تتواصل الأعباء المعيشية الثقيلة التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان في ظل تداخل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، فيما أسهم تقليص وكالة "أونروا" لخدماتها في مفاقمة التحديات، ولا سيما في قطاع التعليم، حيث أدى اكتظاظ الصفوف إلى إضعاف جودة التعليم المقدم، ما دفع العديد من الأهالي نحو خيار الدروس الخصوصية لتعويض النقص الحاصل لدى أبنائهم.

أزمة معيشية خانقة تزيد الدروس الخصوصية من عبئها

ويعيش اللاجئون الفلسطينيون أوضاعاً اقتصادية صعبة نتيجة انتشار البطالة وغياب فرص العمل، إذ تمنعهم الدولة اللبنانية من مزاولة عشرات المهن، ما فاقم هشاشتهم المعيشية مع اشتداد الأزمة الاقتصادية في البلاد.

وفي ظل تراجع الدعم الدولي لوكالة "أونروا" ازداد الضغط على اللاجئين، وخاصة في قطاع التعليم، حيث تعاني المدارس من اكتظاظ شديد ينعكس مباشرة على قدرة الطلاب على التحصيل الدراسي، فيضطر الأهالي إلى اللجوء للدروس الخصوصية رغم ارتفاع كلفتها مقارنة بقدراتهم المحدودة.

مثال على ذلك، اللاجئة الفلسطينية أم أمين، المقيمة في مخيم برج الشمالي بمدينة صور، وهي احدى النماذج الكثيرة، تتكبد كلفة شهرية تبلغ 150 دولاراً لتعليم أولادها الثلاثة.

وتقول أم أمين لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: "ما يجنيه زوجي من عمله اليومي بالكاد يكفينا، ففاتورة المعيشة أصبحت مرهقة إلى حد أننا أحياناً نفتقد حتى تكلفة وجبة طعام كاملة في اليوم."

وتضيف: أنها، ورغم ضيق الحال، تلجأ سنوياً إلى تعيين معلمة خصوصية لأبنائها لتعويض النقص في التعليم المدرسي، وتتابع :"لا أريد حرمان أولادي من حقهم في التعلم، لكنني غير قادرة على متابعة دروسهم بسبب محدودية تعليمي، اكتظاظ الصفوف إلى 45 طالباً يؤثر بشدة على مستوى وجودة التعليم."

نزيف اقتصادي جديد في الحياة اليومية

تشير مراجعة لواقع حياة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان إلى أن العائلة الواحدة تنفق شهرياً مبالغ طائلة للحصول على خدمات أساسية، في ظل تراجع دور الدولة وانقطاع خدماتها، وتقليصات وكالة أونروا"

فالعائلات تدفع نحو 200 دولار شهرياً بدل اشتراك كهرباء خاص للحصول على 5 أمبير لمدة 14 ساعة يومياً أو أقل، ناهيك عن تكاليف الرعاية الصحية والمياه والتعليم.

كما ترتفع كلفة التعليم بسبب المصاريف الإضافية من مواصلات وقرطاسية ودروس خصوصية، وهو ما يشكل عبئاً مالياً يفوق قدرة كثير من العائلات.

الناشطة الشبابية سمر محمد، من مخيم برج الشمالي، تؤكد لبوابة اللاجئين الفلسطينيين أن غالبية طلاب المخيم يلجؤون إلى الدروس الخصوصية بعد انتهاء الدوام الدراسي.

وتقول سمر: "راتب رب الأسرة وحده لا يكفي لتغطية متطلبات الحياة اليومية بسبب الغلاء الفاحش. هناك مصاريف المياه والكهرباء والإنترنت والغذاء، ثم تأتي تكاليف التعليم والدروس الخصوصية التي أصبحت شبه ضرورية."

وتعبر الناشطة عن أسفها، لأن سياسة "أونروا" القائمة على تقليص خدمات التعليم أسهمت في تراجع جودة العملية التعليمية، مع وجود أكثر من 45 طالباً في الصف الواحد، ما يصعّب على المعلمين أداء مهامهم بالشكل المطلوب.

وتُفاقم القيود القانونية اللبنانية على عمل اللاجئين الفلسطينيين، إذ يُمنعون من ممارسة نحو 72 مهنة، من الأزمة المعيشية، وخصوصاً لدى العائلات الكبيرة التي تلجأ إلى الاستدانة لتأمين تكاليف الدروس الخصوصية.

ويُجمع متابعون للشأن التربوي في المخيمات على أن تدهور مستوى التعليم في مدارس "أونروا" هو السبب المباشر لارتفاع الطلب على الدروس الخصوصية، خصوصاً أن كثيراً من الطلاب الفلسطينيين يصطدمون بعوائق اقتصادية تعرقل وصولهم إلى التعليم الجامعي، ما يجعل الدروس الخصوصية وسيلة ضرورية لاجتياز الامتحانات الرسمية أو الالتحاق بالمعاهد المهنية.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد