صعّدت قوات أمن السلطة الفلسطينية من اعتدائها على مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين شمالي الضفة الغربية المحتلة، فيما يستمر الإضراب العام في المخيم ومدينة جنين تنديداً بممارسات السلطة الأمنية.
وقالت مصادر إعلامية: إن اشتباكات تجددت بين عناصر أجهزة السلطة ومقاومين من كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس، بعد يوم مشؤوم قتلت فيه أجهزة أمن السلطة طفلاً ومقاوماً من كتيبة جنين في إطار عملية عسكرية تشنها على المخيم تحت عنوان "حماية الوطن".
عناصر السلطة تقتحم منزل الشهيد جعايصة وتحاصر جثمانه
مصادر محلية أكدت أن الاشتباكات بين مقاومين وعناصر أجهزة السلطة متواصلة منذ أيام، وهي منقطعة بين الحين والآخر، لكنها تجددت في محيط مخيم جنين وفي بعض شوارع المدينة، ووسط هذا خرجت بعض التظاهرات والاحتجاجات على ممارسات السلطة بحق مخيم جنين وسكانه والمقاومة فيه.
وعلى صعيد متصل اقتحمت أجهزة السلطة منزل عائلة الشهيد يزيد جعايصة الذي اغتالته قبل عدة أيام فيما نصبت قناصاتها باتجاه مخيم جنين وعكفت على حصار الغرفة التي يوجد فيها جثمان الشهيد ومنعت أي شخص من الدخول وسط انتشار مكثف لعناصرها في المخيم.
و تصاعدت الدعوات في محافظة جنين للتجمع والاحتشاد بهدف فك الحصار عن المدينة والمخيم كما خرجت مسيرات حاشدة دعماً للمقاومة ورفضاً لقمع أجهزة أمن السلطة لها.
وبدوره، نظم ديوان عشيرة "التركمان" مسيرة نحو مخيم جنين، تنديداً باستشهاد الطفل محمد العامر برصاص أمن السلطة أمس، ودعماً لأهالي المخيم ومقاومته، كما انطلقت مسيرة أخرى نظمتها أمهات الشهداء في مخيم جنين وقابلتها عناصر السلطة بإطلاق قنابل الغاز صوبهم.
يأتي هذا فيما يستمر الإضراب العام والشامل في مدينة ومخيم جنين حيث أغلقت المحال والأسواق أبوابها استجابة لدعوات الاحتجاج على اعتداءات أمن السلطة الفلسطينية.
و أعلنت مديرية التربية والتعليم في جنين تحويل التعليم إلى نظام إلكتروني وكذلك علقت كالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" خدماتها في المخيم بسبب الاشتباكات المسلحة المستمرة منذ نحو أسبوع.
كتيبة جنين: لم يبق لدى السلطة شيء أكثر تفعله
وقال مصدر قيادي في كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس: إن السلطة لم يبق لديها شيء تفعله أكثر مما فعلته خلال الأيام العشرة الماضية، وهي تريد البحث عن مخرج تدعي فيه السيطرة على المخيم، مشددا على أن "كتيبة جنين قوية، والأجهزة الأمنية لم تستطع اقتحام المخيم بل تمركزوا على المناطق المحاذية، بعدما استهدفوا المدنيين والأطفال بطرق غادرة".
وفي تقرير لها، قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" "الإسرائيلية": إن أجهزة أمن السلطة تعمل بـ"نموذج نابلس"، وهو النموذج الذي تحدث عنه رئيس الإدارة المدنية في جيش الاحتلال، ويقصد به دخول أجهزة أمن السلطة للمناطق التي كان جيش الاحتلال قد اقتحمها وأضعف فيها البنية التحتية للمقاومة.
وأشارت الصحيفة إلى وجود قرار "إسرائيلي" رسمي بالحفاظ على استقرار السلطة الفلسطينية ومنع انهيارها، وأن المؤسسة الأمنية "الإسرائيلية" تتصرف وفقاً لقرار "الكابينيت" وتعمل على استقرار السلطة الفلسطينية انطلاقا من المصلحة الأمنية "الإسرائيلية"، وهي تتابع عن كثب ما يجري حالياً.
مطالبة بإقالة ماجد فرج
وحملت كتائب شهداء الأقصى في الضفة الغربية رئيس جهاز مخابرات السلطة الفلسطينية ماجد فرج المسؤلية الكاملة عن الدم الذي يسيل بين أبنائنا من كلا الطرفين، لأنه تمترس خلف أحلام لن تتحقق، وسُتقبر الفتنة والأحلام بعزائم الشرفاء من أبناء شعبنا.
وقالت في بيان لها: "على مدار الأسبوع الماضي تجنبنا الانخراط في إبداء أي موقف حول الأحداث في جنين، كي لا نؤثر على سير العقلاء وتركنا مساحة للحوار بين الطرفين".
كما طالب البيان بإقالة ماجد فرج وتقديمه لمحاكمة عسكرية، ودعت عائلات عناصر الأجهزة الأمنية إلى "تجنيب أبنائهم المشاركة في هذه المؤامرة في جنين وكل محافظات الضفة".
وحذرت كتائب شهداء الأقصى كلاً من تثبت مشاركته بقتل أبناء الشعب الفلسطيني وتوجيه سلاحه لصدور المقاومين بأنه سيُلاحق بالقانون الثوري والعشائري.
ومن جهته، دعا مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية، القيادة السياسية والأمنية الفلسطينية إلى وقف العملية الأمنية في مدينة جنين ومخيمها فوراً، والذهاب إلى حوار وطني جاد ومسؤول بشكل عاجل.
وقال مجلس المنظمات الحقوقية، في بيان له: إن العملية التي تقوم بها أجهزة الأمن في جنين، أدت إلى وفاة عدد من المواطنين ووقوع إصابات، مشيراً إلى أن التطورات الخطيرة المتلاحقة غير محمودة العواقب وتهدد السلم الأهلي والمجتمعي.
ومن ناحيته، قال المجلس الوطني: "إن الوحدة الداخلية ضرورة ملحة، لحماية مشروعنا الوطني في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه قضيتنا الوطنية".
وأكد المجلس الوطني في بيان صدر عنه، مساء السبت، على "الحاجة الماسة للوحدة الداخلية وتغليب المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار، ومحاولات حرف بوصلة نضالنا الوطني تتطلب من الجميع الوقوف بمسؤولية تامة للتصدي لما يجري على الأرض، من خلال تعزيز سيادة القانون وقطع الطريق أمام كل من يحاول العبث بالسلم الأهلي وزعزعة استقرار مجتمعنا".