الأمم المتحدة تكشف تورط شركة كندية في تمويل الاستيطان

حركة المقاطعة في كندا تطالب بالتحقيق في تمويل "خيري" لجيش الاحتلال

الخميس 30 أكتوبر 2025

أدرجت الأمم المتحدة شركة "Metrontario Investment Ltd" الكندية ضمن قائمتها السوداء للشركات المتورطة في أنشطة استيطانية غير قانونية داخل الأراضي الفلسطينية والسورية المحتلة، في خطوة وصفت بغير المسبوقة، لتصبح بذلك أول شركة كندية تضاف رسميًا إلى قاعدة بيانات الأمم المتحدة الخاصة بانتهاكات القانون الدولي في الأراضي المحتلة.

وكشف موقع "BDS Coalition Canada" أن الشركة أدرجت في التحديث الأخير الصادر بتاريخ 25 أيلول/سبتمبر 2025، بعد ثبوت تورطها في مشاريع استيطانية واستغلالها الموارد الطبيعية الفلسطينية، ولا سيما المياه والأراضي، لأغراض تجارية تخدم المستوطنين، استنادًا إلى القرار الأممي A/HRC/43/71 (2020) الذي أقرّ إنشاء قاعدة بيانات ترصد الشركات المتورطة في دعم الاحتلال "الإسرائيلي".

تورط مباشر في مشاريع استيطانية وعسكرية

وتشير وثائق الأمم المتحدة إلى أن "مترونتاريو" نفّذت سلسلة من المشاريع الاستيطانية والعسكرية، من بينها: إنشاء مسار لركوب الدراجات في الجولان السوري المحتل، والمشاركة في مشاريع لوزارة الدفاع "الإسرائيلية" على الجدار المحيط بـقطاع غزة، وتوزيع منتجاتها في مستوطنات مثل غوش عتصيون وأريئيل، وبناء وحدات سكنية في مستوطنات القدس الشرقية المحتلة كـ"هار هوما" و"بيسغات زئيف" و"التلة الفرنسية"، إضافة إلى إقامة مقر لشرطة منطقة "السامرة" في الضفة الغربية، وبناء وحدات سكنية داخل قرية الولجة الفلسطينية قرب القدس.

شبكة مالية كندية "خيرية" تموّل الاحتلال

وفي موازاة ذلك، كشف موقع "Just Peace Advocates" في تحقيق أعدّه الباحثان هاو وسيلفستر، أن الشركة ترتبط بشبكة مالية كندية تعرف باسم "المؤسسات المرساة"، وهي تكتلات استثمارية عائلية ضخمة تستثمر داخل كندا، وتحوّل جزءًا من أموالها إلى تمويل مشاريع استيطانية عبر ما يعرف بـ"العمل الخيري".

ومن أبرز هذه الشبكات "مؤسسة ناثان وليلي سيلفر" (The Silver Foundation)، التي أظهرت الوثائق الأممية وجود تداخل مالي وإداري مباشر بينها وبين شركة "مترونتاريو"، بما يعزّز فرضية تورطها في تمويل الاستيطان وجيش الاحتلال.

وأظهر التحقيق المشترك، الموسوم بعنوان "الجمعيات الخيرية المشتعلة والهدايا الكبيرة"، أن "مؤسسة الفضة" موّلت خمسًا من أصل سبع جمعيات كندية سحبت تراخيصها بسبب دعمها المباشر لجيش الاحتلال والمستوطنات، بمبلغ إجمالي بلغ 2,377,040 دولارًا كنديًا، أي نحو 11% من إجمالي أموالها خلال 11 عامًا.

وفي السياق ذاته، أظهر التقرير أن من بين أكبر عشرين جهة تلقت تمويلًا من "مؤسسة الفضة" بين عامي 2013 و2024، توجد ثلاث عشرة جهة متورطة فيما وصفه التقرير بـ"خط أنابيب الأعمال الخيرية إلى إسرائيل"، إذ توزعت أبرز المساهمات المالية على منظمات صهيونية كبرى، من بينها النداء اليهودي المتحد لتورنتو الكبرى الذي حصل على نحو 3,139,900 دولار كندي، والنداء "الإسرائيلي" المتحدة لكندا الذي تلقى 2,854,225 دولارًا كنديًا، ومزراحي كندا" بمبلغ 1,379,950 دولارًا كنديًا، و"مؤسسة قوس معنوي" (التراث اليهودي سابقًا) التي حصلت على 797,900 دولار كندي، ما يعزز، وفق التقرير، وجود شبكة تمويل منظمة تربط بين الجمعيات الكندية والمؤسسات التابعة لجيش الاحتلال والمستوطنات.

وذكر التقرير أن هذه المؤسسات تعمل كـ"قنوات جرائم حرب"، تستخدم لتحويل الأموال من كندا إلى كيان الاحتلال دون رقابة أو نشاط خيري فعلي، في خرق واضح للقوانين الكندية والدولية.

دعوات لتحقيق رسمي ومساءلة قانونية

على ضوء هذه المعطيات، دعا ائتلاف مقاطعة "إسرائيل" في كندا السلطات الكندية، وخصوصًا وكالة الإيرادات الكندية (CRA)، إلى فتح تحقيق عاجل في أنشطة "مؤسسة الفضة" وشركائها، ووقف تدفق الأموال إلى المستوطنات وجيش الاحتلال.

وقال الائتلاف في بيانه: "يتعين على كندا احترام التزاماتها الدولية، ومنع أي مؤسسة خيرية على أراضيها من تمويل نظام الفصل العنصري أو الاحتلال غير القانوني في فلسطين".

وأشار التقرير إلى أن لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة كانت قد شدّدت في تقريرها الصادر في تشرين الأول/أكتوبر 2024 على ضرورة أن تقوم الدول الأعضاء بـ"مراجعة أنشطة أي منظمة غير ربحية تدعم الاحتلال أو المستوطنات ماليًا أو سياسيًا، ووقف إعفائها الضريبي فورًا".

وانتقد التقرير ما وصفه بـ"ازدواجية المعايير" في تعامل السلطات الكندية مع الجمعيات الخيرية، موضحًا أن التحقيقات الكندية تتركّز عادة على الجمعيات الإسلامية والسيخية بذريعة تمويل الإرهاب، في حين يتجاهل تمويل الجمعيات الصهيونية للمستوطنات "الإسرائيلية" رغم علنيته.

ودعا التقرير إلى تطبيق معايير موحّدة على جميع المنظمات الخيرية دون تمييز ديني أو سياسي، لضمان عدم تورط كندا في جرائم حرب من خلال مؤسساتها المالية والخيرية.

وأكد التقرير في ختامه أن المؤسسات الكندية المتورطة في تمويل الاحتلال قد تواجه ملاحقات قانونية محلية ودولية بموجب قوانين الجرائم ضد الإنسانية واتفاقيات جنيف، في حال ثبوت مساهمتها في دعم أو تسهيل جرائم حرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وختم بالتأكيد على أن تمويل الاحتلال عبر ما يسمى "العمل الخيري" يشكّل انتهاكًا فاضحًا للقانون الدولي وغطاءً إنسانيًا زائفًا للمشاركة في الجريمة، مطالبًا الحكومة الكندية بـ"تحمّل مسؤولياتها ووقف تدفق الأموال إلى نظام الاستيطان والفصل العنصري الإسرائيلي فورًا".

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد