تشهد الساحة الفلسطينية في لبنان سلسلة تغييرات تنظيمية وأمنية واسعة، في ظل قرارات اتخذتها قيادة حركة "فتح" والسلطة الفلسطينية، شملت إنهاء مهام عدد من الضباط وتعيين قيادات جديدة، وسط توتر داخلي متصاعد واحتجاجات على خلفية تلك القرارات. وفي هذا السياق، شهد مخيم مار الياس اعتداءً على المسؤول المالي لحركة "فتح"، عقب تسليمه قرار فصل بحق أحد العناصر الأمنيين المقرّبين من السفير الفلسطيني في بيروت، أشرف دبور.
وقد أصدرت هيئة التنظيم والإدارة في قوات الأمن الوطني الفلسطيني قراراً بفصل الملازم شرف شادي محمود مصطفى الفار من مرتبات جيش التحرير الفلسطيني – قوات الأمن الوطني في الساحة اللبنانية، اعتباراً من 1 تموز/يوليو الجاري.
ووفقاً للقرار الموقّع من اللواء أحمد عوض، رئيس هيئة التنظيم والإدارة، والصادر يوم الأحد، فقد برر الفصل بـ"مناهضته للشرعية وخروجه عن مقتضيات الواجب الوطني".
ويعد شادي الفار من الشخصيات المقربة من السفير أشرف دبور، الذي كان قد أعفي مؤخراً من منصبه كمشرف عام لحركة "فتح" على الساحة اللبنانية، بقرار رسمي من رئيس السلطة الفلسطينية وحركة فتح محمود عباس، ضمن حزمة تغييرات قال إنها تهدف إلى "تحقيق المصلحة العامة".
اقرأ/ي الخبر: قرار بإعفاء السفير أشرف دبور من مهامه وتعديلات تطال قيادة "فتح" في لبنان تثير جدلاً
وسرعان ما تبع قرار فصل الفار توتر في مخيم مار إلياس في بيروت، حيث وقع إشكال عنيف في مكتب حركة "فتح"، بعد أن تسلّم الفار قرار فصله من المسؤول المالي في المخيم، عبد الله جمعة.
وبحسب مصدر من داخل المخيم، فإن شادي الفار اعتدى على جمعة داخل المكتب، وضربه على رأسه بكعب مسدس، ما تسبب له بنزيف حاد تطلب نقله بشكل عاجل إلى أحد مستشفيات العاصمة. وأكد المصدر أن عبد الله جمعة تقدّم بشكوى رسمية ضد شادي الفار لدى الأجهزة الأمنية اللبنانية.
وأشار المصدر إلى أن الحادثة تأتي في سياق توترات داخلية تعيشها حركة "فتح" في لبنان نتيجة موجة التغييرات الإدارية والأمنية التي تجريها القيادة، والتي لم تلقَ ترحيباً من جميع الكوادر. ولفت إلى وجود "اعتراضات من بعض القيادات على قرارات فصلهم أو تهميشهم بعد سنوات من العمل"، مضيفاً أن ما حدث في مار الياس هو "ردّ فعل غاضب على هذه التغييرات، لكن دون أن يتحول إلى اشتباك موسّع".
وفي سياق متصل، أصدرت قيادة قوات الأمن الوطني قراراً إدارياً جديداً قضى بتعيين النقيب فاروق محمد عرسان الهابط نائباً لقائد قوات الأمن الوطني في منطقة بيروت، بالإضافة إلى مهامه كقائد لوحدة الشهيد عرسان الهابط في المنطقة نفسها. القرار، الذي وقّعه محوري العميد إبراهيم خليل، يأتي في إطار ترتيب قيادة القوات في الساحة اللبنانية، وسط تغييرات مستمرة تطال الهيكلية التنظيمية والأمنية.
مصادر فتحاوية مطلعة أفادت بأن لجنة تحقيق وصلت إلى بيروت من رام الله قبل أكثر من أسبوع، وتعمل على مراجعة ملفات تتعلق بشبهات فساد مالي وتنظيمي داخل الأطر الفتحاوية، ومن المتوقع أن تصدر قرارات أخرى خلال الأيام المقبلة استناداً إلى نتائج التحقيق.
وكان قرار إعفاء السفير أشرف دبور، الصادر في 5 تموز/يوليو الجاري، قد أثار ردود فعل متباينة؛ حيث دعم بعض المسؤولين القرار من حيث المبدأ، لكنهم انتقدوا آلية تنفيذه. وقال نائب أمين سر حركة "فتح" في لبنان، سرحان سرحان، إن "نشر القرار عبر الإعلام قبل إبلاغ قيادة الساحة في لبنان كان تصرفاً خاطئاً"، مضيفاً أن اللجنة المركزية لم تعقد أي اجتماعات تشاورية مع قيادة الإقليم في لبنان قبل اتخاذ قرارات اعتبرها "مصيرية".