واصل جيش الاحتلال الإسرائيلي تصعيد عدوانه على قطاع غزة، حيث ارتقى منذ صباح اليوم السبت الموافق 2 آب/أغسطس 2025 نحو ثلاثين شهيداً، بينهم عشرة من منتظري المساعدات الإنسانية، في وقت يعاني فيه سكان القطاع من مجاعة كارثية وسط تحذيرات دولية متواصلة من ارتفاع أعداد ضحايا الجوع وسوء التغذية، خاصة بين الأطفال.
وسجلت مستشفيات قطاع غزة ثلاث حالات وفاة جديدة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية بسبب التجويع وسوء التغذية، بينهم طفلان، ليرتفع بذلك إجمالي عدد ضحايا المجاعة إلى 162 شهيداً، بينهم 92 طفلاً، وفقاً لإحصاءات وزارة الصحة في غزة. كما تجاوز عدد الشهداء الذين قضوا برصاص قوات الاحتلال أثناء انتظارهم للحصول على المساعدات الإنسانية 1300 شهيد.
وأكدت مصادر طبية في مستشفى العودة وسط قطاع غزة أن أربعة فلسطينيين استشهدوا وأصيب ستة وعشرون آخرون بنيران جيش الاحتلال الإسرائيلي أثناء انتظارهم لتلقي المساعدات الإنسانية قرب محور "نتساريم".
وفي سياق منفصل، ارتقى خمسة فلسطينيين إثر غارة إسرائيلية استهدفت شقة سكنية في بلدة الزوايدة وسط قطاع غزة، وفقاً لمصدر طبي في مستشفى شهداء الأقصى.
وفي جنوب القطاع، ارتقى ثلاثة فلسطينيين وأصيب آخرون جراء قصف إسرائيلي استهدف خيام النازحين غرب مدينة خان يونس، كما دمر جيش الاحتلال مباني سكنية في محيط حي الأمل شمالي المدينة.
وفي مدينة غزة نفسها، سجلت إصابات بين المدنيين إثر استهداف مدفعية الاحتلال لمجموعة من المواطنين في حي الشجاعية شرقي المدينة.
الإعلام الحكومي: 73 شاحنة فقط دخلت القطاع أمس وتعرضت للنهب
أكد الإعلام الحكومي في غزة تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع بسبب شح المساعدات واستمرار جرائم الاحتلال بحق المدنيين وطواقم الإنقاذ، محملاً الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن التدهور الكارثي للأوضاع.
وأوضح الإعلام الحكومي في بيان له أن 73 شاحنة مساعدات فقط دخلت قطاع غزة يوم أمس، وهي كمية لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات القطاع الذي يحتاج إلى 600 شاحنة يومياً من المواد الإغاثية والوقود، مشيراً إلى أن معظم هذه الشحنات تعرضت للنهب بسبب الفوضى الأمنية التي يتعمد الاحتلال تفاقمها.
وأشار البيان إلى أن هذه الأرقام تؤكد سياسة التجويع والترويع الجماعي الممنهجة التي ينتهجها الاحتلال، داعياً إلى فتح المعابر فوراً وإدخال المساعدات الإغاثية وحليب الأطفال بكميات كافية، ومحذراً من استمرار الكارثة الإنسانية في القطاع.
استهداف المنظومة الطبية
كشف فارس عفانة، مدير الإسعاف والطوارئ في مدينة غزة والشمال، عن حجم الاستهداف المباشر للمنظومة الطبية في القطاع، موضحاً أن قوات الاحتلال دمرت أكثر من 80% من مركبات الإسعاف العاملة في غزة، مما أثر سلباً على قدرة فرق الإنقاذ على الاستجابة للنداءات الإنسانية.
وأضاف عفانة أن قوات الاحتلال تمنع وصول سيارات الإسعاف إلى مواقع سقوط الشهداء والجرحى، مما يتسبب في تأخر عمليات الإنقاذ ووصول المصابين إلى المستشفيات في حالات حرجة.
وأوضح أن الطواقم الطبية تواجه وضعاً مأساوياً بسبب شح الموارد، حيث يضطر الأطباء إلى الاختيار بين المصابين، لاسيما أن معظم الإصابات تكون في الرأس والأطراف العلوية، مما يشير إلى استهداف متعمد للمدنيين العزل.
وطالب مدير الإسعاف بضرورة الضغط على الاحتلال للسماح بإدخال مركبات إسعاف جديدة ووفود طبية، لتعويض النقص الحاد في الطواقم والمعدات.
جرائم بحق منتظري المساعدات
من جانبه، قال المتحدث باسم الدفاع المدني في قطاع غزة إن قوات الاحتلال ترتكب جرائم مروعة بحق المدنيين الذين ينتظرون وصول المساعدات الإنسانية، مؤكداً أن الاحتلال يقتل منتظري المساعدات ويدفن جثثهم أحياناً لمنع العثور عليها.
وأضاف أن عمليات إدخال المساعدات إلى القطاع صارت ترتبط بسقوط عشرات الشهداء، في ظل منع قوات الاحتلال طواقم الدفاع المدني من الوصول إلى المواقع المستهدفة لإنقاذ الجرحى وانتشال الشهداء.
وحذر من استمرار هذه السياسة الإسرائيلية التي لا تقتصر على تجويع السكان بل تمتد إلى استهدافهم أثناء محاولتهم الحصول على ما يسد رمقهم، داعياً المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لوقف هذه الجرائم.
الأونروا: يجب إغراق غزة بالمساعدات فورًا
بدوره، دعا فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، إلى ضرورة إغراق قطاع غزة بالمساعدات الغذائية فوراً وبشكل مستمر ودون عوائق، محذراً من استمرار الانهيار الإنساني المتسارع في القطاع.
وأكد لازاريني أن سكان غزة يعانون من الجوع الشديد، مشدداً على أن الحل الوحيد لوقف هذه المعاناة يكمن في التدخل السياسي العاجل.
وتواصل غزة مواجهة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العصر الحديث، حيث يعاني أكثر من مليوني فلسطيني من نقص حاد في الغذاء والدواء والمياه النظيفة، وسط تحذيرات أممية من خطر المجاعة الذي يهدد حياة الآلاف، خاصة الأطفال والنساء وكبار السن.