في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية وانتشار المجاعة الكارثية وتدهور النظام الصحي، يواصل جيش الاحتلال "الإسرائيلي" استهداف الفلسطينيين العزل الذين يبحثون عن لقمة عيشهم بالقرب من نقاط توزيع المساعدات، مما أدى لاستشهاد العشرات وإصابة المئات، بينما أصدرت قوات الاحتلال أوامر إخلاء "اسرائيلية" لأول مرة لسكان مناطق بمدينة دير البلح، في الوقت الذي أطلقت فيه وزارة الصحة نداء استغاثة تحذيراً من عواقب المجاعة المتفاقمة.
وأفادت مصادر طبية باستشهاد 51 فلسطينيًا بينهم 47 من طالبي المساعدات، فيما أصيب أكثر من 100 آخرين، صباح اليوم الأحد 20 تموز/ يوليو، جراء قصف مدفعي وإطلاق نار كثيف نفذته قوات الاحتلال تجاه حشود من منتظري المساعدات في منطقة السودانية شمال قطاع غزة.
وجنوبي القطاع بمدينة رفح، أعلن مجمع ناصر الطبي عن استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة آخرين، إثر إطلاق نار مباشر من قبل قوات الاحتلال قرب مركز لتوزيع المساعدات في المنطقة.
في حين تواصل القوات "الإسرائيلية" عمليات نسف المنازل بحي الشجاعية شرق غزة، وسط قصف مدفعي مكثف على المناطق الشرقية للمدينة.
بينما في وسط القطاع فقد أصدر جيش الاحتلال أوامر إخلاء جديدة لسكان مناطق في جنوب غرب دير البلح، للمرة الأولى منذ بدء الحرب.
وقال المتحدث باسم الجيش "الإسرائيلي" أفيخاي أدرعي في بيان على منصة إكس: "إن المناطق المأهولة ومخيمات النازحين في 6 مناطق سكانية مطالبة بالإخلاء الفوري، داعيا السكان إلى التوجه نحو منطقة المواصي جنوب القطاع".
نداء استغاثة يحذر من تفاقم المجاعة وتدهور الوضع الصحي بغزة
في سياق متصل، أطلقت وزارة الصحة في قطاع غزة صفارات سيارات الإسعاف بشكل موحد في مختلف المناطق، كنداء استغاثة لتحذير العالم من تفاقم المجاعة وتدهور الوضع الصحي بشكل خطير، مؤكدة أن المجاعة وصلت إلى مستويات كارثية، وأن أكثر من مليوني إنسان يواجهون خطر الموت جوعًا في ظل الحصار المستمر.
وأكدت الوزارة في بيان لها أن الاحتلال يستخدم التجويع كسلاح ضد سكان غزة، مشيرة إلى أن الأطفال يموتون جوعاً أمام عدسات الكاميرات دون أن يتحرك العالم لإنقاذهم، وأضافت أن منع إدخال الإمدادات الطبية أدى إلى انهيار النظام الصحي بالكامل، حيث ارتقى 71 طفلاً بسبب الجوع وسوء التغذية.
كما وثقت الوزارة استشهاد أكثر من 900 فلسطيني وإصابة 6000 آخرين من الباحثين عن لقمة العيش، فيما وجهت نداءً عاجلاً للمجتمع الدولي للضغط على الاحتلال لفتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية
من جانبه، حذر المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة من "كارثة إنسانية غير مسبوقة" تهدد حياة أكثر من 2.4 مليون إنسان، بينهم 1.1 مليون طفل، في ظل استمرار ما وصفه بـ"الإبادة الجماعية بالقتل والتجويع"
وجاء في البيان: "نحن على أعتاب مرحلة الموت الجماعي بسبب إغلاق الاحتلال لجميع المعابر منذ أكثر من 140 يوماً، ومنع إدخال المساعدات الإنسانية وحليب الأطفال والوقود، حيث نفد الغذاء والدواء تماماً".
وأضاف البيان: "العالم يتفرج على ذبح غزة وقتلها بالتجويع والإبادة دون أن يُحرّك ساكناً"، مؤكداً أن "ما يجري هو أكبر مجزرة جماعية في التاريخ الحديث".
"أونروا": إسرائيل تجوع مليون طفل في غزة
بدورها، أكدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" أن السلطات "الإسرائيلية" تتعمد تجويع المدنيين في قطاع غزة، من بينهم مليون طفل يعانون سوء التغذية ويواجهون خطر الموت.
وأوضحت الوكالة في بيان لها أنها تملك مخزونا كافيا من الغذاء لجميع سكان غزة لأكثر من ثلاثة أشهر، مخزنا في مستودعات على الجانب المصري من معبر رفح الحدودي.
وطالبت "أونروا"، عبر حسابها على منصة إكس، برفع الحصار عن قطاع غزة والسماح لها بإدخال الغذاء والأدوية، داعية السلطات "الإسرائيلية" بالسماح لها بأداء دورها في مساعدة المحتاجين، خاصة الأطفال.
ويأتي ذلك في وقتٍ تستمر فيه وفيات الأطفال بسبب الجوع وسوء التغذية، حيث أُعلن عن وفاة الطفل يحيى النجار في مجمع ناصر الطبي بمدينة خانيونس متأثراً بالجوع الشديد، والطفلة رزان أبو زاهر (4 أعوام) التي توفيت جراء مضاعفات سوء التغذية.
وقالت إيناس حمدان، مديرة مكتب الإعلام والتواصل في وكالة "أونروا" بقطاع غزة: إن الوكالة لم تتمكن من توزيع أي مساعدات غذائية منذ أسابيع بسبب الحصار، لكنها تواصل تقديم الخدمات الحيوية في ظل أوضاع إنسانية متدهورة.
وأضافت حمدان أن "أونروا" لا تزال تدير خمس مراكز صحية و25 نقطة طبية متنقلة رغم الظروف الصعبة، مشيرة إلى تقارير ميدانية تؤكد تزايد حالات سوء التغذية، حيث يعاني طفل واحد من بين كل عشرة أطفال في غزة من هذه الحالة الخطيرة.
وأوضحت أن أكثر من 6 آلاف شاحنة تابعة للوكالة محملة بالغذاء والدواء ومستلزمات الإيواء لا تزال عالقة عند المعابر، بانتظار الحصول على تصاريح لإدخالها إلى القطاع المحاصر.
من جانبه، قال مركز الميزان لحقوق الإنسان: إن المدنيين في قطاع غزة يقتلون جوعا وعلى مرأى ومسمع من العالم، في واحدة من أكبر جرائم التجويع والقتل الجماعي في العصر الحديث.
وأضاف المركز في بيان له، أن ما ترتكبه إسرائيل بحق سكان القطاع يُعد جريمة مكتملة الأركان تحدث أمام أنظار المجتمع الدولي، الذي فقد بوصلته الأخلاقية وأسقط ما تبقى من مشترك إنساني.
وأكد أن استمرار الحصار وعرقلة إدخال الغذاء والدواء يشكل انتهاكا فاضحا للقانون الدولي الإنساني، مطالبًا بتحرك فوري وفعال لوضع حد للكارثة الإنسانية المتفاقمة في غزة.