في رسالة موجهة إلى أعضاء الكونجرس الأميريكي، دعت 124 منظمة وطنية ودولية إلى استعادة تمويل الولايات المتحدة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل الفلسطينيين في الشرق الأدنى "أونروا" من خلال دعم قانون "استعادة تمويل الأونروا في حالات الطوارئ لعام 2025" المزمع تقديمه. وتأتي هذه الدعوة في ظل اتفاق بين زعماء الكونجرس والبيت الأبيض على مشروع قانون للتمويل يستمر في حظر الدعم الأمريكي لـ "أونروا" حتى مارس/آذار 2025.
وأكدت الرسالة أن "أونروا" تلعب دورًا حيويًا في تقديم الخدمات الأساسية للفلسطينيين، خاصة في مجالات التعليم والرعاية الصحية والمساعدات الغذائية، مشيرًا إلى أن موظفيها ومرافقها يشكلون العمود الفقري للاستجابة الإنسانية في قطاع غزة المدمر، بالإضافة إلى دورها في الضفة الغربية المحتلة، بما في شرقي القدس.
ووفق الرسالة، فقد قدمت الوكالة منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023 ثلثي جميع المساعدات الغذائية إلى قطاع غزة، وأمنت المأوى لأكثر من مليون نازح، وقدمت اللقاح لربع مليون طفل ضد شلل الأطفال، رغم القيود التي فرضها الكنيست "الإسرائيلي" على عملياتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأوضح الموقعون أن "أونروا" كانت مسؤولة عن إدخال 60% من المواد الغذائية إلى قطاع غزة خلال المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، ما ساعد في وصول المساعدات إلى أكثر من مليوني شخص، أي أكثر من 90% من سكان القطاع.
كما فتحت الوكالة 37 ملجأ جديدًا لدعم العائدين إلى شمال غزة، وقدمت الخيام والبطانيات والملابس الشتوية للنازحين، بالإضافة إلى توفير 17 ألف استشارة طبية يوميًا، وإصلاح آبار المياه، وتقديم خدمات التخلص من النفايات لنحو نصف مليون شخص داخل الملاجئ.
وفي الضفة الغربية وشرقي القدس، توفر "أونروا" التعليم لأكثر من 49 ألف طفل فلسطيني، وتقدم خدمات الرعاية الصحية لنحو نصف مليون شخص عبر أكثر من 40 مركزًا صحيًا، كما دعمت أكثر من 10 آلاف أسرة فلسطينية بمساعدات نقدية لمواجهة تداعيات هدم المنازل وعنف المستوطنين.
وأكدت المنظمات أن هذه الخدمات بالغة الأهمية في ظل تدهور الأوضاع الأمنية، التي أدت إلى نزوح 40 ألف فلسطيني من الجزء الشمالي للضفة الغربية.
وسلطت الرسالة الضوء على تحركات "أونروا" والأمم المتحدة السريعة لمعالجة أي ادعاءات تتعلق بحياد الموظفين، وهو ما دفع العديد من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى استئناف تمويلها، فيما لا تزال الولايات المتحدة واحدة من الدول القليلة التي لم تتخذ هذه الخطوة.
ودعا الموقعون الكونجرس إلى التعاون مع الإدارة الأمريكية لاستئناف التمويل، لضمان قدرة الوكالة على مواصلة تفويضها الإنساني.
يُذكر أن الولايات المتحدة كانت الممول الأكبر لـ"أونروا"، حيث ساهمت بحوالي 30% من ميزانية الوكالة قبل أن يقرر الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" خلال ولايته السابقة وقف التمويل بالكامل في عام 2018، متذرعًا بمزاعم حول أداء الوكالة وضرورة البحث عن حلول بديلة لقضية الفلسطينيين. وقد أثر القرار بشكل كبير على خدمات الوكالة، مما دفع دولًا أخرى إلى زيادة مساهماتها، لكن العجز المالي ظل يمثل تحديًا مستمرًا. وفي عام 2021، أعادت إدارة الرئيس "جو بايدن" بعض التمويل، قبل أن يتم تعليقه مجددًا في عام 2024 إثر مزاعم لم يتم إثباتها بشأن حياد بعض الموظفين، إلى أن وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراراً بشهر شباط/ فبراير 2025 بوقف التمويل المستقبلي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في خطوة تصعيدية جديدة تستهدف اللاجئين الفلسطينيين، وتنسجم مع سياسات الاحتلال "الإسرائيلي" وقوانينه بحظر عمل الوكالة وتصفية عملها.
وأشار البيان إلى أن "أونروا" لم تكن من المفترض أن تكون كيانًا دائمًا، لكنها لا تزال قائمة بعد 76 عامًا بسبب الفشل الجماعي للدول الأعضاء في الأمم المتحدة في حل القضايا السياسية الأساسية.
وشددت المنظمات على ضرورة دعم الوكالة في المرحلة الانتقالية بدلًا من السماح بانهيارها، ما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية للفلسطينيين.
وكان من بين الموقعين على الرسالة منظمات حقوقية ودينية ومدنية بارزة، مثل هيومن رايتس ووتش، لجنة الأصدقاء الوطنية للتشريع (FCNL)، خدمة الأصدقاء الأمريكية (AFSC)، أصوات يهودية من أجل السلام، الكنيسة المصلحة في أمريكا، بالإضافة إلى عشرات المنظمات المحلية التي تعمل في الولايات المتحدة لدعم حقوق الفلسطينيين.