أصدرت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان "شاهد" تقريرًا حقوقيًا جديدًا، كشفت فيه حجم الدعاية الممنهجة التي ترعاها دولة الاحتلال "الإسرائيلي"، والهادفة إلى إنكار الانتهاكات المرتكبة ضد المدنيين في غزة خلال الحرب المستمرة منذ أشهر، وتشويه وكالة "أونروا"، إضافة إلى استهداف شخصيات ومؤسسات دولية تعمل على مساءلة الاحتلال.
وأوضح التقرير أن الدعاية "الإسرائيلية"، الممتدة منذ عقود، لطالما شكّلت ركيزة لحماية منظومة الاحتلال من المساءلة عبر إنكار الجرائم، وتزييف السياقات التاريخية والسياسية، وتقديم إسرائيل كدولة "ديمقراطية" إلا أن الحرب الأخيرة على غزة وما رافقها من توثيق مباشر للفظائع بالصوت والصورة، أضعف قدرة "إسرائيل" على التحكم بالسردية التقليدية، ما دفعها إلى مضاعفة حملات التضليل الإعلامي الممول رسميًا.
وأشار التقرير إلى أن هذه الحملات تجلت في إنكار المجاعة بغزة رغم تقارير أممية أكدت وقوعها، إذ أطلقت "إسرائيل" عبر منصاتها الرسمية روايات تزعم أن صور الأطفال الجائعين "مفبركة"، وأن حالات الهزال سببها أمراض مزمنة، فيما تم بث مقاطع فيديو وإعلانات مدفوعة على منصات مثل "يوتيوب" لترويج هذه المزاعم في أوروبا كما لجأت إلى إنتاج مواد بصرية عبر الذكاء الاصطناعي للتشكيك في توثيق الجرائم ونفي غياب المساعدات الإنسانية.
ووفق التقرير، لم تقتصر الحملة على غزة، بل امتدت لتشويه سمعة مسؤولين أمميين، بينهم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية الذي أصدر مذكرات توقيف بحق قادة "إسرائيليين"، وكذلك المقررة الخاصة للأمم المتحدة فرانشيسكا ألبانيزي، حيث مولت "إسرائيل" عبر "غوغل" حملات دعائية تستهدفها مباشرة وتتهمها بالانحياز والتواصل مع حركة المقاومة الإسلامية حماس.
كما تناول التقرير الهجوم الواسع على وكالة "أونروا"، إذ روّجت الدعاية "الإسرائيلية" صورًا لمسلحين بشعارات حماس و"أونروا" في حملات ممولة استهدفت الرأي العام في أوروبا وأستراليا، تحت عناوين مثل: "رواتب للإرهابيين أم مساعدات إنسانية؟"، وهو ما اعتبرته "شاهد" مسعى لتقويض عمل الوكالة وتعريض حياة موظفيها للخطر.
وأكدت المؤسسة الحقوقية أن هذه الحملات ليست عشوائية، بل منظّمة وممولة وتخدم هدفين أساسيين: التأثير على الرأي العام العالمي، وتقويض أي مسار قانوني أو سياسي قد يقود إلى محاسبة "إسرائيل" على جرائمها.
وفي المقابل، يتم تقييد المحتوى الفلسطيني عبر منصات التواصل الكبرى مثل "ميتا" و"غوغل" و"إكس"، من خلال حذف توثيقات لجرائم الحرب أو تعليق حسابات صحفيين ومدافعين عن حقوق الإنسان، بما يكرس حالة عدم التوازن الإعلامي ويحمي الجناة من المساءلة.
وشدد التقرير على أن هذه المنظومة الدعائية تسعى إلى طمس الحقيقة، وحرمان الضحايا من إيصال صوتهم للعالم، في الوقت الذي تتعمق فيه الأزمة الإنسانية في غزة مع استمرار القتل والدمار والتجويع الممنهج.