كشفت صحيفة "غلوبس" الإسرائيلية في تقرير موسّع أن معدلات الهجرة من "إسرائيل" إلى الخارج بلغت خلال العامين الماضيين أعلى مستوياتها منذ عقود، مدفوعةً بتداعيات الحرب التي شنّها الجيش "الإسرائيلي" ضد قطاع غزة بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، وبالأزمات الاقتصادية والسياسية المتصاعدة داخل البلاد.
ووفقًا للباحث "عدان إيرتس" الذي أعد التقرير، بلغ عدد "الإسرائيليين" الذين غادروا فلسطين المحتلة في عام 2024 نحو 78 ألف شخص، وهو رقم قياسي مقارنة بالسنوات السابقة.
وقال "إيرتس": إن مدينة تل أبيب تصدّرت معدلات الهجرة بنسبة 14% من إجمالي المغادرين، تلتها القدس بنسبة 6.3%، رغم كونها الأكبر من حيث عدد السكان.
وأشار التقرير إلى أن دائرة الإحصاء المركزية "الإسرائيلية" عدّلت مؤخرًا منهجها في احتساب أعداد المهاجرين، بحيث تُدرج ضمنهم أولئك الذين يقضون ما لا يقل عن 275 يومًا خارج فلسطين خلال العام الواحد، حتى وإن عادوا لفترات قصيرة، وهو ما جعل الأرقام المسجلة أعلى من السابق.
ووفق بيانات "غلوبس"، تسارعت وتيرة الهجرة خلال عام 2023، إذ ارتفع عدد المهاجرين من 37 ألفًا في العام السابق إلى 56 ألفًا، متأثرة بزيادة أعداد الوافدين من روسيا وأوكرانيا على خلفية الحرب بين البلدين، مشيرةً إلى أن كثيرين من هؤلاء استغلوا "إسرائيل" كمحطة عبور مؤقتة إلى دول أخرى في أوروبا وأميركا الشمالية.
وبيّنت الصحيفة أن نسبة المولودين في الاتحاد السوفييتي السابق بين المهاجرين بلغت 43% عام 2023 وارتفعت إلى 47% عام 2024، في حين بلغت نسبة المولودين في "إسرائيل" 39% فقط. ومع ذلك، فإن عدد "الإسرائيليين" المولودين داخل فلسطين والذين غادروها ارتفع بدوره بشكل كبير، من 19 ألفًا في 2022 إلى 30 ألفًا في 2024، ما يشير إلى أن الظاهرة لم تعد مقتصرة على المهاجرين الجدد بل تشمل شرائح متزايدة من السكان المحليين.
وتواصل تل أبيب تصدّر المدن "الإسرائيلية" من حيث نسبة المهاجرين إلى الخارج، إذ ارتفعت حصتها من 11.2% عام 2014 إلى 14% عام 2024.
أما القدس، فسجّلت تراجعًا حادًا من 10.6% إلى 6.3% خلال الفترة ذاتها. وفي المقابل، شهدت حيفا ارتفاعًا من 4.7% إلى 7.7%، بينما بقيت بئر السبع شبه مستقرة عند 2.1%.
ولفت التقرير إلى أن مدنًا مثل نتانيا وبات يام شهدت قفزات لافتة في نسب المهاجرين، حيث ارتفعت نسبة المغادرين من نتانيا إلى 6.9% مقارنة بـ 3.3% قبل عقد، متجاوزةً القدس من حيث العدد رغم الفارق السكاني الكبير.
كما أوضحت "غلوبس" أن نحو 94.3% من المهاجرين هم من اليهود أو الفئات المصنَّفة "أخرى"، وأن 60% منهم يحملون مؤهلات أكاديمية، ما يعني أن الفئات الوسطى والعليا المتعلمة هي الأكثر مغادرة. ويرى التقرير أن هذه الظاهرة "تعكس فقدان الثقة المتزايد في مستقبل البلاد السياسي والاقتصادي"، في ظل الاحتجاجات المتكررة والانقسام الداخلي الحاد.
وختم الباحث "عدان إيرتس" بالقول: إن العام المقبل سيُظهر ما إذا كان انتهاء المرحلة العنيفة من الحرب ضد غزة سيؤدي إلى تباطؤ موجة الهجرة الحالية، أم أن "إسرائيل" تتجه نحو تحول ديموغرافي طويل الأمد في أنماط الاستقرار والسكن داخلها.
