طلاب في قطاع غزة يتلقون خبر نجاحهم بالثانوية العامة وسط الركام وفي الخيام

الخميس 13 نوفمبر 2025
شبان يبتهجون بنجاح صديقهم - خان يونس جنوبي قطاع غزة
شبان يبتهجون بنجاح صديقهم - خان يونس جنوبي قطاع غزة

دخل الفرح بعد غياب إلى خيام ومراكز إيواء النازحين الفلسطينيين في قطاع غزة عقب الإعلان عن نتائج الثانوية العامة التي أظهرت تفوق العشرات من الطلبة الذين واظبوا على الدراسة في ظل ظروف حرب الإبادة "الإسرائيلية" الوحشية وفقدان الأقارب والعائلة طيلة عامين رغم الافتقار لأبسط مقومات الحياة من الغذاء والمأوى ومستلزمات الدراسة ليحققوا أفضل النتائج.

من داخل خيام النازحين في خان يونس جنوبي قطاع غزة، علت أصوات الفرح بين الأنقاض والركام، حيث تلقى الطلبة نتائجهم في امتحانات الثانوية العامة "التوجيهي" بعد عامين من النزوح والمعاناة، بينما استذكر الناجحون أحبّائهم الذين ارتقوا في الحرب "الإسرائيلية" على غزة التي حصدت أرواح عشرات الآلاف من الفلسطينيين منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

ومن بين الشهداء كانت الطالبة المتفوقة ضحى نظمي أبو دلال التي استشهدت بعد تقديمها الامتحانات في مجزرة "إسرائيلية" تسببت باستشهاد 18 فرداً من عائلتها في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، وضحى الشهيدة ارتقت قبل أن تسمع خبر تفوقها بمعدل 96.7 %

ظروف امتحانات استثنائية

وعبر عدد من الطلاب عن ابتهاجهم بالنتائج التي وصلوا إليها رغم فقدانهم الأقارب والأحباء وانقطاع سبل الحياة، ومنهم كان الطالب حسن علي رضوان، البالغ من العمر 18 عاماً، والنازح من شرق خان يونس، والذي حصل على معدل 86% في الثانوية العامة.

يروي رضوان معاناته التي صاحبته طيلة أيام الحرب خلال الدراسة قائلاً: "قدمتُ الامتحانات إلكترونيًا، وكان التقييم صعبًا جدًا لأننا تقدمنا عبر نظام الإنترنت رغم انقطاعه المتكرر، لا أوراق ولا كتب، فقط القتل والتشريد والنزوح يحيط بنا من كل جانب، هذه الظروف أثّرت على حياتنا العلمية كثيرًا".

وأضاف: "كان لدي ابن عم ندرس معًا، وبعد استشهاده أصبحت الحياة صعبة. انقطاع الكهرباء والمياه والطعام كان يرهقنا بشدة، وكنت أحيانًا أقضي يومي على كسرة من الخبز.

" أشعروا بنا، وفروا لنا منحًا دراسية، وافتحوا المعابر. لم يبق لنا مدارس ولا جامعات، كل شيء قُصف. نريد فقط أن نستمر في التعليم". رسالة وجهها رضوان لكل من يسمعه آملاً في استكمال تعليمه.

أما أنسام أبو عليان، البالغة من العمر 18 عاماً، والتي حصلت على معدل 84%، فتصف تجربتها المؤلمة قائلة: "نجحت رغم كل الظروف الصعبة. تعبنا كثيرًا في الدراسة بدون كهرباء أو مياه، كنت أذاكر على ضوء الشموع وأحيانًا في الظلام. كنت أتمنى أن يكون أخي الوحيد معي، لكنه استُشهد. نحمد الله على كل شيء، هذا النجاح هدية لروحه".

امتحانات وسط المجاعة

وفي خيمة مجاورة، جلس محمد أبو بركة (18 عامًا) من الفرع العلمي، وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة خجولة بعد أن حصل على 86%، قائلاً: "نحمد الله رغم المعاناة والحرب والنزوح والجوع أننا استطعنا النجاح. لم يكن هناك كهرباء أو مياه أو أي من مقومات الحياة.

انقطاع الطعام والشراب كان العقبة الأكبر في طريق رضوان كما وصف قائلاً: كنت أدرس والمعدة فارغة، بدون طعام أو شراب،" مضيفاً: "نجاحي هذا اهديه لجدي الشهيد. هذه الحياة ليست حياة، لكننا رغم كل شيء أنجزنا هذا النجاح. أتمنى أن أخرج للدراسة خارج غزة، أريد أن أصبح طبيبًا، فلدينا كم هائل من المرضى والمصابين والشهداء".

ومنذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، توقفت العملية التعليمية بالكامل في قطاع غزة بعد أن تعرّضت مئات المدارس والجامعات للدمار، وتحولت معظمها إلى مراكز لإيواء النازحين. وفقد آلاف الطلبة دفاترهم وكتبهم، بل وحتى ذكرياتهم الدراسية التي جرفتها الحرب.

ولتعويض الانقطاع القسري، بدأت وزارة التربية والتعليم العالي في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي إجراء اختبارات الثانوية العامة إلكترونيًا لطلبة غزة من مواليد 2007، في تجربة استثنائية من نوعها وسط الدمار وانقطاع الاتصالات والكهرباء.

وفي مؤتمر صحفي عقد في مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة، أعلن وزير التربية والتعليم العالي أمجد برهم نتائج امتحانات الثانوية العامة، قائلًا: "31 ألف طالب وطالبة من مواليد 2007 تقدموا لامتحانات الثانوية العامة في قطاع غزة، رغم الحرب والدمار، نتجه نحو استعادة التعليم الوجاهي وتعافي العملية التعليمية في القطاع، ولدينا خطة واضحة سيتم تنفيذها قريبًا. المستحيل ممكن في غزة".

خسائر فادحة في القطاع التعليمي

وفي أحدث إحصائية صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، كشف تقرير في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي حجم الكارثة التي لحقت بالقطاع التعليمي جراء حرب الإبادة "الإسرائيلية".

وأشار التقرير إلى أن 95% من مدارس القطاع تعرضت لأضرار مادية متفاوتة، وأن أكثر من 90% من المباني المدرسية تحتاج إلى إعادة بناء أو تأهيل رئيسي.

كما بيّن أن 668 مبنى مدرسيًا تعرض لقصف مباشر، وهو ما يشكل نحو 80% من إجمالي مدارس قطاع غزة، بينما دُمرت كليًا 165 مدرسة وجامعة ومؤسسة تعليمية، وتضررت 392 مؤسسة تعليمية أخرى جزئيًا.

التقرير وثق أيضا استشهاد أكثر من 13,500 طالب وطالبة، وحرمان أكثر من 785 ألف طالب من حقهم في التعليم بسبب التهجير والدمار المستمر، كما استشهد أكثر من 830 معلمًا وكادرًا تربويًا، و193 عالمًا وأكاديميًا وباحثًا، مما أدى إلى فقدان القطاع التعليمي نخبة كبيرة من كوادره العلمية.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد