يوم 8 آب/ أغسطس الجاري، أعلنت فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عن توافقها على تشكيل لجنة تحضيرية للإشراف على انتخابات اللجان الشعبية في المخيمات الفلسطينية، استناداً إلى مرسوم أصدره رئيس السلطة الفلسطينية المنتهية ولايته محمود عباس بتاريخ 30 حزيران/يونيو، والذي ألزم اللجنة بتقديم تقريرها خلال مدة لا تتجاوز 30 يوماً.
وبحسب المرسوم، ستُجرى الانتخابات وفق النظام الداخلي المعدّل للجان الشعبية لسنة 2010، على أن تتبع هذه اللجان سياسياً وقانونياً وإدارياً ومالياً لدائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية، بصفتها الجهة المركزية المخوّلة بإدارة ومتابعة شؤون اللاجئين الفلسطينيين.
وخلال الاجتماع الذي جرى الإعلان خلاله، أكد مدير دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير، الدكتور أحمد أبو هولي، أن قيادة السلطة في رام الله تتابع أوضاع المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان "باهتمام بالغ"، داعياً إلى ضرورة التحدث "بلغة واحدة" والانتقال إلى "نقلة نوعية في مأسسة عمل اللجان الشعبية"، مع الاستفادة من خبرات أبناء الشعب الفلسطيني في مختلف المستويات.
ومع بدء العد التنازلي لهذا الاستحقاق، استطلع بوابة اللاجئين الفلسطينيين آراء عدد من الناشطين واللاجئين الفلسطينيين في مخيم عين الحلوة جنوبي لبنان حول نظرتهم لهذه الانتخابات وما يأملونه من اللجان الجديدة.
من الضروري أن تكون الانتخابات حقيقية ولا تعزز الانقسام
محمود عطايا، ناشط شبابي من المخيم، شدد على ضرورة أن تكون الانتخابات "حقيقية" وتضم الفصائل والكفاءات والمستقلين، وأن تمثل شريحة واسعة من أبناء مجتمع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
وأضاف: "الأمر مرتبط بالنية، فهل هي فعلاً من أجل النهوض بالمخيم وبناء مجتمع اللاجئين وتأمين مقومات صموده المدنية، أم أنها تقوم على أساس الانقسام؟ فإذا كان الهدف الانقسام، فهنا تكمن المشكلة، أما إذا لم يكن هناك انقسام وكانت النوايا صادقة، فستكون خطوة ممتازة توفر علينا سنوات من الخسارة".
أما أبو فيصل مبارك، من فعاليات المخيم، فوصف الخطوة بأنها "جيدة وممتازة"، متمنياً أن تكون الانتخابات المقبلة شاملة بمشاركة القواطع والأحياء، لانتخاب لجنة قادرة على "قيادة المرحلة المقبلة".
أصحاب الاختصاص هم الأجدر بقيادة العمل
بدوره، رأى فؤاد عثمان، مسؤول الجبهة الديمقراطية في المخيم، أن نجاح اللجان يتطلب "كفاءات متخصصة" تتولى الملفات حسب الاختصاص، مضيفاً: "المهندس يجب أن يدير لجنة المهندسين، والطبيب الملف الصحي، والتعليم يقوده أستاذ متقاعد، أصحاب الاختصاص هم الأجدر بقيادة العمل."
لكن التفاؤل لم يكن حاضراً لدى الجميع، إذ قال اللاجئ يوسف اليوسف: "يُقال إن هناك انتخابات ستُجرى، لكننا لا نتوقع تغييراً حقيقياً".
واستخدم اللاجئ يوسف تعبير " دق المي وهي مي" مشيراً إلى أنّ الدكتور أبو هولي كان مسؤولاً في الداخل طوال الفترة الفائتة ولم يحدث أي تغيير، فما الجديد الذي سيحدث الآن؟ "برأيي، لن يكون هناك أي تغيير إيجابي يخدم الناس".
نريد البقاء في مخيماتنا لا أن نُدفَع لارتياد قوارب الموت كي نهاجر
وفي ما يخص أولويات اللجان الجديدة، دعا أبو فيصل مبارك إلى الحفاظ على تواصل دائم مع القواطع والأحياء "لأنهم الأدرى باحتياجات الناس"، مطالباً بتركيب أنظمة طاقة شمسية لآبار المياه لتفادي انقطاعها عند غياب الكهرباء أو الاشتراكات.
أما اللاجئ أسامة العبد، فطالب بخدمات ترميم المنازل وتسهيل إدخال مواد البناء إلى المخيم، مشيراً إلى الفارق الكبير في الأسعار: "كيس التراب الذي يُباع خارج المخيم بـ 5 دولارات يصل سعره داخله إلى 15 دولاراً".
وعاد محمود عطايا ليؤكد أن دور اللجنة يجب أن يكون "تنظيم الحياة اليومية والخدماتية لضمان استمرار الصمود"، مضيفًا: "لا نريد أن نُدفع إلى البحث عن قوارب للهجرة ونغرق في البحر، نريد البقاء في المخيم حتى نعود إلى وطننا".
أموالٌ كثيرة تدخل إلى المخيمات.. أين مشاريع التشغيل؟
من جانبه، شدد فؤاد عثمان على أن أولوية العمل يجب أن تبدأ ببرنامج تحرك حول وكالة "أونروا" ، قائلاً: "الأونروا دخلت في سياسة تفكيك تدريجي وصولاً إلى إنهاء خدماتها، إذا توقفت خدماتها في لبنان، سيثور اللاجئون وقد يشهد المخيم بركاناً اجتماعياً، فلذلك يجب أن نتمسك بها ونحافظ عليها".
فيما قال لاجئ من المخيم إن "أموالاً كثيرة تدخل إلى المخيمات" وينبغي استثمارها في مشاريع تشغيلية للشباب، معتبراً أن العمل هو "المفتاح لإنهاء المشكلات والفوضى داخل المخيم".
وبيّن التفاؤل الحذر والتشكيك، تبقى الانتخابات المقبلة اختباراً حقيقياً لقدرة اللجان الشعبية الجديدة على تلبية تطلعات اللاجئين وتحسين ظروف حياتهم في ظل أزمات معقدة ومتراكمة، فضلاً عن اختبار قدرة اللاجئين على تحقيق تجربة انتخابية مطوبة لاشراكهم في صنع القرار المحلي في مخيماتهم.
شاهد/ي التقرير