في خطوة احتجاجية لافتة ضد التحيّز الإعلامي الذي تمارسه الصحيفة الأميركية " نيويورك تايمز" تجاه الفلسطينيين، أعلن أكثر من ثلاثمئة كاتب وباحث وشخصية عامة مقاطعتهم لقسم الرأي في الصحيفة إلى أن تستجيب لجملة من المطالب التي تهدف إلى تصحيح تغطيتها للحرب "الإسرائيلية" على قطاع غزة.
وأصدر هؤلاء الكتاب بياناًً مشتركاً جاء فيه أن الصحيفة تعتمد على مقالات الكتّاب المستقلين لتلميع صورتها الصحفية، وأن قسم الرأي لن تكون له قيمة حقيقية من دون هؤلاء المساهمين، مؤكدين أن المقاطعة ستستمر حتى تعيد المؤسسة النظر في سياساتها التحريرية التي وُصفت بأنها تبرّر القتل وتُطبع مع الاحتلال.
وضمّت قائمة الموقعين على البيان نحو مئةٍ وخمسين من كتّاب مقالات الرأي السابقين في الصحيفة، إلى جانب شخصيات بارزة مثل ريما حسن، وتشيلسي مانينغ، ورشيدة طليب، ومريم البرغوثي، وغريتا تونبرغ وغيرهم، ودعا البيان كل من سبق له النشر في "نيويورك تايمز" إلى الانضمام إلى حملة المقاطعة.
وأشار الكتّاب إلى أن تغطية الصحيفة تكرّس رواية الاحتلال "الإسرائيلي"، وأنها نشرت مزاعم غير موثقة حول اعتداءات جنسية خلال عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول، في تحقيق بعنوان "صرخات بلا كلمات"، تبيّنَ ضعف مصداقيته وتورّط أحد معدّيه في منشورات تحريضية.
وطالب البيان بسحب هذا التحقيق فورًا، وإجراء مراجعة شاملة لسياسات التحرير والتوظيف داخل المؤسسة، ومنع الصحفيين الذين خدموا في جيش الاحتلال من تغطية "الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".
كما دعا الموقعون مجلس تحرير "نيويورك تايمز" إلى اتخاذ موقف واضح يدعو إلى وقف تصدير السلاح الأمريكي إلى "إسرائيل"، باعتباره السبيل الوحيد لوقف الإبادة المستمرة في غزة، على حد تعبيرهم.
واستشهد البيان بكلمات الصحفي الفلسطيني الراحل حسام شبات، الذي كتب قبل استشهاده أن "اللغة الإعلامية المنحازة تجعل الإبادة مبرَّرة وتُسهم في استمرار القصف على غزة".
وذكّر الكتّاب بأن الصحيفة أجرت في السابق مراجعات تحريرية بعد تعرضها لانتقادات، مثل تغطيتها لأزمة الإيدز في الثمانينيات، واعترافها بأخطاء التغطية خلال حرب العراق عام 2003، معتبرين أن من واجبها اليوم أن تتحمل مسؤوليتها الأخلاقية تجاه ما يجري في فلسطين.
وانتقد البيان بشدة علاقة الصحيفة بالمؤسسات "الإسرائيلية" وجماعات الضغط الصهيونية في الولايات المتحدة، واتهمها بتعديل محتواها استجابة لهذه الضغوط، وتوجيه مراسليها لتجنّب استخدام مصطلحات مثل "مجزرة" و"تطهير عرقي" و"أراضٍ محتلة".
كما أشار إلى أن التمييز ضد العرب والمسلمين يمتد إلى داخل المؤسسة نفسها، حيث تعرّض موظفون عرب ومسلمون للتضييق، فيما يحتفظ بعض كبار المحررين بعلاقات مالية مع جهات داعمة للاحتلال.
وختم البيان بالتأكيد على أن التزام الصمت أو عرض المأساة الفلسطينية باعتبارها مسألة رأي هو خيانة لمهنة الصحافة، وأن مواجهة التحيّز الإعلامي باتت واجبًا مهنيًا وأخلاقيًا لا يمكن تجاهله بينما يُقتل الأطفال وتُقصف خيام الصحفيين في غزة.
