بعد مرور ثمانية أشهر على سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، شهد مخيم اليرموك عودة متزايدة للعائلات الفلسطينية، بالتزامن مع إزالة الحواجز الأمنية وفتح الطرقات، إذ قدر عدد العائلات العائدة بنحو 1200 عائلة، في ظل محاولات فردية لترميم المنازل والبنية التحتية التي دمرت بنسبة تفوق 80% خلال سنوات الحرب.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين رصدت الأوضاع الحالية في المخيم من خلال شهادات عدد من الناشطين الفاعلين والعائدين، الذين توقفوا عند أبرز التحديات التي تحول دون عودة الحياة إلى طبيعتها، ودعم مسيرة التعافي النسبي التي يحاول أهالي المخيم إحداثها في أكبر مخيمات الشتات الفلسطيني في سوريا.

عودة تدريجية رغم الصعوبات

تشير الناشطة الإغاثية أمل عصفور إلى أن الخدمات في المخيم ما تزال "شبه معدومة"، لا سيما في فصل الصيف حيث تعاني العائلات من نقص حاد في المياه. لكنها تؤكد في حديثها لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" أن الحركة داخل المخيم أصبحت أنشط من السابق، موضحةً أن "الناس باتوا يشجعون أنفسهم على العودة" رغم غياب الدعم الفعلي. ولفتت إلى أن غالبية العائدين يطالبون بإزالة الأنقاض من أمام منازلهم ليتمكنوا من إعادة إعمارها.

أما مختار المخيم سامر عودة، فيوضح أن عدد العائلات المقيمة حاليًا يقارب 4 آلاف عائلة، ما يعني أن نسبة العودة بلغت حوالي 60%. فيما يقول اللاجئ الفلسطيني عمار ياسر إن حوالي 1200 عائلة عادت إلى المخيم بعد سقوط النظام، مشيرًا إلى أن العدد الإجمالي للعائلات بلغ حاليًا نحو 4500، أي ما بين 30 و35 ألف شخص.

ويرجع ياسر هذا التغير إلى ضغط الإيجارات في مناطق مثل صحنايا وقدسيا، التي كان ينزح إليها عدد كبير من أهالي اليرموك، حيث يصل إيجار المنزل إلى 150 دولارا شهريا، أي ما يعادل مليونا ونصف ليرة سورية، وهو مبلغ يفوق بأضعاف دخل الموظف السوري.

الأهالي يعتمدون على أنفسهم في الإعمار

وتوضح الناشطة أمل عصفور أن السكان كانوا يأملون مساهمة "أونروا"، ومنظمة التحرير، ومؤسسات إنسانية أخرى في إعادة الإعمار، لكن الواقع كشف غياب هذا الدعم، مما دفع الناس للاعتماد على أنفسهم، أو على أقاربهم في الخارج. وتضيف: "الأونروا لم تكن على قدر المسؤولية، ولم تساهم بشكل مباشر في ترميم المنازل".

أما أيمن المغربي، عضو لجنة خدمات مخيم اليرموك، فيوضح لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" أن الترميم يتم بجهود ذاتية، باستثناء مشروع واحد رمّمت فيه "أونروا" 80 منزلًا للحالات الأشد حاجة، وفقًا لمعيار اجتماعي وإنشائي، حيث خصص لكل عائلة مبلغ يتراوح بين 1000 و4000 دولار.

DSC09741.JPG
الدمار في منازل مخيم اليرموك جراء الحرب السورية

خدمات أولية ومعوّقات رئيسية

من جهته، يشير المختار سامر عودة إلى أن خدمات ترحيل الأتربة بدأت بجهود لجنة التمكين والمتابعة، إلا أنها بحاجة إلى دعم إضافي. ويؤكد أن مشاكل الكهرباء والمياه والاتصالات ما تزال تشكل عائقًا أمام عودة واسعة النطاق للسكان.

أما اللاجئ عمار ياسر، فيسلط الضوء على غياب الإنارة والخدمات الصحية والتعليمية، مؤكدا أن ما أنجز حتى الآن جاء بمبادرات محلية من أبناء اليرموك دون أي دعم خارجي. ويقول: "في المخيم مستوصف واحد ونقطة طبية فقط، وإذا تم تعزيز القطاع الصحي، فسيشجع العائلات على العودة. التعليم، والصحة، والخدمات هي مفاتيح الاستقرار".

الاحتياجات الأساسية: من الفرن إلى المواصلات والتعليم

يعتبر اللاجئ الفلسطيني خالد العنيسي أن تأمين فرن للخبز داخل المخيم هو أولوية عاجلة، مشيرًا إلى أن الجهات المختصة بدأت بالتحرك نحو ذلك دون تقصير.

بدورها، تطالب أمل عصفور بتوفير الكهرباء والمياه كأولوية أولى، إلى جانب تأمين وسائل مواصلات خاصة بعد الساعة الثامنة مساءً لتسهيل وصول طلاب الجامعات إلى بيوتهم، حيث يعاني الكثير منهم من انعدام وسائل النقل.

فيما يشير الناشط باتر تميم إلى أن التعليم يشكل هاجسًا كبيرًا للأهالي، إذ يتساءل الناس ما إذا كانت هناك مدرسة داخل المخيم. كما لفت إلى الجهود المبذولة لإعادة تأهيل الجمعية الخيرية، إلا أن التقدم في هذا المجال ما زال بطيئًا.

ويضيف تميم: "نسبة كبيرة من الشباب عاطلون عن العمل، وفرص العمل في المخيم تكاد تقتصر على أعمال البناء. الناس تنتظر تحسن الكهرباء في دمشق، لعل المصانع تعود للعمل ويفتح المجال أمام تشغيل الورشات".

ويحذّر اللاجئ خالد العنيسي من تدني مستوى الدخل في المخيم، قائلًا: "الرواتب منخفضة جدًا، و80% من سكان المخيم بحاجة إلى دعم من أونروا أو من جهات مختصة تساعدهم على مواجهة هذا الوضع المعيشي القاسي".

شاهد/ي التقرير 

 

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد