كشفت وسائل إعلام عبرية رسمية عن إقرار ضباط "إسرائيليين" بإتلاف مواد غذائية ومياه وإمدادات طبية كانت على متن أكثر من ألف شاحنة مساعدات، حيث تُركت لتتعفن تحت أشعة الشمس الحارقة لأسابيع طويلة عند معبر كرم أبو سالم، دون السماح بإدخالها إلى قطاع غزة، رغم تفشي المجاعة وتحذيرات المنظمات الإنسانية والإغاثية من خطر الموت الجماعي للسكان، خاصة الأطفال.
وأفادت قناة "كان" العبرية، التابعة لهيئة البث الرسمية "الإسرائيلية"، مساء الجمعة، أن الشاحنات كانت تقل عشرات آلاف الطرود من المساعدات الإنسانية، وتُركت لأسابيع طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة قرب معبر كرم أبو سالم من دون أن يُسمح بتوزيعها داخل القطاع، ما أدى إلى فسادها التام.
وفي اعتراف مباشر، قال أحد الضباط "الإسرائيليين" للقناة: "دفنا كل شيء في الأرض، وبعض المواد أحرقناها"، دون أن يحدد التوقيت الدقيق للواقعة.
وأضاف: "حتى اليوم، هناك آلاف الطرود تنتظر في الشمس، وإذا لم يتم إدخالها إلى غزة، فسنضطر لإتلافها أيضاً".
من جهتها، زعمت مصادر عسكرية "إسرائيلية" للقناة نفسها أن "ما بين 100 إلى 150 شاحنة فقط يُسمح لها بالدخول يومياً إلى الجانب الفلسطيني من المعبر"، مشيرة إلى أن معظم هذه الشاحنات لا يتم تفريغها بسبب تعطل آلية التوزيع داخل القطاع المحاصر.
ونقلت "كان" العبرية عن ضابط "إسرائيلي" آخر قوله: "الآلية لا تعمل، الشاحنات تتوقف، الطرق غير صالحة، والتنسيق لا يتم"، مضيفاً: "لدينا هنا أكبر مخزن حبوب في العالم، وإذا لم تُسحب البضائع الموجودة حالياً، فسنقوم بإتلافها ودفنها".
وتأتي هذه الاعترافات الصادمة في وقت يعيش فيه قطاع غزة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه، وسط تفشي مجاعة كارثية تزامناً مع حرب إبادة جماعية تشنها "إسرائيل" منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وفي هذا السياق، ارتفعت حصيلة وفيات التجويع وسوء التغذية إلى 127 شهيداً، وفقًا لوزارة الصحة في غزة، من بينهم 85 طفلًا، وذلك بعد أن سجلت المستشفيات خمس وفيات جديدة خلال الساعات الـ24 الماضية، بينها طفلان رضيعان، نتيجة سوء التغذية ونقص حليب الأطفال.
وأكدت المصادر الطبية أن كل لحظة تمرّ تشهد تدفّق المزيد من حالات سوء التغذية والمجاعة إلى مستشفيات قطاع غزة، في ظل انهيار شبه كامل للقطاع الصحي، وعجز تام عن تقديم الرعاية اللازمة.
ويعاني في الوقت الراهن ما لا يقل عن 900 ألف طفل في غزة من الجوع، من بينهم 70 ألفًا دخلوا بالفعل مرحلة سوء التغذية الحاد، ما يهدد حياتهم بشكل مباشر إذا لم يتم التدخل العاجل.
وقد حذر المكتب الإعلامي الحكومي من أن قطاع غزة على أعتاب مقتلة جماعية مرتقبة بحق 100,000 طفل خلال أيام إن لم يُدخَل حليب الأطفال فوراً.
وسلط الضوء في بيان له على كارثة إنسانية غير مسبوقة وشيكة يرتكبها الاحتلال "الإسرائيلي" في قطاع غزة، حيث يُواجه أكثر من 100,000 طفل أعمارهم دون عامين، بينهم 40,000 طفل رضيع أعمارهم أقل من عام واحد، خطر الموت الجماعي الوشيك خلال أيام قليلة، في ظل انعدام حليب الأطفال والمكملات الغذائية بشكل كامل، واستمرار إغلاق المعابر ومنع دخول أبسط المستلزمات الأساسية".
وأكد أن المستشفيات والمراكز الصحية تسجل يوميًا ارتفاعاً بمئات حالات سوء التغذية الحاد والمهدد للحياة، دون وجود أي قدرة على الاستجابة أو العلاج، في ظل شبه الانهيار الكامل للقطاع الصحي وانعدام الموارد الطبية والغذائية وقد بلغ العدد الإجمالي لضحايا المجاعة وسوء التغذية حتى الآن 122 حالة وفاة، من بينهم 83 طفلاً.
وطالب الإعلام الحكومي بـإدخال فوري لحليب الأطفال والمكملات الغذائية إلى قطاع غزة، وفتح المعابر بشكل فوري ودون أي شروط، وكسر الحصار الإجرامي بالكامل، إلى جانب تحرّك دولي عاجل لوقف هذه المقتلة الجماعية البطيئة.