انتشلت الطواقم الطبية جثماني شهيدين عقب ارتقائهما في غارة نفذها جيش الاحتلال في إطار تواصل خرق اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، في ظل الأوضاع الإنسانية الكارثية واستمرار إغلاق المعابر وتعطيل دخول المساعدات، في وقت يحتاج فيه نحو 20 ألف فلسطيني للعلاج في الخارج.
وارتكب جيش الاحتلال انتهاكات جديدة فجر اليوم الثلاثاء 11 تشرين الثاني/نوفمبر، شملت قصفًا جويًا ومدفعيًا وعمليات نسف لمنازل سكنية، خصوصًا في مناطق شرقي خانيونس وجباليا ورفح.
وأصيب صباح اليوم فلسطيني جراء استهداف نفذته طائرة مسيّرة تابعة للاحتلال في منطقة الزنة شرقي خان يونس جنوبي قطاع غزة.
وأفادت مصادر محلية بأن مروحيات وآليات الاحتلال أطلقت نيرانها بكثافة شرقي خانيونس، بالتزامن مع قصف مدفعي استهدف المناطق الشمالية الغربية، فيما فتحت الآليات العسكرية نيرانها شرق مخيم البريج وسط القطاع، ما أدى إلى حالة من الذعر بين المدنيين.
وأكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن الاحتلال يواصل خرق اتفاق وقف إطلاق النار بشكل "ممنهج وسافر"، حيث ارتكب منذ دخول القرار حيز التنفيذ أكثر من 282 خرقًا، أسفرت عن استشهاد 242 مواطنًا وإصابة أكثر من 620 آخرين، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني والمواثيق الدولية.
وأوضح المكتب أن خروقات الاحتلال شملت 88 عملية إطلاق نار استهدفت المدنيين بشكل مباشر، و12 عملية توغل داخل الأحياء السكنية متجاوزة ما يعرف بـ"الخط الأصفر"، و124 عملية قصف واستهداف، إضافة إلى 52 عملية نسف وتدمير لمبانٍ مدنية، واعتقال 23 مواطنًا في مناطق متفرقة من قطاع غزة.
وأدان المكتب الإعلامي الحكومي بأشد العبارات هذه الخروقات العدوانية المتكررة، محمّلًا الاحتلال "الإسرائيلي" المسؤولية الكاملة عن تداعياتها الإنسانية والأمنية، مؤكدًا أن استمرار هذه الانتهاكات يشكل تهديدًا مباشرًا لروح الاتفاق ومحاولة لنسفه بالكامل، في تحدٍّ واضح للمجتمع الدولي والدول الضامنة.
وفي سياق متصل، أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن "إسرائيل" تواصل ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة، رغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار منذ 10 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، موضحًا أن قوات الاحتلال تقتل ما معدله 8 فلسطينيين يوميًا، وتُصيب أكثر من 20 آخرين.
وأشار المرصد الحقوقي، الذي يتخذ من جنيف مقرًا له، إلى أن "إسرائيل" تفرض على أكثر من مليوني فلسطيني ظروفًا معيشية مهلكة تشمل سياسة تجويع متعمّدة، ومنع إعادة الإعمار، وتقييد حرية التنقل، وحرمان المرضى من العلاج وتعطيل دخول المساعدات الإنسانية، في ظل صمت دولي مريب وعجز المجتمع الدولي عن حمايتهم.
من جانبه، حذّر المتحدث باسم بلدية غزة، حسني مهنا، من انهيار وشيك في البنية الخدمية للمدينة نتيجة الدمار الهائل واستمرار إغلاق المعابر.
وأوضح أن كمية الركام تجاوزت 70 مليون طن، وهو ما يفوق قدرات البلدية المحدودة بعد تدمير 134 آلية خدمية، أي ما يعادل 85% من أسطولها التشغيلي، ولم يتبقَّ سوى جرافة واحدة تعمل ميدانيًا لإزالة الأنقاض.
وأضاف مهنا أن أكثر من 260 ألف طن من القمامة تراكمت في الشوارع والمكبات المؤقتة، ما ينذر بكارثة بيئية وصحية بسبب تعطل شبكات المياه والصرف الصحي وغياب الإمكانيات اللوجستية، مؤكدًا أن البلدية وضعت خطة طوارئ لإعادة فتح الطرق وصيانة المرافق الحيوية بالتعاون مع منظمات دولية.
وفي السياق الإنساني، أعلنت الأمم المتحدة أن الجهود المبذولة لزيادة المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة ما تزال تواجه عراقيل كبيرة، رغم مرور شهر على دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
وقال فرحان حق، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن القيود البيروقراطية واستمرار الحظر المفروض على بعض شركاء الإغاثة، إضافة إلى قلة المعابر والمسارات، ما تزال تعرقل وصول المساعدات إلى المدنيين في القطاع.
وأوضح أن فرق الأمم المتحدة تجبر على تنسيق مسبق مع السلطات "الإسرائيلية" لكل تحرك ميداني، مما يبطئ عمليات الإغاثة، ويمنع وصول الإمدادات الحيوية في الوقت المناسب، مؤكدًا أن الوضع الإنساني في غزة ما يزال كارثيًا، رغم مرور أسابيع على وقف إطلاق النار.
