بعد مشهد تسليم السلاح في برج البراجنة..

فصائل فلسطينية لـ"بوابة اللاجئين": ما يجري في ملف السلاح "مسرحية ورسائل سياسية"

الإثنين 25 اغسطس 2025

أعاد مشهد تسليم السلاح في مخيم برج البراجنة في الأيام القليلة الماضية إلى الواجهة مجدداً ملف "السلاح داخل المخيمات الفلسطينية"، خاصة بعد الأخبار التي أوردتها وسائل الإعلام عن تسليم دفعة جديدة من الجنوب في مخيم البص، وما يروج له عن خطة للجيش اللبناني بشأن تسليم السلاح الفلسطيني "شبه جاهزة" ستعرض في جلسة الحكومة في 2 أيلول المقبل.

هذا المشهد أثار مخاوف اللاجئين الفلسطينيين من تسليم السلاح والتفريط بآخر أمل في استعادة الحقوق المدنية والعودة إلى فلسطين، متسائلين عن الضمانة في حال جرى التسليم، خاصة أن جرح صبرا وشاتيلا ما زال محفوراً في ذاكرتهم منذ انسحاب الفدائيين من بيروت عام 1982.

فما هو موقف الفصائل الفلسطينية من هذا المشهد؟ وأين وصلت نقاشات هيئة العمل الفلسطيني المشترك في ملف تسليم السلاح؟ أسئلة وجهها موقع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" إلى كل من حركة حماس، الجبهة الشعبية، الجبهة الديمقراطية، وحركة الجهاد الإسلامي.

حماس: "مسرحية إعلامية"

وصف مصدر خاص في حركة "حماس" ما حصل في مخيم برج البراجنة بشأن تسليم دفعة من السلاح بـ"المسرحية"، وقال: "موقفنا كان واضحاً من البيان الذي أصدرته الفصائل عقب التسليم بأنه شأن داخلي يخص حركة فتح ولا علاقة للفصائل الفلسطينية به لا من قريب ولا بعيد".

وأضاف المصدر الذي فضّل عدم ذكر اسمه: "العملية التي حصلت هي بهرجة إعلامية متفق عليها، وحاولوا من خلالها تعميم عنوان عريض وهو تسليم السلاح الفلسطيني في المخيمات، ولكن الحقيقة هي تسليم دفعة بحمولة نصف بيك أب لمخابرات الجيش".

وأشار إلى أن الإعلام حاول إظهار الأمر وكأنه تسليم كامل للسلاح، معتبراً أن ما حصل هو تنفيذ لمقررات اجتماع رئيس السلطة محمود عباس وقائد الجيش اللبناني جوزيف عون.

وأوضح أن ما جرى هو محاولة للهروب من اتفاق شامل لكافة الملفات الذي أكدت عليه هيئة العمل الفلسطيني المشترك، مشدداً على أن الملف لا يمكن أن يناقش إلا عبر حوار شامل يقارب جميع القضايا، ومنها الحقوق المدنية والاجتماعية للاجئين.

وتابع: "تحاول الدولة اللبنانية وحركة فتح العمل سوياً دون باقي الفصائل لإرضاء سياسة خارجية أمريكية، وبعد ضغط من المبعوث الأمريكي جون باراك على الحكومة اللبنانية، كتبوا عنواناً عريضاً ينساق مع مطامح الإدارة الأمريكية وهو تسليم سلاح المخيمات، ولكن الحقيقة أن هذا غير صحيح".

وأكد المصدر أن حركة حماس لم تتعاطَ مع ملف السلاح عبر الإعلام، مشدداً على احترام الحركة لدور الدولة اللبنانية وسيادتها، وأن ضبط السلاح لا بد أن يتم عبر هيئة العمل الفلسطيني المشترك.

وأضاف أنه استغرب "التهليل والترحيب من الجهات اللبنانية، وعلى رأسها نواف سلام رئيس الحكومة اللبنانية"، ما دفع الفصائل إلى إصدار بيان لتوضيح أن ما حصل لا علاقة له بتسليم السلاح.

وفي ما يخص الحديث عن الدفعة الثانية في مخيم البص، قال المصدر: "هذا غير صحيح، ولم نعلم عن تسليم أي سلاح في مخيم البص، وإن جرى فهو لا يخصنا ولا علاقة لنا به. القصة أخذت أكبر من حجمها، وبالأصل لا يوجد سلاح ثقيل داخل المخيمات".

وأوضح أن ملف السلاح تأجّل إلى أجل غير مسمى ولا يوجد سقف زمني لمناقشته، مؤكداً: "نحن مع ضبط السلاح، ولا نملك سلاحاً ثقيلاً، وكل ما هو موجود هو كما قال جوزيف عون (ثقافة شعب) وموجود داخل البيوت".

وتابع المصدر: "المشكلة في هذا الملف أنه يتم التعاطي معه بالتقسيط، ونسمع كل فترة حديثاً من شخصيات أمنية وسياسية لبنانية حوله. نحن كنا واضحين منذ البداية: تعالوا إلى حوار شامل يقارب جميع الملفات، لأننا لن نرضى أن يكون التعاطي معنا ببعد أمني فقط، ولكننا لم نلقَ جواباً وسنتجاهل الملف".

وعن نقاشات هيئة العمل الفلسطيني المشترك، أكد أن الاجتماعات مجمّدة نتيجة التغييرات التي أجرتها السلطة الفلسطينية في لبنان، ومنها عزل السفير أشرف دبور وتغييب فتحي أبو العردات، الذي كان عضواً أساسياً في الهيئة. وقال: "مع مين بدك تحكي؟ حتى الملفات المتعلقة بالقوة الأمنية المشتركة في بيروت توقفت نتيجة القرارات والتغييرات".

الجبهة الشعبية: "القضية وطنية لا أمنية"

وعلّق مسؤول العلاقات السياسية في الجبهة الشعبية عبد الله الدنان قائلاً: "إن ما جرى في عملية التسليم كان تماماً كما أعلن من القائمين عليه، والسلاح الذي سلم كان سلاحاً غير مسؤول بالمعنى التنظيمي، وهذه الخطوة جاءت كتعبير عن النوايا الإيجابية تجاه الدولة اللبنانية".

وأضاف: "التعاطي مع الوجود الفلسطيني في لبنان لا يمكن أن يختزل في موضوع أمني أو مسألة سلاح، بل القضية أوسع وأعمق، فهي مسألة سياسية ووطنية ترتبط بواقع اللاجئين الفلسطينيين ومعاناتهم المستمرة منذ النكبة، وتؤثر مباشرة على مستقبل وجودهم في لبنان".

وشدد على أن هناك إجماعاً فلسطينياً على ضرورة ضبط السلاح داخل المخيمات، مؤكداً أن هذه العملية تتم باحترام السيادة اللبنانية وتحت سقف القانون، لكنه أوضح أن "المقاربة الأمنية وحدها لا تكفي".

وأشار إلى أن السلاح الموجود حالياً في المخيمات هو سلاح خفيف وفردي محدود، له قيمة رمزية أكثر من وظيفية، هدفه الحفاظ على السلم الأهلي ومنع أي استغلال لفراغ أمني محتمل.

ولم يخف الدنان استغرابه من "حملات المبالغة التي رافقت خطوة تسليم السلاح الأخير"، معتبراً أن بعض الجهات ضخّمت الحدث، واستخدمت المخيم كـ"صندوق بريد لإرسال رسائل سياسية".

وختم بالدعوة إلى "الهدوء والمسؤولية في مقاربة الملف بعيداً عن الشعارات والتهويل الإعلامي، وإعطاء الأولوية لحوار جدي يوازن بين احترام السيادة اللبنانية وحماية حقوق الفلسطينيين".

الجبهة الديمقراطية: "إعادة الاعتبار لهيئة العمل المشترك"

وأكد عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية ومسؤولها في لبنان يوسف أحمد أن ما جرى في برج البراجنة لم يناقش مع الفصائل الفلسطينية، مشيراً إلى أن ما حدث يؤكد الحاجة إلى نقاش أوسع يشمل كل المكونات الفلسطينية في لبنان.

وقال أحمد: "كل التجارب السابقة أثبتت أن هيئة العمل الفلسطيني المشترك كانت صمام أمان للوجود الفلسطيني، وتعاطت بمسؤولية مع الدولة ومؤسساتها. وهي قادرة اليوم على بلورة استراتيجية وطنية موحدة تصون المصلحة الوطنية الفلسطينية، وتمتين دعائم العلاقات اللبنانية–الفلسطينية على أسس سليمة".

وأشار إلى رؤية الجبهة الديمقراطية للعلاقات اللبنانية–الفلسطينية، مؤكداً أن اللاجئين "ضيوف قسراً بفعل النكبة"، وأن قضيتهم الأساسية هي حق العودة.

ودعا إلى حوار رسمي لبناني–فلسطيني شامل بعيداً عن الانتقائية، يضمن المصلحة المشتركة، ويحفظ حقوق اللاجئين، معتبراً أن "اختصار الوجود الفلسطيني بعنوان السلاح مقاربة خاطئة"، وأن المخيمات "بيئة نضال وشاهد حي على المأساة الفلسطينية".

كما حذّر من استغلال ملف السلاح في التجاذبات السياسية، موضحاً أن السلاح المتبقي في المخيمات بمعظمه خفيف ومرتبط بالدفاع عن العودة وصيانة الهوية الوطنية.

وأكد أحمد أن "المكان الطبيعي لمناقشة هذا الملف هو هيئة العمل الفلسطيني المشترك ولجنة الحوار اللبناني–الفلسطيني"، داعياً إلى تشريعات لبنانية تعترف باللاجئ الفلسطيني كلاجئ وليس كأجنبي، ما يمنحه حماية قانونية في العمل والتملك والمشاركة السياسية.

وقال في هذا الصدد: "من الخطأ الربط بين الحقوق الإنسانية وملف السلاح، فالمنطق يقول إن الحقوق الاجتماعية والإنسانية حق للاجئ، سواء وجد سلاح أم لا".

الجهاد الإسلامي: "لا تعليق إعلامي"

أما حركة الجهاد الإسلامي، فقد فضّلت عدم التعليق الإعلامي على الموضوع. وقال مسؤول ملف العلاقات الفلسطينية في الحركة أبو سامر موسى: "الحركة غير معنية بالتعاطي إعلامياً مع هذا الملف، وإن أرادت التحدث، فسيكون عبر هيئة العمل الفلسطيني المشترك".

ويعود ملف سلاح المخيمات الفلسطينية في لبنان إلى واجهة الجدل السياسي والأمني عقب تسليم حركة فتح وجهاز الأمن الوطني دفعة من السلاح في مخيم برج البراجنة، ومحاولة تصوير ذلك كتنفيذ لاتفاق رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مع الرئيس اللبناني في أيار/ مايو 2025، الذي نصّ على "تنظيم أو نزع السلاح تدريجياً".

غير أنّ الاتفاق لم يحظَ بإجماع فلسطيني، إذ جرى توقيعه دون الرجوع إلى هيئة العمل الفلسطيني المشترك، المرجعية الوحيدة المعتمدة للعمل الفلسطيني والتمثيل. وفي موازاة ذلك، أجرت السلطة وحركة فتح تغييرات داخلية في لبنان شملت عزل السفير أشرف دبور، واستبدال قيادات الأمن الوطني، وتغييب دور فتحي أبو العردات، ما أثار حفيظة كوادر من حركة فتح والقوى الفلسطينية في لبنان، التي اعتبرت هذه الإجراءات محاولة لفرض مسار أحادي في ملف حساس يرتبط مباشرة بحق العودة وأوضاع المخيمات.
 

 

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد