما بعدها سعادة، فقد شهد الفلسطينيون المقيمون في سوريا، معاناة قاسية جراء السياسات القمعية، خاصة بعد انطلاق الثورة السورية، وانضمام الكثير من الفلسطينيين إلى صفوف الثوار، والتي شملت التهجير والتغييب والاعتقالات التعسفية، بحسب بستوني.
وقالت "بعد سنوات من الصراع والمعاناة، جاء خبر سقوط الأسد كشرارة أمل لشريحة واسعة من الفلسطينيين الذين حلموا بالحرية والكرامة، لقد تحملوا أعباء اللجوء إلى المرة الثانية والعيش في ظروف صعبة، حيث فقد الكثيرون منهم منازلهم وأحباءهم، أو بالحد الأدنى حرموا لقاء ذويهم".
وأضافت أن "الفرحة التي اجتاحت قلوبهم لم تكن مجرد فرحة سياسية، بل كانت تعبيرا عن تخفيف الضغط النفسي والاجتماعي الذي عاشوه، وإن سقوط النظام يعني بداية جديدة، وفرصة للمصالحة، وإمكانية بناء حياة أفضل لأجيال قادمة".
وتابعت "رغم التحديات التي لا تزال قائمة، يبقى الفلسطينيون متفائلون بمستقبل أكثر إشراقاً، وسوريا حرة ديمقراطية، فسقوط بشار الأسد يمكن أن يحمل تأثيرات متباينة على القضية الفلسطينية، تتراوح بين الإيجابية والسلبية، وذلك بالنظر إلى السياق السياسي والعملي في المنطقة".
أما عن التأثيرات الإيجابية، فلفتت الناشطة إلى أنها تكمن في تخفيف القمع فسقوط النظام قد يفتح المجال أمام الفلسطينيين في سوريا للاستفادة من حرية أكبر، حيث يمكنهم التخلص من القيود التي فرضها النظام عليهم، مثل الاعتقالات ومنع التعبير عن الرأي.
وأفادت بأن التغيير السياسي القادم يمكن أن يحمل طرفاً لديه رغبة حقيقية بدعم القضية الفلسطينية، وإذا صح هذا الاحتمال، فستشهد القضية نصرا حقيقيا بدعم دولة مثل سوريا.
كما أشارت بستوني إلى أن التأثيرات السلبية قد تكون الفوضى وعدم الاستقرار، ما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية والسياسية، ما ينعكس سلباً عليهم بالدرجة الأولى، والأهم من ذلك اقتناص الاحتلال "الاسرائيلي" فرصة عدم وجود منظومة أمنية أو جيش في سوريا وبدء احتلال القنيطرة وقصف مدن عديدة أخرى دون رادع.
وأوضحت أن من السلبيات تراجع الدعم الإيراني والروسي للفصائل الفلسطينية، ما قد يؤثر في قدرتها في مواجهة التحديات، فقد كانت هذه الدول إلى ما قبل سقوط الأسد، محوراً واحداً، فلا يمكن التنبؤ بمصيره بعد خروج الأسد من المعادلة.
بدوره رئيس اتحاد الجاليات الفلسطينية في أوروبا فوزي إسماعيل، أكد الموقف الفلسطيني الثابت في دعم الشعب السوري بعملية التغيير والبناء وتقرير المصير، من أجل مستقبلٍ قائم على العدالة الاجتماعية والديمقراطية، ومواجهة أي تدخلات أجنبية تستهدفها، واحترامها لخيارات هذا الشعب.
وشدد إسماعيل على ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وسيادتها الكاملة واستقلالها، وعلى الوقوف إلى جانبها في التصدي للعدوان الصهيوني الذي يستهدف كل الشعب السوري ومقدرات الدولة وسيادتها واستقرارها، محذراً من المخططات خاصة الغربية والصهيونية الرامية إلى استنزاف وتقسيم البلاد وإضعاف دورها.
كما ذكر رئيس اتحاد الجاليات الفلسطينية أنه مؤمن يقيناً بأن سوريا، بتضحيات شعبها وصمودها التاريخي، ستبقى سنداً وداعماً لحقوق الشعب الفلسطيني.
من جهته رئيس الجالية الفلسطينية في هولندا أيمن نجمة أكد أن سقوط النظام يمثل خطوة مهمة وداعمة لكل دعوات التحرر من الظلم والاستبداد، وفي مقدمتها المظلمة الكبيرة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في وجه الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من 7 عقود من الزمن.
ولفت نجمة إلى أن الشعب السوري استعاد حقوقه وحريته المسلوبة بعد عقود ممتدة من الاستبداد والظلم، ما دفعه إلى إطلاق ثورته، وخوضها لسنوات متواصلة، تطلع خلالها إلى الحرية والحياة الكريمة في وجه نظام حكم ظالم ومستبد.
وعبر عن مشاعر الفرح بسقوط النظام وتمنياته بالتكاتف وصولاً إلى بناء سورية الديمقراطية التي تجمع المواطنين كلهم، وتوحد طاقاتهم في وجه المكائد التي رسمت لإجهاض الثورة.