مع دخول الحظر "الإسرائيلي" لعمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" حيز التنفيذ اليوم الخميس 30 كانون الثاني/ يناير، توالت ردود الأفعال الدولية والأممية والفلسطينية التي ترفض وتدين قرار حظر الاحتلال للمنظمة التي تقدم خدماتها لملايين اللاجئين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة الضفة الغربية والقدس المحتلة ودول الشتات بسوريا ولبنان والأردن.
ويدخل اليوم حيز التنفيذ "قانون" أقرهما "كنيست الاحتلال" في أواخر تشرين الأول: أكتوبر، أحدهما يمنع "أونروا" من العمل داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة والآخر يمنع السلطات "الإسرائيلية" من أي اتصال مع "أونروا" التي تعد شريان حياة بالغ الأهمية لملايين اللاجئين الفلسطينيين.
الأمم المتحدة: لا بديل عن "أونروا"
الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريش: طالب السلطات "الإسرائيلية" بالتراجع عن قرارها، مشدّدا على أن الوكالة لا يمكن استبدالها، كما رفض مزاعم "إسرائيل" فيما يتّصل بسيادتها على شرقي القدس حيث يوجد مكتب لـ "أونروا".
يأتي هذا فيماجدد المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" "فيليب لازاريني" قوله خلال تصريحات صحفية بأنه لا بديل عن الوكالة للعمل في المجال الإغاثي في فلسطين مؤكداً عزمهم البقاء وتقديم المساعدات.
كما وصف القوانين "الإسرائيلية" بأنها تتحدى مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة وتستخف بأحكام محكمة العدل الدولية، لافتاً إلى أنها تتجاهل أن "أونروا" هي الآلية التي أنشأتها الجمعية العامة لتقديم المساعدة للاجئين الفلسطينيين ريثما تتبلور استجابة سياسية لقضية فلسطين.
رفض وإدانة دولية لقرار حظر "أونروا"
سبع دول أبلغت مجلس الأمن الدولي أنها تدين قرار الكنيست "الإسرائيلي" بإلغاء عمليات "أونروا" في الأراضي الفلسطينية المحتلة عبر بيان مشترك صدر عن كل من بلجيكا وأيرلندا ولوكسمبورج ومالطا والنرويج وسلوفينيا وإسبانيا.
وقالت المجموعة في بيان مشترك: "إننا ندين انسحاب إسرائيل من اتفاقية عام 1967 بين إسرائيل والأونروا وأي محاولة لعرقلة قدرتها على العمل وتنفيذ تفويضها من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة".
وشدد البيان على "أونروا" تظل الأكثر أهمية من أي وقت مضى، بوصفها تشكل العمود الفقري للاستجابة الإنسانية في غزة ولا غنى عنها في تنفيذ وقف إطلاق النار للسماح بتوسيع نطاق الإغاثة الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها لآلاف اللاجئين الفلسطينيين والمدنيين.
الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا بدورها، شددت على ضرورة أن تكون وكالة "أونروا" قادرة على مواصلة واجبها في المنطقة خلال مقترح تبنته في الجمعية العامة للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا يطالب بإنهاء فوري للأزمة الإنسانية المتعلقة بالأطفال والنساء والأسرى في قطاع غزة، الناجمة عن الإبادة الجماعية.
ومن جهتها، طالبت زارة الخارجية البريطانية سلطات الاحتلال "الاسرائيلي" بضمان مواصلة وكالة "أونروا" عملياتها المنقذة للحياة للاجئين الفلسطينيين.
الرئاسة الفلسطينية: وقف "أونروا" مرفوض
وأعربت رئاسة السلطة الفلسطينية على لسان الناطق باسمها نبيل أبو ردينة، عن رفضها وإدانتها قرار سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" بوقف عمل "أونروا" وقالت: إنه مرفوض ومدان، ووصفته بالمستفز للشعب الفلسطيني، مؤكدة أنه مخالف لقرارات الأمم المتحدة التي أُنشئت بموجبها الوكالة.
كما شددت في بيان لها أن القرار "الإسرائيلي" الذي يتحدى الشرعية الدولية، سيسهم في رفع التصعيد والتوتر في المنطقة جراء مسّه بالخدمات التي تقدمها الوكالة لحوالي 6 ملايين لاجئ فلسطيني داخل المخيمات.
وحملت الحكومة "الإسرائيلية" المسؤولية الكاملة عن التداعيات الخطيرة لهذا القرار، داعية الأمم المتحدة إلى القيام بمسؤولياتها حسب القانون الدولي، وإلزام الاحتلال بالتراجع عن هذا القرار، وضمان استمرار عمل "الأونروا" في تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين، إلى حين حل قضيتهم وفق قرارات الشرعية الدولية.
المجلس الوطني: عواقب خطيرة تترتب على حظر "أونروا"
المجلس الوطني الفلسطيني حذر من العواقب الخطيرة التي قد تنتج عن إيقاف خدمات وكالة "أونروا" وإغلاق مقراتها الرئيسية في القدس، واصفة بأن هذه الإجراءات تشكل جرائم حرب.
وقال المجلس الوطني: إن هذه الإجراءات "الإسرائيلية" هي جزء من هدف استعماري لحكومة الاحتلال "الإسرائيلي" لمصادرة المقرات الواقعة في الجانب الشرقي من مدينة القدس، وبناء مستعمرات لفصل الأحياء العربية بالمدينة المقدسة، ما يمثل انتهاكاً صارخاً للقرارات الدولية.
70 ألف مريض سيحرمون من الرعاية الصحية
الأمين العام للمؤتمر الوطني الشعبي للقدس بلال النتشة شدد على أن وقف عمل الوكالة في القدس يعني حرمان 70 ألف مريض من تقديم الرعاية الصحية لهم، وألف طالب من تقديم الخدمات التعليمية، إضافة للخدمات الاستراتيجية الأخرى التي تقدمها الوكالة، ومنها على سبيل المثال موضوع النظافة البيئية.
وطالب النتشة مجلس الأمن الدولي، بأن يتخذ موقفا سياسياً واضحاً ومباشراً يُلزم "إسرائيل" بإلغاء قرارها الجائر بحق "أونروا"، التي يعتبر وجودها في القدس وبقية مدن الضفة الغربية وقطاع غزة أمراً حيوياً وسياسياً من الدرجة الأولى.
كما طالب بضرورة سحب هذا القرار بناء على الإطار القانوني الذي ينظم أنشطة وكالة "أونروا" وطبيعتها التي لا يمكن استبدالها، مشيرا إلى التزامات "إسرائيل" تجاه الوكالة وفقاً لاتفاقية أبرمت بين "تل أبيب: والأمم المتحدة في عام 1967، وبموجب اتفاقية امتيازات الأمم المتحدة وحصاناتها التي تسري على "اأونروا"، وهو ما أكد عليه الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريش" في وقت سابق.
إنهاء عمل "أونروا" بداية النهاية للأمم المتحدة
المجموعة العربية في الأمم المتحدة عبرت عن رفضها التام لتهجير واقتلاع الفلسطينيين من أراضيهم، كما حذرت من اعتداء "إسرائيل" على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" ومنع عملها بالأراضي الفلسطينية.
وخلال خطاب ألقاه مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة أسامة عبد الخالق في نيويورك، بالنيابة عن المجموعة العربية في جلسة لمجلس الأمن بشأن "أونروا" أكد على التمسك بثوابت الموقف العربي، ودعم صمود الشعب الفلسطيني الشقيق على أرضه وفي وطنه.
وشدد على رفض المجموعة العربية التام لأي مساس بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، سواء من خلال الاستيطان أو ضم الأراضي، أو إخلاء أراضي فلسطين بالتهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، سواء بشكل مؤقت أو طويل الأجل.
كما حذر من الاعتداء على المنظمة الأممية وتدمير مبانيها واصفاً منع "إسرائيل" عمل "أونروا" بأنه سيكون بداية النهاية للأمم المتحدة والعمل متعدد الأطراف.
وطالبت المجموعة العربية بتوفير الدعم المالي والقانوني والسياسي اللازم لاستمرار عمل "أونروا" وأداء مهامها وخدماتها لنحو 6 ملايين فلسطيني.
محاولة لتصفية القضية الفلسطينية
من ناحيتها، حذرت منظمة التعاون الإسلامي، من خطورة أي إجراءات قد يتخذها الاحتلال ضد وكالة "أونروا" واعتبرت أن ذلك يأتي في إطار محاولات الاحتلال "الإسرائيلي" تصفية القضية الفلسطينية وشطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين.
وشددت على الدور الحيوي لوكالة أونروا الذي يمثل أولوية قصوى من الناحية الإنسانية والإغاثية، ويشكل شاهداً على الالتزام الدولي الجماعي تجاه حقوق اللاجئين الفلسطينيين، وعنصر استقرار في المنطقة.
وجددت المنظمة دعوتها المجتمع الدولي الى تحمل مسؤولياته في إنهاء الاحتلال والاستعمار "الإسرائيلي" في الأرض الفلسطينية، بما في ذلك مدينة القدس المحتلة، والمساءلة عن انتهاكاته وجرائمه المتواصلة، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه المشروعة.