من التوثيق إلى النجاة الرقمية

كيف شكلت الحرب على غزة استخدام الفلسطينيين لوسائل التواصل الاجتماعي؟

الثلاثاء 08 يوليو 2025

أصدرت "حملة المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي" ورقة موقف بعنوان: "حرب غزة: كيف شكّلت وسائل التواصل الاجتماعي السردية والتضامن بين الغزيين"، أعدّها الباحث علي عبد الوهاب، وتستند إلى تحليل نوعي لخطابات فلسطينيين من داخل غزة وخارجها، بالإضافة إلى رصد لأكثر من 80 منشوراً رقمياً جُمعت من عدة منصات خلال فترة الحرب.

ويبيّن التقرير بصفحاته الستّ، كيف تحولت وسائل التواصل الاجتماعي منذ بداية الإبادة الجماعية على قطاع غزة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، من مجرد امتداد للحياة اليومية للفلسطينيين إلى شرط من شروط البقاء. ولا سيما مع الانهيار شبه الكامل للبنية التحتية وتكرار انقطاع الكهرباء والاتصالات، حيث أصبح الفضاء الرقمي أداة نجاة ومنصة للتوثيق وحيزاً للتعبير في ظل غياب الإعلام الدولي.

تحولات في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي

وبين التقرير كيف تحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلى أداة للنجاة والتوثيق، من حيث استخدام المنصات الرقمية للتفاعل مع العالم الخارجي، وتنظيم جهود الإنقاذ والاتصال في ظل انهيار مؤسسات الدولة، وكيف تحولت حسابات شخصية إلى مراكز تنسيق بديلة، تنظم جهود الإنقاذ والاتصال.

وتطرقت الورقة إلى الشعور المتزايد بالإرهاق نتيجة التوقعات بتقديم صورة "الصامد البطولي" دائماً، والتحول من الخطابات الوطنية القوية إلى الهمس والصمت، حيث أشار أكثر من نصف المشاركين إلى شعور متكرر بأن ما يُنتظر منهم ليس رواية الحقيقة كما هي، بل تقديم نسخة "صالحة للتضامن" .

وأوضحت الورقة كيف جرى إعادة تشكيل الخطاب والحاجات عبر وسائل التواصل، من حيث التحول من نداءات الصمود إلى منشورات النجاة، وطلب المساعدة في الحصول على الماء والكهرباء والمأوى.

التوثيق لم يعد مساراً للتاريخ، بل وسيلة لإثبات الوجود، إضافة إلى العنف الرمزي والتخوين عند التعبير عن الغضب أو النقد السياسي، ما أدى إلى تفكك الثقة والحق في النقد، وعرض التقرير تجربة إحدى المشاركات التي ذكرت تعرضها لهجوم جماعي على خلفية منشورات تعبر عن الانهيار أو الخذلان.

واشارت الورقة إلى بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني التي بيّنت أنّ 83% من الأفراد في قطاع غزة (فوق سن 10 سنوات) كانوا يستخدمون الإنترنت في عام 2022. وبلغت نسبة الأسر التي تمتلك اتصالًا بالإنترنت نحو 92%. حوالي 2.2 مليون شخص في فلسطين أي ما يعادل 40.5% من السكان، يستخدمون منصات التواصل الاجتماعي، وتعد فيسبوك المنصة المهيمنة بنسبة تتجاوز 96% من الاستخدام الرقمي.

تدهور البنية التحتية

مع بدء حرب الإبادة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تدهورت البنية التحتية بشكل جذري، حيث تعرضت 50% من شبكة الاتصالات للتدمير الكامل، و25% منها لأضرار جزئية.

وتشير تقديرات "بالتل" إلى أن نسبة تعطل الشبكة بلغت 80% في الأسبوع الأول من الحرب، فيما سجلت حركة الإنترنت تراجعاً تجاوز 85%، وتقدر الخسائر الإجمالية في قطاع التكنولوجيا والمعلومات بحوالي 736 مليون دولار، ضمن إجمالي خسائر بلغت 18.5 مليار دولار في مختلف القطاعات.

وحول الحلول البديلة، بينت الورقة أنّ سكان قطاع غزة لجؤوا إلى حلول بديلة محفوفة بالمخاطر، مثل استخدام شرائح خلوية "إسرائيلية" ومصرية، وتقنية (WiMAX )، لضمان استمرار التواصل الرقمي.

كما اعتمدت الورقة على مقاربة نوعية وصفية لتحليل التحولات الخطابية في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في قطاع غزة خلال حرب الابادة منذ تشرين الأول/ اكتوبر 2023.

وتجمع الورقة بين ثلاثة مصادر أساسية للبيانات: مقابلات فردية مع فلسطينيين من داخل وخارج غزة، جلسة نقاش بؤرية مع عشرة شبان وشابات من مواليد 2000 وما بعد، وتحليل محتوى رقمي باستخدام (Web Scraping ) لأكثر من 80 منشوراً رقمياً من منصات مختلفة.

توصيات

وخلصت الورقة إلى عدة توصيات، أبرزها: تعزيز الأرشفة المجتمعية للمحتوى الرقمي من غزة ودعم المبادرات المحلية التي توثق التعبير الرقمي والسرديات الفردية في زمن الحرب، وتوفير حماية رقمية للناشطين والمستخدمين من خلال التدريب على الأمان الرقمي وأدوات للتعامل مع الرقابة الذاتية والهجمات الرقمية المجتمعية.

إضافة إلى رفع الوعي بآثار الخطاب الرقمي الضاغط وتشجيع حوار مجتمعي نقدي حول أشكال الإقصاء داخل الفضاء الرقمي الفلسطيني، ودعم إنتاج سرديات بديلة وتمكين الشباب من استخدام وسائل التواصل لصياغة تعبيراتهم الخاصة، خارج القوالب التقليدية للبطولة أو الاستجداء.

اقرأ/ي الورقة كاملة: حرب غزة: كيف شكلت وسائل التواصل الاجتماعي السردية والتضامن بين الغزيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد