سلسلة بشرية مستمرة من العربات والسائرين على الأقدام على طريق الرشيد الساحلي في مشهد يعيد مرة جديدة صورة النكبة في قطاع غزة والمستمر منذ عامين، بأهوال تكاد تشبه يوم القيامة كما وصفها الكثير من أبناء غزة، الذين فرضت حربُ الإبادة "الإسرائيلية" على من لا يزال ناجياً منهم حملَ أجزاء من متاعهم أو خيامهم باحثين عن مأوى من مكان إلى آخر عله يكون آمناً.

وتأتي موجات النزوح الجديدة في أعقاب أوامر إخلاء وتهجير "إسرائيلية" أصدرها جيش الاحتلال عشرات المرات منذ بداية عملية "عربات جدعون"، والتي يعيد فيها الجيش "الاسرائيلي" معاني النكبة الفلسطينية الأولى عام 1948 حيث كانت هذه التسمية تطلق على إحدى عمليات التهجير في تلك الحقبة حينما جرى السيطرة على احدى البلدات الفلسطينية وتهجير سكانها وهو الهدف نفسه الذي ترمي له العملية عبر السيطرة على مدينة غزة وشمالي القطاع واحتلاله.

180925_Gaza_OSH_00(16).jpg

رحلة طويلة يتكبد أعبائها النازحون على طريق محفوفة بالمخاطر، البعض تمكن من توفير عربات ومركبات لنقل ما تيسر من حاجياتهم مضطرين على دفع تكاليف باهظة مما استطاعوا قبل ذلك ادرخاره للأيام السوداء، بينما البعض الآخر ممن يسيرون على أقدامهم لم تتوفر لهم إمكانات التنقل المادية.

العمليات "الإسرائيلية" المكثفة التي دفعت بسكان مدينة غزة نحو النزوح كبدت النازحين تكاليف مادية أثقلت كاهلهم والتي قدرت بنحو 3180 دولاراً للعائلة مقسمة على أجرة النقل التي تبلغ 1000 دولار، وشراء خيمة عائلية 2000 دولار، وتأجير قطعة الأرض التي تقام عليها الخيمة 180 دولاراً، وفق وكالة "أونروا".

وقالت الوكالة الأممية في منشور على حسابها الرسمي في منصة "إكس"، أن ذلك يأتي وسط شح في الوقود، ومنع إمدادات الملاجئ التابعة لوكالة "أونروا" منذ ما يقارب 7 أشهر جراء الحصار الإسرائيلي المشدد.

ولفتت إلى أن "المساحات مكتظة أصلاً ويصعب العثور على أماكن لإقامة الخيام بعد ما يقرب من عامين من الحرب، إضافة إلى أن الفلسطينيين في غزة لا يحصلون على أي دخل".

180925_Nusaierat_MS_00(37).jpg


إحدى السيدات النازحات ممن يسيرون على أقدامهم روت معاناتها قائلة: "نزحت من بيت حانون بسبب الخوف والدمار إلى جباليا المعسكر، ثم خرجنا من هناك وسط الدمار والهلع بفعل تحذيرات الاحتلال. نزحت أكثر من أربعة شهور في حي النصر".

وبعد 10 أيام مرة أخرى تهرب النازحة تحت وقع القصف وإطلاق النيران والقنابل من حي النصر غربي مدينة غزة حتى وسط القطاع إلى دير البلح مع أبنائها مشيًا على الأقدام وسط رعب شديد باحثة عن الأمان لأطفالها دون أن تملك أي شيء من مقومات الحياة.

ولا زالت النازحة الفلسطينية في طريقها نحو الجنوب وهي لا تعلم أين تتجه دون أن تمتلك مأوى أو حتى خيمة وعلى وقع أصوات تفجيرات الروبوتات وإطلاق النيران والقنابل تسير وأطفالها مؤمنة، أن لا أمان لا في الوسطى ولا في الجنوب ولا في الشمال، ولا أمان إلا بزوال الاحتلال.

180925_Nusaierat_MS_00(23).jpg

"رحلة النزوح الخامسة أو السادسة لا أذكر"، هذا ما قاله نازح من شمالي قطاع غزة وقف على عربة تقل ما تبقى من متاعه من بيت حانون، واصفًا قسوة ما يعيشه: "هذا النزوح الخامس أو السادس، لم أعد أعلم، ضرب الصواريخ ونسف الأبراج السكنية نكّبونا، لم يبق برج إلا وانهار، أجبرونا على النزوح بعدما كنا جالسين في أمان ونعمة".

وأضاف: "الناس تعثرت في الشوارع، منهم من يمشي حافيًا، رسالتي إلى الأمتين العربية والإسلامية: حنوا على هذا الشعب المظلوم الذي لا يعرف إلى أين يذهب ولا يجد مأوى".

180925_Nusaierat_BA_00(9).jpg

وينفذ جيش الاحتلال عمليته العسكرية على مراحل عدة والتي سوف تستمر لعدة أشهر حتى إخلاء كامل مدينة غزة وتهجير أهلها نحو مناطق جنوب قطاع غزة إلى ما زعم الاحتلال أنها "منطقة إنسانية آمنة" والتي طالتها صواريخ الاحتلال وغاراته مرات عديدة.

وإلى جانب معاناة النزوح قام جيش الاحتلال بإغلاق طريق صلاح الدين بشكل كامل أمام حركة النزوح من مدينة غزة باتجاه الجنوب مشيراً إلى السماح بالانتقال جنوباً عبر شارع الرشيد فقط في خطوة أثارت مزيداً من الخوف لدى السكان.

180925_Nusaierat_MS_00(32).jpg

وخلال الساعات الأربع والعشرين الماضية وثقت وزارة الصحة في غزة ارتقاء 33 شهيدًا و146 إصابة، لترتفع الحصيلة الإجمالية للعدوان "الإسرائيلي" المتواصل منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 إلى 65,174 شهيدًا و166,071 إصابة مضيفة أنّه منذ الثامن عشر من آذار/مارس 2025 حتى اليوم، بلغت حصيلة الضحايا 12,622 شهيدًا و54,030 إصابة.

وسجلت الوزارة عن تسجيل 4 وفيات جديدة نتيجة المجاعة وسوء التغذية خلال الساعات الأخيرة، بينهم طفل، ليرتفع عدد الشهداء جراء سوء التغذية إلى 440 شهيدًا، من بينهم 147 طفلًا. كما أوضحت أنّه منذ إعلان التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) عن حالة المجاعة في غزة، سُجّلت 162 حالة وفاة، بينها 32 طفلًا.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد