ولتثبيت دور هيئة العمل المشترك

لقاءات فلسطينية – فلسطينية في بيروت لبلورة موقف موحد حول ملف السلاح والمخيمات

السبت 31 مايو 2025
صورة أرشيفية لأحد مداخل مخيم عين الحلوة جنوب لبنان
صورة أرشيفية لأحد مداخل مخيم عين الحلوة جنوب لبنان

تشهد الساحة الفلسطينية في لبنان تحرّكات سياسية مكثفة تسبق موعد تنفيذ اتفاق تسليم السلاح من المخيمات الفلسطينية، والمقرر منتصف شهر حزيران/يونيو المقبل، بعد اللقاء الذي جمع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بالرئيس اللبناني جوزيف عون. ويأتي ذلك في ظل غياب توافق فلسطيني شامل على الاتفاق، وسط تحذيرات من خطورة تحوّله إلى فتنة داخلية قد تؤدي إلى انقسامات فلسطينية–فلسطينية ولبنانية–فلسطينية.

وتؤكد مصادر فلسطينية متعددة في لبنان أن الاتفاق مع الدولة اللبنانية بشأن "ملف السلاح" جرى من طرف إدارة رام الله، ممثلة برئيس السلطة، دون إبلاغ الفصائل الفلسطينية في لبنان أو التنسيق معها، في ظل غموض واضح بشأن الآليات والإجراءات، ما أثار استغراباً واسعاً، خاصة أنه تجاهل الأوضاع الإنسانية والحقوقية للاجئين الفلسطينيين. إذ تُعتبر "هيئة العمل الفلسطيني المشترك" الجهة الوحيدة المخوّلة بإدارة هذا الملف الحساس، إلى جانب غيره من الملفات المتعلقة باللاجئين، باعتبارها أكبر تحالف فصائلي يضم فصائل من داخل منظمة التحرير وخارجها، وتشكل مرجعية سياسية وتمثيلية معتمدة في لبنان.

اقرأ/ي أيضا:  السلاح الفلسطيني في لبنان.. من "الشرعية الثورية" إلى محور إشكالية "سيادية"

في هذا السياق، انطلقت سلسلة من اللقاءات الفلسطينية–الفلسطينية تقودها حركة حماس، بهدف تنسيق المواقف وتثبيت دور هيئة العمل الفلسطيني المشترك كمرجعية موحدة لمعالجة قضايا الوجود الفلسطيني في لبنان، وفي مقدمتها ملف السلاح. وكان من أبرز هذه اللقاءات الاجتماعات مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، إلى جانب الاجتماع الذي سبقها ضمن إطار فصائل "تحالف القوى الفلسطينية"، والذي يضم حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" وفصائل أخرى.

وخلال هذه اللقاءات، شددت الأطراف المشاركة على ضرورة أن تنطلق أي مقاربة للملفات الفلسطينية من موقف وطني فلسطيني موحد، يضمن حماية الوجود الفلسطيني، ويعزز أمن واستقرار المخيمات، ويرفض اختزال الفلسطينيين في لبنان ضمن مقاربة أمنية ضيقة أو التعامل مع ملف السلاح بمعزل عن الحقوق المدنية والسياسية.

وقال مسؤول الجبهة الديمقراطية في لبنان، يوسف أحمد، لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين": "بعد زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى لبنان ولقائه رئيس الجمهورية جوزيف عون، بدأ الحراك الفصائلي لتوحيد الموقف الفلسطيني والاتفاق على مقاربة موحدة حيال القضايا المطروحة مع الدولة اللبنانية".

وأضاف: "في هذا السياق، عقدت قيادة الجبهة الديمقراطية لقاء مع السفير الفلسطيني أشرف دبور بعد أيام من زيارة عباس، جرى خلاله مناقشة نتائج الزيارة، والتأكيد على أهمية الدعوة لانعقاد إطار هيئة العمل الفلسطيني المشترك، من أجل بلورة رؤية فلسطينية موحدة حول الملفات المطروحة، وضرورة توحيد جهود الفصائل في هذه المرحلة الحساسة، حفاظاً على الوجود الوطني الفلسطيني وتعزيزاً لاستقرار المخيمات".

وتابع أحمد: "جاءت زيارة قيادة حماس للجبهة الديمقراطية من أجل بحث جميع الملفات، وعلى رأسها ملف العلاقات اللبنانية–الفلسطينية. اتفقنا على وحدة الموقف، وأن تكون هناك مقاربة شاملة للوجود الفلسطيني في لبنان، لا تختزل في موضوع سحب السلاح فقط" مؤكدا أنه "من الخطأ مقاربة اللاجئين من الزاوية الأمنية حصراً، أو التعامل معهم كحالة عسكرية، ونحن نرفض هذا الطرح جملة وتفصيلاً. يجب مناقشة الملفات كافة ضمن رزمة واحدة، تشمل الأبعاد القانونية والسياسية والاجتماعية."

لقاء حماس الديمقراطية.jpg
يوسف أحمد، مسؤول الجبهة الديمقراطية (يسار الصورة)، خلال لقاء الدكتور أحمد عبد الهادي، مسؤول حماس

وأكد القيادي في الجبهة الديمقراطية أن جميع الفصائل منفتحة على حوار جدي مع الدولة اللبنانية، مؤكداً على أن هيئة العمل الفلسطيني المشترك لها دور رئيسي في هذا الملف، وأنه لا بد من وحدة موقف، إلى جانب إطلاق حركة جماهيرية وشعبية تعبّر عن معاناة اللاجئ الفلسطيني، في ظل استمرار حرمانه من حقوقه المدنية والإنسانية والاجتماعية.

من جهته، أكد نائب مسؤول الجبهة الشعبية في لبنان، عبد الله الدنان، أن الاجتماع مع قيادة حركة حماس في بيروت هدفه تنسيق المواقف، ومن بينها ملف تنظيم السلاح الفلسطيني، إلى جانب مناقشة الهم الفلسطيني العام.

وحول اللقاء، قال الدنان لموقعنا: "ناقشنا جميع الملفات، ومن ضمنها تفعيل الحقوق المدنية، والتنسيق في المواقف بطريقة عقلانية تخدم مصالحنا كفصائل وشعب فلسطيني. كما اتفقنا على كيفية إدارة العلاقة مع السلطات اللبنانية، التي نكن لها كل احترام، ونحن جاهزون للحوار معها، ولكن في كل الملفات دون استثناء."

لقاء حماس الجبهة الشعبية في بيروت.jpeg
لقاء الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مع وفد حركة حماس في لبنان

وفي السياق ذاته، عقدت قيادة تحالف القوى الفلسطينية في لبنان اجتماعها الدوري في مقر حركة حماس ببيروت، يوم الأربعاء 28 أيار/مايو، بحضور ممثلين عن مختلف الفصائل، لمناقشة المستجدات السياسية، بما فيها نتائج لقاء عباس – عون.

وجدد المجتمعون تمسك أبناء الشعب الفلسطيني في لبنان بحقهم في العودة إلى وطنهم فلسطين، ورفضهم القاطع لجميع مشاريع التوطين والتهجير، رغم قسوة ظروف اللجوء. كما دعوا الدولة اللبنانية إلى منح الفلسطينيين حقوقاً إنسانية واجتماعية تساهم في التخفيف من معاناتهم اليومية وتوفير مقومات العيش الكريم.

وشددت قيادة التحالف على أن معالجة قضايا اللاجئين في لبنان يجب أن تتم ضمن موقف فلسطيني موحد، تمثله هيئة العمل الفلسطيني المشترك، وبروح من الحوار الإيجابي والبناء مع الجهات اللبنانية، بما يحقق مصالح الشعبين اللبناني والفلسطيني.

وفي تصريح خاص لـ"بوابة اللاجئين"، قال مصدر فلسطيني مطلع حضر الاجتماع إن الهدف من اللقاء كان إعادة تثبيت هيئة العمل الفلسطيني المشترك كمرجعية وحيدة في إدارة ملف السلاح، ورفض أي محاولات للالتفاف على هذا الدور من خلال لجان غير ممثلة للفلسطينيين في لبنان أو وساطات غير رسمية.

وانتقد المصدر تغييب الشخصيات الفلسطينية اللبنانية عن أي حوار رسمي، في مقابل إشراك وفد قادم من رام الله، معتبراً أن تحديد مهلة لتسليم السلاح دون آلية واضحة أو إشراك الأطراف المعنية "حبراً على ورق". كما عبّر عن استغرابه من تشكيل لجنة لبنانية–فلسطينية لم يُعلن عن أعضائها حتى الآن، مشيراً إلى أنها "تفتقر إلى أي تمثيل فلسطيني لبناني"، وهو ما وصفه بالأمر المستغرب.

موضوع ذو صلة:  لا اتفاقاً فلسطينياً على تسليم السلاح من المخيمات ومصادر: "الاتفاق حبر على ورق"!

يذكر أن الإعلان عن الاتفاق اللبناني–الفلسطيني بشأن بدء تنفيذ "خطة نزع السلاح" منتصف حزيران/يونيو المقبل، أثار جدلاً واسعاً في أوساط اللاجئين والفصائل الفلسطينية، خاصة في ظل غياب إجراءات موازية لتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية للفلسطينيين.

وتتفق الأطراف الفلسطينية على أن الملف يتطلب معالجة متأنية ومتوازنة تضمن الحقوق والواجبات، وتنطلق من مقاربة لبنانية–فلسطينية مشتركة تنأى بالمخيمات عن الانفجار الأمني، وتراعي البعد الإنساني والسياسي على قاعدة تنظيم السلاح في المخيمات وترتيب مرجعية أمنية واحدة.

وفي هذا السياق، كشفت صحيفة "الأخبار" اللبنانية اليوم السبت، أن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري وجه تحذيراً صريحاً للرئيس عباس خلال لقاء وصف بـ"العاصف"، قائلاً: "أي خطأ في المعالجة قد يؤدي إلى فتنة" وأكد بري أن "الرهان على الأميركيين وهم"، مستشهداً بما يجري في الجنوب اللبناني من خروقات يومية رغم التزامات سابقة برعاية أميركية، مشدداً على أن الجيش اللبناني أمام مهام وطنية كبيرة، ولا يمكن دفعه للتورط في أزمة من هذا النوع.

 

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد