أثار إيقاف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" المساعدة المالية الشهرية (50 دولاراً) التي كانت تُصرف لحالات متعددة أبرزها كبار السن والأطفال والفئات الأكثر ضعفاً، موجة قلق واسعة بين الفلسطينيين في لبنان. واعتبر اللاجئون أن القرار "ضربة قاسية" في حال استمرّ، وسيهوي بأوضاعهم المعيشية الهشّة داخل المخيمات، وفي مقدمتها مخيم شاتيلا في بيروت.
وفي استطلاع أجراه موقع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" داخل المخيم، عبّر عدد من اللاجئين عن صدمتهم من القرار، مؤكدين أن هذه المعونة، ورغم ضآلتها، كانت تشكّل لهم متنفساً يسدّ جزءاً من احتياجاتهم الأساسية.
أحد اللاجئين من أبناء مخيم شاتيلا قال لمراسلنا: "إن إلغاء المبلغ المقرر من أونروا سيكون كارثة علينا، لأن معظم الناس كانوا ينتظرون هذا المبلغ، حتى وإن كان يصرف كل ثلاثة أشهر، وذلك من أجل تسديد ديونهم أو دفع فواتير الكهرباء وغيرها".
وأكّد اللاجئ أن الناس في أمسّ الحاجة إلى هذه المساعدة، ولا يمكن الاستغناء عنها، فهي تسد جزءاً من الحاجات الأساسية، مشيراً إلى مسألة الطبابة وضرورة توسيعها، وكذلك تحسين الخدمات، موضحاً أن اللاجئين لا يجدون العلاج المطلوب في العيادات، وإنما أدوية بديلة محدودة.
فيما شدّد لاجئ آخر على أن هذه المعونة تمسّ مختلف الفئات داخل المخيم، وقال: "الخمسون دولاراً تؤثر على حياة الجميع: كبار السن، طلاب المدارس، النساء والأطفال. نحن في أزمة خانقة داخل المخيمات، ومعظم الناس بلا عمل، ويعتمدون على هذه المساعدات. كبار السن تحديداً لا يملكون أي مورد رزق سوى ما تقدمه 'أونروا'".
وأكد اللاجئ أن هذا المبلغ يشكّل فارقاً في حياة الناس ليس فقط في مخيم شاتيلا، إنما في كافة المخيمات الفلسطينية، وكذلك الطلاب الذين لديهم احتياجات يومية ومصاريف مدرسية، وليس لديهم ضمان صحي أو رعاية طبية أساسية".
أما لاجئ ثالث فقال: "حتى لو كان المبلغ بسيطاً، فإن الخمسين دولاراً تعني الكثير. كنا نتسلمها كل ثلاثة أشهر، ثم صارت شهرية. صحيح أنها لا تكفي، فالأسعار اليوم مرتفعة جداً، لكن على الأقل تساعد في تغطية جزء من النفقات. في ظل الظروف الحالية، حتى مئة دولار لم تعد تكفي. فكيف إذا ألغيت الخمسون؟ من الضروري إعادة هذه المساعدة، فهي الحد الأدنى الذي يمكن أن يقدم للاجئين. ندرك أن هناك ضغوطات على 'أونروا' وأن بعض الدول قطعت عنها التمويل، لكن هناك دولاً أخرى ما زالت تدعمها. لذلك، لا مبرر لإلغاء المبلغ".
من جانبها، عبّرت لاجئة مسنّة عن مدى حاجتها إلى المعونة في ظل ظروفها الخاصة، وقالت لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: "أنا وابنتي نعيش وحدنا، ولا يوجد شاب يعيلنا. لا معيل لنا سوى هذه المساعدة. حُرمنا من أبسط مقومات العيش الكريم".
وتابعت: "خمسون دولاراً قد لا تبدو كبيرة، لكنها بالنسبة لنا تعني الكثير، وتساعدنا على مواجهة فقرنا. الناس بأمسّ الحاجة إليها، وحال اللاجئين صعب جداً، لا عمل ولا فرص، وهذه المساعدة تخفف شيئاً من المعاناة".
أما لاجئة أخرى فقالت: "لماذا يوقفونها؟ ما ذنب الأطفال؟ ليقتطعوا من رواتب الموظفين وليساعدوا الناس. الخمسون دولاراً أصلاً لا تصل إلى كل العائلات، وهناك عائلات في المخيم معدومة تماماً. أنا شخصياً على استعداد أن أدخل البيوت، وأشهد على حجم المعاناة. المخيم مليء بالعائلات التي لا يعرف أحد عنها شيئاً. إلغاء هذه المساعدة سيزيد الوضع سوءاً، وأونروا في الأساس مقصّرة بحق المخيم".
أما لاجئ فلسطيني آخر فاعتبر أن القضية أبعد من قيمة المبلغ، وقال: "معاناتنا أكبر من خمسين دولاراً، لكن كما يقال: (بحصَة تسند جَرّة). نحن نعيش ضيقاً خانقاً كلاجئين فلسطينيين، سواء من فلسطين، أو من سوريا. فإذا كان أهل البلد أنفسهم يختنقون من الظروف الاقتصادية، فما بالك باللاجئ المحروم من أبسط حقوقه؟".
وتابع اللاجئ: "نحن لا نطلب شيئاً زائداً، بل حقوقنا الشرعية فقط. كلاجئين، نحن ممنوعون من العمل في كثير من المهن، ممنوعون من التوظيف وحتى من التنقل بحرية. فما مهمة أونروا إن لم تحمِ ملفنا؟ وأين دورها في تأمين حقوقنا الأساسية؟".