اللاجئون الفلسطينيون في لبنان.. شهر رمضان بين الغلاء وضعف الحركة التجارية

السبت 01 مارس 2025
استقبال شهر رمضان في مخيم الجليل ببعلبك بالبقاع اللبناني
استقبال شهر رمضان في مخيم الجليل ببعلبك بالبقاع اللبناني

يحل شهر رمضان هذا العام على اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات لبنان وسط أوضاع معيشية صعبة ومعاناة مستمرة ناجمة عن الأزمات الاقتصادية والسياسية التي ضربت البلاد، وتفاقمت بعد الحرب "الإسرائيلية" الأخيرة على البلد، والتي استنزفت مدخراتهم، وأثرت إلى حد بعيد على معنوياتهم وقدرتهم الشرائية، مما يجعل استقبال الشهر الكريم تحدياً إضافياً.

ارتفاع الأسعار، وغياب الدعم الكافي من قبل وكالة "أونروا" والجهات المعنية، فاقم الظروف الرمضانية هذا العام، وتؤكد شهادات اللاجئين التي رصدها بوابة اللاجئين الفلسطينيين، أن الوضع الاقتصادي المتردي يؤثر بشكل مباشر على حياتهم اليومية، وعلى قدرتهم للسير في الشهر الكريم، كما هو معتاد في سنوات ما قبل الأزمات.

بينما يسعى التجار داخل المخيمات إلى تقديم حلول عملية عبر خفض الأسعار، يبقى الحل الحقيقي مرهوناً بتحرك "أونروا" والمرجعيات الفلسطينية لدعم اللاجئين وإيجاد خطط مستدامة تساهم في تحسين أوضاعهم المعيشية.

مخيم برج البراجنة: فقر مدقع وصعوبة توفير الاحتياجات

اللاجئة الفلسطينية فاتن الصالح من مخيم برج البراجنة قالت لموقعنا: إن المخيم يستقبل رمضان هذا العام بمظاهر زينة قدمها الشباب، لكن الوضع الاقتصادي المتردي يجعل الناس عاجزة عن الإنفاق. أكدت أن زوجها يعمل كعامل بناء، ويحصل على يومية قدرها 20 دولاراً، وهي لا تكفي لتلبية احتياجات العائلة الأساسية.

وأشارت إلى أن أسعار الخضراوات قد ارتفعت بشكل غير مسبوق، حيث يصل سعر الخس الواحد إلى 120 ألف ليرة لبنانية، وكيلو الطماطم إلى 100 ألف ليرة، مما يجعل حتى وجبة بسيطة مثل "الفتوش" تكلف نصف دخل اليومية. وأضافت: "بالكاد نستطيع تأمين قوت يومنا، ولا طاقة لنا بأكثر من ذلك".

رغم هذه الظروف، أوضحت أن الحركة التجارية داخل السوق تعتبر متوسطة ومقبولة نوعًا ما، مشددة على أن الفقر المنتشر بين اللاجئين جعل الشراء محدودًا للغاية.

أما اللاجئة ميرنا الحسين التي عادت إلى مخيم برج البراجنة، فقالت: إن الهجرة من المخيم في أثناء الحرب على لبنان كانت كلفة كبيرة لم تستطع العائلة التأقلم معها. وأشارت إلى أنهم لم يتمكنوا هذا العام من شراء "مونة رمضان" كما اعتادوا، بل اقتصر شراؤهم على الأساسيات فقط، والتي لا تكفي لتغطية جميع أيام الشهر الكريم.

مخيم عين الحلوة: غياب الدعم وارتفاع الأسعار

من جهته، قال اللاجئ خليل محمود من مخيم عين الحلوة إنه مع بداية رمضان يبارك الشعب الفلسطيني والمقاومين في غزة بالانتصار، لكن الواقع داخل المخيم مختلف تماماً. وأكد أن اللاجئين الفلسطينيين يعيشون ظروفاً قاسية بسبب البطالة وعدم توفر فرص العمل، بالإضافة إلى تقاعس "أونروا" عن القيام بدورها الإغاثي والخدماتي، خاصة وأن العديد من العائلات كانت تعتمد على المساعدات النقدية البالغة 50 دولارا التي تم إيقافها مؤخراً.

وأوضح محمود أن السوق اليوم مليء بالباعة، ولكن الزبائن قلة، حيث يتجول الناس، دون أن يشتروا شيئاً. وأكد أن الحركة التجارية أصبحت أقل بكثير مقارنة بالأعوام السابقة، حيث كان السوق يعج باللاجئين الذين يشترون كافة احتياجاتهم. وقال: "الأزمة الاقتصادية اللبنانية والوضع الرديء للناس أثرا بشكل مباشر على قدرتهم الشرائية".

ارتفاع الأسعار يضغط على اللاجئين

أما اللاجئة مريم علي، المتزوجة وأم لثلاثة أطفال، وتقطن في حي الزيب داخل مخيم عين الحلوة، أكدت بأنها زينت منزلها المتواضع لجعل أولادها يشعرون ببهجة رمضان. لكنها أكدت أن الأسعار مرتفعة بشكل غير مبرر مقارنة بالسنوات الماضية، مشيرة إلى أن اللاجئين الفلسطينيين يواجهون صعوبات كبيرة في شراء الحاجيات الأساسية.

وأضافت أن الأيام ستكون ثقيلة على اللاجئين بسبب انتشار البطالة وضعف الاقتصاد اللبناني، مشددة على أن معظم اللاجئين يعملون خارج المخيم، مما يجعلهم أكثر تأثراً بالتدهور الاقتصادي العام.

تجار المخيم ينفون المسؤولية عن ارتفاع الأسعار

في مقابلة خاصة مع أحد أعضاء لجنة سوق الخضار والفواكه في مخيم عين الحلوة، منير سرية، نفى وجود أي مبالغة من قبل التجار في رفع الأسعار. وأوضح أن اللجنة تعمل على توفير أدنى الأسعار الممكنة، لكن الارتفاع يعود إلى المصادر الخارجية التي يعتمد عليها التجار.

وأكد سرية أن حركة السوق داخل المخيم أصبحت متدنية للغاية مقارنة بالأعوام السابقة، حيث كان السوق يعج بالناس الذين يشترون كل احتياجاتهم، وقال: "هذه الأيام نلاحظ أن الناس يتجولون دون أن يشتروا الكثير، وهذا يعكس حالة الفقر المدقع التي يعيشها اللاجئون".

كما أشار إلى أن الحرب الأخيرة التي شهدتها لبنان تركت آثاراً عميقة على أوضاع اللاجئين، مشددًا على أنهم ما زالوا يعانون تبعاتها، مضيفا:"نحاول التواصل مع التجار لخفض الأسعار قدر الإمكان على قاعدة (بيع كثير وربح قليل)، لعلنا نخفف عن الناس بعضًا من أزمتهم".

من جانب آخر، أعرب اللاجئ محمود العينا، الذي يملك دكاناً في أحد أحياء مخيم عين الحلوة، عن استيائه من قلة الزبائن خلال هذا الشهر الكريم، وقال إن حركة البيع والشراء انخفضت بشكل كبير، حيث كان يجمع غلة كبيرة في السنوات السابقة، بينما الآن لا يستطيع تحقيق ربع تلك الغلة.

ولفت إلى أن هناك لاجئين عاطلين عن العمل يتجولون في السوق، دون أن يشتروا، قائلاً: "هذا أمر محزن للغاية عندما ترى أشخاصاً عاجزين عن توفير قوت يومهم، لديهم عائلات وأطفال بحاجة للرعاية". وأكد أن الوضع الحالي يحتاج إلى تضافر الجهود من قبل "أونروا" والمرجعيات الفلسطينية لإعادة تحريك العجلة الاقتصادية داخل المخيم.

وأكد أن بعض الزبائن يشترون بالدين بسبب عدم امتلاكهم للأموال، وهو ما يزيد من الضغوط على أصحاب المحال أيضًا. وأشار إلى أن هذا هو الثالث أو الرابع من رمضان الذي تشهد فيه المخيمات حركة تجارية ضعيفة للغاية، مما يعكس الأزمات المتراكمة التي يعانيها اللاجئون الفلسطينيون.

ووجه محمود العينا نداءً إلى أصحاب الأيادي البيضاء والجهات المانحة لتقديم الدعم اللازم لهذه العائلات الفقيرة، قائلاً: "رمضان كريم، ولعله يكون خفيفًا على الجميع إذا تكاتفنا لمساعدتهم".

رمضان في مخيم الجليل.jpg
محل لبيع زينة رمضان في مخيم الجليل ببعلبك في البقاع اللبناني
بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد