كشف التقرير السنوي الصادر عن المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان "شاهد" لعام 2024 الصادر اليوم الخميس 13 آذار/ مارس، عن أبرز التطورات السياسية والاجتماعية التي أثرت على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، مسلطًا الضوء على التحديات المستمرة التي يواجهونها، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية المتفاقمة، وتداعيات الحرب "الإسرائيلية" على لبنان، والتراجع المستمر في خدمات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، إلى جانب استمرار العراقيل القانونية التي تحول دون تحسين أوضاعهم المعيشية.
واستعرض التقرير الصادر عن "شاهد" أبرز المستجدات والتحديات التي واجهها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان خلال العام الفائت، مستنداً إلى أرقام وإحصاءات، مع تقديم توصيات تهدف إلى معالجة هذه الأوضاع وضمان حقوقهم الإنسانية والاجتماعية.
الوضع الأمني في المخيمات الفلسطينية: انخفاض في مستوى العنف
وأوضح التقرير انخفاضاً ملحوظاً في مستوى العنف داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان خلال عام 2024، مقارنة بعام 2023، نتيجة لتكثيف جهود الحوار بين الفصائل الفلسطينية والجهات الأمنية اللبنانية.
ووثق التقرير قضاء 33 شخصاً عام 2023، و228 جريحاً جراء الاشتباكات، وسط غياب إحصاءات دقيقة عن عمليات إطلاق النار وإلقاء القنابل، أما في العام 2024 فقد تراجع العنف بنسبة كبيرة، حيث تم تسجيل 7 حوادث إطلاق نار، وحادثتي إلقاء قنابل، أسفرت عن 3 قتلى و7 جرحى، ما يشير إلى انخفاض نسبة الإصابات بـ97.57 % ونسبة القتلى بـ 90.91 %
وعرضت "شاهد" توصيات لتعزيز الجهود لضمان استمرارية التهدئة داخل المخيمات وذلك من خلال تفعيل دور اللجان الأمنية المشتركة، وإلزام جميع الأطراف الفلسطينية واللبنانية باحترام الاتفاقيات الأمنية.
الشهداء الفلسطينيون خلال الحرب "الإسرائيلية" على لبنان
كما وثق التقرير تسبب الهجمات العدوانية "الإسرائيلية" على الأراضي اللبنانية، خلال عام 2024 باستشهاد 91 فلسطينياً، توزعوا بين المخيمات والتجمعات الفلسطينية في مختلف المناطق اللبنانية.
وأوصت "شاهد" بضرورة مطالبة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بفتح تحقيق شامل حول استهداف اللاجئين الفلسطينيين خلال الحرب، وتكثيف الجهود لضمان حماية المدنيين الفلسطينيين في لبنان، وتوفير الدعم الإغاثي لهم.
أداء "أونروا" خلال عام 2024: تراجع الخدمات وتفاقم الأزمات
وأشار التقرير إلى أنّ وكالة "أونروا" واجهت عاماً شديد الصعوبة، مع استمرار الأزمة المالية وتزايد الضغوط السياسية عليها، وقد سجل التقرير تراجعاً في كافة القطاعات، أبرزها التعليم ، حيث استمر الاكتظاظ داخل الصفوف المدرسية، مع نقص حاد في الكادر التعليمي.
كما لم تُعيّن "أونروا" مدرسين بدلاء في حالات الإجازات المرضية، ما أثر سلباً على جودة التعليم، كما بقيت بعض المدارس مغلقة، مثل مدارس مخيم عين الحلوة بعد الاشتباكات المسلحة ومدرسة فلسطين في مدينة صور.
رغم إدخال تخصص التمريض في مركز سبلين للتدريب المهني والتقني، إلا أن الحاجة لا تزال قائمة لإضافة تخصصات جديدة تتماشى مع احتياجات السوق، حسبما أضاف التقرير.
وفي القطاع الصحّي، تزايدت معاناة مرضى السرطان والأمراض المزمنة بسبب النقص في تغطية تكاليف العلاج، كما فرضت بعض المستشفيات تكاليف إضافية غير مغطاة من قبل "أونروا"، ما زاد من الأعباء المالية على اللاجئين.
وفي الإغاثة، توقفت المساعدات المالية الطارئة، باستثناء بعض الاستثناءات للنازحين من مناطق الحرب، وأعلنت "أونروا" عن تطبيق نظام التحقق الرقمي للحصول على المساعدات الغذائية بدءًا من عام 2025، كما شهدت المساعدات الإغاثية للاجئين الفلسطينيين من سوريا تراجعًا تدريجيًا.
وحول الإعمار والبنى التحتية، استمر تأخر إعادة إعمار مخيم نهر البارد رغم تمويلات من ألمانيا والكويت، وتوقفت مشاريع إعادة تأهيل المنازل المهددة بالانهيار، والتي يُقدر عددها بـ 5500 منزل، كما بدأت دراسة مشاريع لتركيب عدادات كهرباء مركزية داخل المخيمات، الّا انه لم تُنفذ فعلياً بعد.
كما تصاعدت الضغوط على وكالة "أونروا" بزعم انتهاك موظفيها لسياسة الحياد، ما أدى إلى تعليق بعض التمويلات الدولية، إضافة إلى فصل عدد من الموظفين استجابة للضغوط الأمريكية و"الإسرائيلية"، مع استمرار توجيه إنذارات لموظفين آخرين.
إدارة "أونروا" للأزمة خلال الحرب على لبنان
وأشار تقرير "شاهد" إلى أنّ "أونروا" افتتحت 10 مراكز إيواء خلال الحرب "الإسرائيلية" على لبنان، لكنها عانت من نقص الإمدادات الأساسية، كما اعتمدت الوكالة على المتطوعين والمجتمع المدني لتعويض النقص، لكنها تعرضت لانتقادات بسبب انسحاب موظفيها من مخيمات صور ووقف معظم خدماتها هناك.
وأوصت "شاهد" بضرورة زيادة الضغط على الدول المانحة لاستئناف تمويل "أونروا" وضمان استدامة خدماتها، وإعادة هيكلة آليات عمل الوكالة بما يضمن شفافية التوظيف وتقديم الخدمات، إضافة إلى وضع خطة طوارئ فعالة تستجيب لأزمات الحروب والنزوح.
علاقة الدولة اللبنانية باللاجئين الفلسطينيين: غياب التحسينات القانونية
وحول علاقة الدولة اللبنانية باللاجئين الفلسطينيين، لفتت "شاهد" إلى استمرار تقييد الحقوق المدنية والاقتصادية للاجئين الفلسطينيين في لبنان خلال عام 2024، حيث لم يشهد البرلمان أي تشريع جديد لتحسين أوضاع اللاجئين، كما بقيت القيود المفروضة على حق العمل والتملك سارية دون تغيير.
إضافة إلى استمر ارتفاع رسوم استصدار الوثائق الرسمية، حيث بلغت تكلفة وثيقة السفر لمدة ثلاث سنوات 3.6 مليون ليرة لبنانية، ولخمس سنوات 6 ملايين ليرة، كما لم يتم تحديث البطاقات المكتوبة بخط اليد، مما استمر في التسبب بمشاكل في التعرف على هوية اللاجئين.
وأوصت " شاهد" بمنح اللاجئين الفلسطينيين حقوقاً مدنية تتيح لهم تحسين أوضاعهم المعيشية دون المساس بحق العودة، وخفض رسوم استصدار الوثائق الرسمية وجعلها متاحة بشكل أسهل للاجئين.
وضمّنت "شاهد" في ختام تقريرها، توصيات موجهة إلى المجتمع الدولي والجهات المعنية بقضايا اللاجئين الفلسطينيين، بهدف تعزيز حقوقهم وتحسين أوضاعهم المعيشية.
ودعت "شاهت" إلى توثيق انتهاكات الاحتلال "الإسرائيلي" ومحاسبته، وضرورة تسليط الضوء على الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها الاحتلال "الإسرائيلي"، وتوثيقها أمام المحكمة الجنائية الدولية، مع تفعيل أدوات المساءلة لضمان تحقيق العدالة للضحايا الفلسطينيين.
كما أوصت، بإرسال لجنة تحقيق دولية للاطلاع على الظروف القاسية التي يعيشها الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال، والعمل على وقف مشاريع الاستيطان عبر فرض عقوبات جزائية ومدنية على سلطات الاحتلال.
إضافة إلى دعوة الاتحاد الأوروبي والدول المانحة لضمان إيصال المساعدات إلى المتضررين من العدوان "الإسرائيلي"، ومحاسبة الاحتلال على الأضرار المادية والمعنوية التي تلحق بالفلسطينيين.
توصيات إلى الحكومة اللبنانية والفصائل الفلسطينية
أوصت "شاهد" بتعزيز التعاون الدولي لدعم اللاجئين عبر العمل على بناء شراكات مع الجهات الدولية لضمان توفير الموارد اللازمة لدعم اللاجئين، وتسريع تنفيذ مشروع البطاقات التعريفية البيومترية.
ودعت إلى حل قضايا فاقدي الأوراق الثبوتية وتحسين أوضاع المخيمات إيجاد حلول قانونية لهذه وتسهيل إدخال مواد البناء إلى المخيمات، مع ضمان حقوق اللاجئين المدنية والاجتماعية والاقتصادية.
ووضع استراتيجية طويلة الأمد لتحسين أوضاع اللاجئين، عبر إعداد خطة شاملة تركز على التعليم، التمكين الاقتصادي، والرعاية الصحية، إضافة إلى تنظيم لقاءات دورية مع الفصائل الفلسطينية لتعزيز التعاون.
وإطلاق حملات توعية وزيادة الدعم المالي من خلال تنظيم حملات إعلامية لتسليط الضوء على معاناة اللاجئين الفلسطينيين، والعمل على حشد الدعم المالي من الدول المانحة، إلى جانب تشكيل فرق متخصصة لرصد الأزمات ووضع خطط استجابة فورية.
كما وجهت "شاهد" توصيات الى وكالة "أونروا" تقضي بزيادة المساعدات المالية والتعليمية، وتوفير دعم مالي إضافي لتلبية الاحتياجات الأساسية للاجئين، مع تعزيز فرص التعليم والتدريب المهني.
كما دعت إلى تمويل إعادة الإعمار وتحسين التعليم الجامعي وتأمين التمويل اللازم لإعادة إعمار المنازل والمدارس، وزيادة عدد المنح الجامعية للطلاب، مع إنشاء شراكات مع الجامعات لتقديم تخفيضات على الأقساط الدراسية.
إضافة إلى ملء الشواغر الوظيفية وزيادة المستفيدين من برامج الإغاثة، وإعادة تفعيل الوظائف المجمدة داخل الوكالة، إضافة إلى إدراج مستفيدين جدد في برامج الدعم بسبب ارتفاع معدلات الفقر والبطالة.
كما شددت على ضرورة تحسين بيئة التعليم وتوفير القرطاسية للطلاب بكميات تكفي طوال العام الدراسي، وتخفيض عدد الطلاب في الصفوف لضمان جودة التعليم، إضافة إلى تعيين مدرسين بدلاء عند الحاجة.
وطالبت بتطوير المدارس وتسهيل وصول الطلاب إليها، وترميم مدارس "أونروا" في مخيم عين الحلوة، وتأمين بدل نقل للطلاب القاطنين في مناطق بعيدة، مع تجهيز المدارس بمختبرات علمية حديثة وأجهزة حاسوب.
إضافة إلى تأمين تحسين الخدمات الصحية في العيادات والمستشفيات، وزيادة عدد الأطباء والممرضين في عيادات الوكالة وتوضيح حقوق المرضى أثناء منحهم التحويلات الطبية، إضافة إلى نشر دليل شامل حول المستشفيات المُتعَاقد معها ومستوى الخدمات المقدمة، وتوسيع التغطية الصحية عبر زيادة تغطية تكاليف أدوية وعلاج مرضى السرطان، وضمان تغطية صور الرنين المغناطيسي لجميع أعضاء الجسم.