تتصاعد مجازر الإبادة بحق الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر، مسفرة عن عشرات الشهداء، غالبيتهم من الأطفال والنساء، مع استمرار حرب الإبادة التي تشنها "إسرائيل" على القطاع منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وسط تفاقم الأزمات الصحية والغذائية والإنسانية إلى مستويات غير مسبوقة.
وأعلنت مصادر طبية في غزة، صباح اليوم الأربعاء 21 ايار/ مايو، عن استشهاد نحو 60 فلسطينياً جراء سلسلة غارات جوية شنّها الاحتلال على مناطق مختلفة من القطاع منذ فجر اليوم.
من جهتها، وثقت وزارة الصحة في غزة استشهاد 82 فلسطينياً وإصابة 262 آخرين في القطاع خالال 24 ساعة، موضحة في بيانها اليومي أن عدداً كبيراً من الضحايا لا يزال تحت الأنقاض ولا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم.
وأعلنت الوزارة ارتفاع عدد ضحايا حرب الإبادة "الإسرائيلية" المستمرة على القطاع إلى 53 ألفاً و655 شهيداً و121 ألفاً و950 جريحاً، بينهم 3509 شهداء و9909 جرحى منذ استئناف حرب الإبادة قبل 65 يوماً بعد وقف لإطلاق النار دام 59 يوماً.
مجازر متصاعدة
في أحدث المجازر، استشهد عدد من الفلسطينيين، معظمهم من الأطفال، إثر قصف استهدفهم في حي الدرج بمدينة غزة، حيث أفادت المصادر الطبية بارتقاء ثمانية فلسطينيين على الأقل، وإصابة عشرات آخرين في القصف الذي استهدف موقف جباليا بالحي ذاته، كما أقدم جيش الاحتلال على تدمير مبانٍ سكنية شرق جباليا شمالي القطاع.
وفي الشمال أيضاً، استشهد11 فلسطينياً وأصيب ثلاثة عشر آخرون بجراح، إثر استهداف منزل عائلة نبهان في شارع النزهة بجِباليا البلد.
وشهد شارع الوحدة قرب عمارة أبو سيدو المؤدية إلى سوق الزاوية مجزرة جديدة، حيث استشهد أكثر من 10 فلسطينيين بعد استهداف فرن طينة الذي كان يخدم الأهالي.
ولم تسلم المرافق الصحية من العدوان، حيث شنّ الطيران الحربي "الإسرائيلي" غارة عنيفة في محيط مستشفى العودة – تل الزعتر شمالي القطاع، ما ينذر بكارثة جديدة في ظل الانهيار الكامل للنظام الصحي
وارتقى خمسة فلسطينيين بينهم ثلاثة أطفال أحدهم رضيع، في قصف على منزل في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة.

كما استشهد فلسطيني وأصيب آخرون جراء استهداف مجموعة من الفلسطينيين في منطقة الحدبة وسط مدينة دير البلح وسط قطاع غزة.
وفي مخيمات وسط قطاع غزة، استشهد أربعة فلسطينيين بينهم طفلان في مخيمي المغازي والنصيرات، فقد ارتقى فلسطينيان وهما إبراهيم عبد الكريم سلمان العايدي (72 عاماً) وأحمد محمد أحمد منصور (45 عاماً) جراء قصف من مسيرة "إسرائيلية" استهدف مجموعة فلسطينيين في "بيارة شيرين المصدر".
وفي مخيم النصيرات، استهدفت طائرة "إسرائيلية" مجموعة من الأطفال غربي المخيم ما أسفر عن استشهاد الطفلين الشقيقين، عمرو ساري أبو رويضة (8) أعوام وعبدالله أبو رويضة (10) أعوام.
وفي مدينة خان يونس جنوبي القطاع، استشهد 24 فلسطينياً بينهم أفراد من عائلة أبو صلاح التي نجا منها اثنان فقط، نتيجة القصف العنيف فجر اليوم، كما أدى استهداف منزل في منطقة معن جنوب المدينة إلى استشهاد ثلاثة آخرين.
وفي موازاة المجازر، يتواصل الانهيار المتسارع في الوضع الإنساني، وأكدت المتحدثة باسم وكالة "أونروا" "لويز ووتريدج" خلال مؤتمر صحفي في "جنيف"، أن "الجوع في غزة ليس سوى جزء من الأهوال التي يعيشها الفلسطينيون"، مشيرة إلى وجود مساعدات غذائية تكفي لإطعام 200 ألف شخص لمدة شهر في مستودعات "أونروا" في عمّان، لكنها ممنوعة من الدخول بسبب العراقيل "الإسرائيلية".
وأضافت: "المساعدات تبعد ثلاث ساعات فقط عن غزة، ومع ذلك نرى صور أطفال يعانون من سوء التغذية ونسمع قصصاً عن أسوأ الظروف المعيشية. هذه الإمدادات كان يجب أن تكون في غزة الآن".
وبحسب ووتريدج، فإنه منذ أحد عشر أسبوعاً، سمحت "إسرائيل" بدخول خمس شاحنات فقط إلى قطاع غزة، في وقت تفرض فيه حصاراً خانقاً وتمنع دخول المساعدات منذ 12 آذار/ مارس 2024، مما تسبب في مجاعة أدت إلى وفاة العديد من الفلسطينيين.
المستشفيات على حافة الانهيار
وأكدت وزارة الصحة في غزة أن المستشفيات في القطاع كافة تُعاني من نقص حاد في الزيوت وقطع الغيار اللازمة لتشغيل المولدات الكهربائية، وأنها تعمل وفق أرصدة محدودة من الوقود، ما يهدد استمرار تقديم الرعاية الطبية الطارئة.
وأشارت الوزارة إلى أن "الاحتلال يتعمد استهداف المولدات الكهربائية لتدمير الأنظمة الكهروميكانيكية"، موضحة أن ثلاث مولدات كهربائية وخزانات وقود في المستشفى الإندونيسي تم قصفها، ما أدى إلى خروج المستشفى عن الخدمة وخلق كارثة صحية في شمال القطاع.
من جهتها، حذّرت بلدية غزة من أزمة مياه كبيرة نتيجة تقليص كميات الوقود الواصلة إليها، والتي لا تكفي لتشغيل الآبار لعدد كافٍ من الساعات، ما يهدد بحدوث حالة عطش واسعة، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة وتزايد أعداد النازحين في مناطق وسط وغرب المدينة.
وقالت البلدية: إن توقف خط "ميكروت" لليوم الثالث على التوالي، والذي يوفر نحو 70% من احتياجات المدينة المائية، فاقم من حدة الأزمة، بالإضافة إلى عدم حصول البلدية على الكميات اللازمة من الوقود من سلطة المياه بسبب نقص الإمدادات.
وأوضحت أن العدوان "الإسرائيلي" دمّر أكثر من 115 ألف متر طولي من خطوط المياه، و63 بئراً، و4 خزانات رئيسية، بالإضافة إلى محطة تحلية شمال غرب المدينة كانت تنتج عشرة آلاف كوب يومياً، وقدّرت احتياجاتها الطارئة للعام 2025 بـ 16 مليون دولار لإعادة تشغيل مرافق المياه.
ووجهت البلدية نداءً عاجلاً للمؤسسات الدولية والمحلية من أجل توفير الوقود لتشغيل الآبار، مؤكدة أنها بدأت فعلياً بتقليص كميات المياه المنتجة لتتمكن من تشغيل الآبار أطول فترة ممكنة.