عمّت أجواء من الابتهاج والارتياح الحذر شوارع قطاع غزة، صبيحة اليوم الخميس 9 تشرين الأول/أكتوبر، عقب الإعلان عن اتفاق المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار بين فصائل المقاومة الفلسطينية وكيان الاحتلال "الإسرائيلي"، بوساطة إقليمية ودولية، أنهت مفاوضات شاقة استمرت في مدينة شرم الشيخ المصرية.

وجاء الاتفاق بعد توافق أولي على بنود وآليات المرحلة الأولى، التي تنص على وقف كامل للعمليات العسكرية وبدء انسحاب تدريجي لجيش الاحتلال إلى ما يُعرف بـ"الخط الأصفر"، الذي يشمل نحو 53% من مساحة القطاع خلال 24 ساعة من التصديق الحكومي "الإسرائيلي"، تليها عملية تبادل للأسرى والمحتجزين خلال 72 ساعة من بدء سريان الهدنة.

وتولت الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا دور الوساطة في إنجاز الاتفاق، فيما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عبر "تروث سوشيال" أن "إسرائيل" و"حماس" وافقتا رسميًا على المرحلة الأولى من خطته للسلام في غزة، مشيراً إلى أن الاتفاق "سيؤدي إلى إطلاق جميع الرهائن قريباً جداً وانسحاب القوات الإسرائيلية إلى خطوط متفق عليها".

بدورها، أكدت حركة "حماس" في بيان رسمي أن الاتفاق "يتضمن وقفاً شاملاً للحرب وانسحاباً كاملاً لقوات الاحتلال وإدخال المساعدات الإنسانية وتنفيذ عملية تبادل للأسرى"، داعية الدول الضامنة إلى إلزام "إسرائيل" بتنفيذ جميع البنود وعدم السماح لها بالتنصل أو المماطلة.

وفي سياق متصل، نقلت القناة 12 الإسرائيلية أن حكومة الاحتلال ستعقد اجتماعاً طارئاً للمصادقة على الاتفاق، مشيرة إلى أن سريانه الفعلي سيكون بعد التصديق الرسمي من المجلس الوزاري المصغّر، فيما أكدت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن قوات الاحتلال "لن تبادر إلى عمليات هجومية جديدة "، لكنها "لن تنسحب قبل إتمام المصادقة الحكومية".

ووفق مصادر "إسرائيلية" نقلتها رويترز، من المتوقع أن يتم الإفراج عن 20 محتجزاً إسرائيلياً من غزة يومي الأحد أو الاثنين المقبلين، مقابل إطلاق أكثر من ألفي أسير فلسطيني، بينهم 250 أسيراً محكوماً بالمؤبد و1700 معتقل منذ بداية الحرب قبل عامين.

كما ينص الاتفاق على إدخال 400 شاحنة مساعدات إنسانية يومياً إلى غزة خلال الأيام الخمسة الأولى بعد وقف النار، مع السماح بعودة النازحين من جنوب القطاع إلى مدنهم ومنازلهم في الشمال.

وفي تصريحات لعضو المكتب السياسي لحركة "حماس" عزّت الرشق، وصف الاتفاق بأنه "إنجاز وطني تاريخي جسّد وحدة الشعب الفلسطيني وصموده"، مؤكداً أن الاحتلال "فشل في تحقيق أهدافه رغم حرب الإبادة والتجويع".

كما رحبت فصائل فلسطينية بالاتفاق؛ إذ اعتبرت حركة الجهاد الإسلامي أنه "إنجاز انتزعته المقاومة بصمودها"، بينما رأت الجبهة الشعبية أنه "خطوة أولى نحو إنهاء سياسة الإبادة في القطاع"، وأكدت لجان المقاومة أن "الاتفاق جاء نتيجة لصمود غزة وشعبها المقاوم بعد عامين من العدوان".

دوليًا، حظي الاتفاق بترحيب واسع؛ إذ أشادت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بالجهود التي بذلتها واشنطن والدوحة والقاهرة وأنقرة، وأكدت استعداد الاتحاد الأوروبي للمساهمة في إعادة إعمار غزة. كما رحّب كل من إيمانويل ماكرون، وكير ستارمر، وخوسيه مانويل ألباريس، ورجب طيب أردوغان بالاتفاق، معتبرين أنه فرصة حقيقية لإنهاء الحرب وتحقيق سلام دائم.

وفي المقابل، عبّرت دول أخرى مثل روسيا، الصين، كندا، أستراليا، وإيطاليا عن دعمها للاتفاق، ودعت إلى الالتزام ببنوده وتنفيذها الفوري، فيما أعلن البيت الأبيض أن ترامب سيزور "إسرائيل" الأحد المقبل لإلقاء خطاب أمام الكنيست، في إطار متابعة تنفيذ الاتفاق.

وبينما تتجه الأنظار إلى الساعات المقبلة لبدء سريان الاتفاق، يأمل الفلسطينيون أن يكون هذا الاتفاق بداية فعلية لإنهاء المأساة الإنسانية وإعادة إعمار القطاع المنكوب بعد عامين من الحرب والدمار.

 

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد