في أزقة مخيم عين الحلوة جنوبي لبنان، يعرف الجميع اسم السيدة سميرة علي، المرأة الوحيدة في المخيم التي تعمل في مهنة خبز الصاج. قدمت من بلدة مروحين جنوب لبنان قبل أكثر من 30 عاماً بعد زواجها من لاجئ فلسطيني، لتعيش في المخيم وتصبح إحدى أيقونات الكفاح والصمود، والمحبة والصبر، حيث تحولت حكايتها مع الصاج إلى جزء من ذاكرة المكان.

فريق "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" التقى السيدة سميرة، التي فتحت قلبها لتحكي عن مسيرة عمرها، مهنتها، وصعوبات حياتها اليومية، بنبرة صابرة وحالمة بأن تنال بعض الراحة عبر مستلزمات بسيطة تساعدها على إكمال عملها الذي تحب، في هذه المرحلة من عمرها.

تقول سميرة لموقعنا: إن بداية قصتها مع مهنة خبز الصاج تعود إلى طفولتها، حين كانت تجلس إلى جانب والدتها وهي تعجن وتفرد العجين، فكانت تناديها لتتعلم وتمنحها أولى محاولاتها في فرد الرقائق على الصاج. كانت الأم تقول لها: "تعالي يا ابنتي لتتعلمي"، ثم تردف: "خذي هذه القطعة وافرديها". هكذا حفظت سميرة أسرار الصنعة مبكراً، لتصبح فيما بعد مصدر رزقها وملاذها.

بعد زواجها وانتقالها إلى مخيم عين الحلوة، واظبت سميرة على الخَبز طوال ثلاثين عاماً، لكنها اضطرت للتوقف فترة حين تقدمت في العمر وضعفت صحتها. ومع ذلك، فإن ظروف الحياة لم تمنحها رفاهية الراحة، إذ أصيب ابنها خلال عمله بكسر في عنق رقبته، وهو أب لثلاثة أطفال، ما دفعها إلى العودة إلى الصاج مجددا كي تعيل أسرتها، وتخفف عن ابنها عبء الإعالة.

محلها اليوم لا يتجاوز متراً ونصفاً، وتعمل سميرة في مساحة ضيقة خارج محلها، في الشارع من دون لافتة أو ساتر. تعجن عجينها في المنزل وتتركه ليختمر، ثم تخرج إلى الشارع لتخبز وتبيع للزبائن. ورغم بساطة المكان، بات اسمها معروفاً في المخيم، إذ يطلبها الناس لإحياء حفلات الحنّة والسهرات وحتى المناسبات الوطنية مثل إحياء ذكرى النكبة، كما روت لبوابة اللاجئين الفلسطينيين.

تصف سميرة علاقتها بالزبائن بأنها علاقة محبة، مؤكدة أن من يملك المال يشتري، ومن لا يملك يأخذ "بركة من الله"، كما تقول. وهي ترى في ذلك واجباً إنسانياً يعزز الروابط الاجتماعية داخل المخيم.

لكن طموحها لا يقف عند حدود عربتها الصغيرة، فهي تحلم بمحل أوسع يتسع لطاولتين على الأقل، وبآلة عجن حديثة توفر عليها الجهد والتعب، على أمل أن تجد جهة تدعمها لتحقيق هذا الحلم.

ورغم المعاناة، لا تفارقها نبرة الامتنان، فهي تحمد الله على ما كتب لها، وتعتبر أن المخيم أصبح حياتها وذكرياتها. وتستعيد سميرة أيام الطفولة في قريتها مروحين حين كانت تخبز مع عائلتها، وتزين الرغيف باللبن والزيت والزيتون. تلك الذكريات الجميلة ما زالت ترافقها اليوم، لتجد صداها في كل رغيف صاج يخرج من بين يديها في مخيم عين الحلوة.

لنشاهد قصة السيدة سميرة علي 

 

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد