يواصل جيش الاحتلال خروقاته لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مع تجدد القصف الجوي والمدفعي على مناطق متفرقة من القطاع، في انتهاك مستمر للهدنة المعلنة، وسط استمرار التحذيرات المحلية من تبعات انهيار النظام الصحي والغذائي لأهالي القطاع، مع استمرار القيود التي يفرضها الاحتلال على دخول المساعدات الإنسانية.
ولليوم الـ75 على التوالي، ارتكب الاحتلال منذ فجر اليوم الثلاثاء 23 كانون الأول/ديسمبر، 11 خرقًا جديدًا شملت إطلاق نار وقصفًا مدفعيًا وجويًا، إضافة إلى عمليات نسف لمنازل الفلسطينيين.
وأفادت وكالة "وفا" بأن طيران الاحتلال الحربي أطلق نيرانه باتجاه المناطق الشرقية لمدينة غزة وحي التفاح، بالتزامن مع غارات جوية استهدفت شرق دير البلح وشرق مدينة خان يونس جنوب القطاع.
كما تعرّض جنوب شرقي مخيم البريج وسط القطاع لقصف مدفعي وإطلاق نار من الآليات العسكرية، فيما شنّ الطيران الحربي غارات على المناطق الشرقية لمدينة خان يونس، بالتزامن مع تحليق مكثف للطيران الحربي فوق مناطق جنوب القطاع، وإطلاق نار من الآليات العسكرية شمالي مدينة رفح.
ومنذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في 11 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بلغت حصيلة الشهداء والإصابات 405 شهداء و1,115 مصابًا، إضافة إلى انتشال 649 جثمانًا.
وفي هذا الجانب، رصد الإعلام الحكومي في غزة 875 خرقًا ارتكبها الاحتلال، أسفرت عن 411 شهيدًا و1,112 مصابًا، محذرًا من ارتفاع أعداد الوفيات مع دخول فترة "الأربعينية".
وأكد الإعلام الحكومي أن الاحتلال واصل، منذ بدء سريان وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر 2025 وحتى مساء الأحد 21 ديسمبر 2025، ولمدة 73 يومًا، ارتكاب خروقات جسيمة ومنهجية للاتفاق، في انتهاك صريح للقانون الدولي الإنساني وتقويض متعمّد لبنود وقف إطلاق النار والبروتوكول الإنساني الملحق به.
أزمة إنسانية خانقة ونقص حاد في المساعدات
وفي الجانب الإنساني، أكد بيان الإعلام الحكومي أن الاحتلال يواصل تنصّله من التزاماته، إذ لم يلتزم بالحد الأدنى من كميات المساعدات المتفق عليها.
وبحسب البيان، خلال 73 يومًا، لم يدخل إلى قطاع غزة سوى 17,819 شاحنة مساعدات من أصل 43,800 شاحنة يفترض إدخالها، بمتوسط يومي بلغ 244 شاحنة فقط من أصل 600 شاحنة مقررة، بنسبة التزام لا تتجاوز 41%، وأدى ذلك إلى استمرار النقص الحاد في الغذاء والدواء والمياه والوقود، وتعميق الأزمة الإنسانية الكارثية في القطاع.
كما ذكر الإعلام الحكومي أن شحنات الوقود الواردة إلى غزة لم تتجاوز 394 شاحنة من أصل 3,650 شاحنة كان يفترض دخولها خلال الفترة ذاتها، بمتوسط خمس شاحنات يوميًا فقط من أصل 50 شاحنة مقررة، بنسبة التزام لا تتجاوز 10%، ما تسبب بشلل شبه كامل في عمل المستشفيات والمخابز ومحطات المياه والصرف الصحي، ومضاعفة معاناة السكان المدنيين.
وفيما يتعلق بقطاع الإيواء، حذر الإعلام الحكومي من تفاقم أزمة إنسانية غير مسبوقة، في ظل إصرار الاحتلال على إغلاق المعابر ومنع إدخال الخيام والبيوت المتنقلة والكرفانات ومواد الإيواء، في انتهاك صارخ لبنود الاتفاق والقانون الدولي الإنساني.
وأضاف الإعلام الحكومي أن هذه السياسات تسببت، بالتزامن مع المنخفضات الجوية الأخيرة، في انهيار 46 منزلًا ومبنىً كانت متضررة سابقًا، ما أدى إلى استشهاد 15 فلسطينياً انهارت فوق رؤوسهم المباني التي لجؤوا إليها بعد فقدان منازلهم الأصلية.
كما أشار البيان الحكومي إلى تسجيل وفاة طفلين نتيجة البرد الشديد داخل خيام النازحين، في وقت خرجت فيه أكثر من 125 ألف خيمة عن الخدمة، ولم تعد صالحة لإيواء ما يزيد عن 1.5 مليون نازح.
من جهة أخرى، حذر مدير عام الصيدلة في وزارة الصحة بقطاع غزة من أن أكثر من 62% من الأدوية اللازمة لخدمة نحو ربع مليون شخص من مراجعي الرعاية الصحية الأولية غير متوفرة، ما يفاقم الأزمة الصحية، ويهدد حياة المرضى.
كما حذر مدير صحة غزة من أن نحو 320 ألف طفل دون سن الخامسة معرضون لخطر سوء التغذية الحاد.
بدورها، أكدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" أن الأوضاع في قطاع غزة لا تزال مزرية، في ظل النقص الحاد في الغذاء والدمار الواسع، توازيًا مع تحذيرات منظمة الأمن الغذائي المتكامل من أن نحو 1.6 مليون شخص في قطاع غزة يواجهون انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي، ما يشكل تهديدًا مباشرًا لحياتهم، داعية المجتمع الدولي إلى تكثيف التدخل الإنساني العاجل.
