لبنان - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

تقرير: انتصار الدنان

من ألم الروح تركض في سوق الخضار، تحمل بيديْها الاثنتيْن بعض الأكياس، وابنتها تركض معها تحمل بيديْها هي الأخرى أكياساً أخرى.

تركض أم أحمد ودموعها تنهمر على خديْها، تقف لاهثةً، استوقفناها، رفضت الحديث بداية، لكن تحت الإصرار قالت: "بيتي هنا على الشارع في الطبقة الثانية من المبنى، خرجت منه وقلت بأن بيت أمي أكثر أمناً من بيتي، لكنه هو الآخر طالته القذائف، فاضطررنا إلى الخروج منه والنزوح نحو جامع الموصللي، وعندما عدت إلى البيت اليوم، وجدت المحل الذي تحته محروقاً، ومنزلي تضعضعت جدرانه، لم يُحرق أثاثه، لكننا لا نستطيع البقاء فيه، لأنه صار آيلاً للسقوط".

يقف أبوسامر أمام محله في سوق الخضار، الكائن في أول السوق والأسى باد على وجهه ويقول:"حسبي الله ونعم الوكيل.

محله مؤجر لأحد الأشخاص، وهو محل لبيع الأحذية.

كان خارج المخيم حين اتصلوا به وأخبروه بأن محله قد حُرق، في اليومين السابقين لم يستطع الحضور إلى المحل ليتفقده، بسبب شدة الاشتباكات، واليوم وصل إلى المخيم، وتفقد محله وقال: "لا نعرف من سيعوض علينا خسارتنا هذه، تعب سني العمر راح أمام أعيننا بشربة ماء، الناس في المخيم لا يعرفون إلى أين سيذهبون بعد هذه النكبة التي ألمت بنا".

وإزدهار ليس حالها بأفضل من غيرها، فهي تسكن في منطقة حي الطيرة، مكان تمركز الاشتباكات الأخيرة، حرق منزلها بالكامل، تدور في غرف البيت، وودخان النار ما زال يتصاعد في البيت، حتى لهبها ما زال يحف المكان، غصت بالدمع، بدأت حديثها: "راح البيت كله، وغاب صوتها بالبكاء المر، إلى أين المفر"

زوجها عامل يعيش كل يوم بيومه، من أين سيعاود بناء بيته، من أين سيحضر المال، وهل العمر يكفي لذلك وهو ابن الستين من عمره.

 سكتت فتكلم زوجها قائلاً: "خرجنا من بيتنا، وتوجهنا نحو جامع الموصللي، ومن ثم توجهنا نحو شقة لأحد أقاربنا لنسكن معهم، كنت صباحاً في المنزل أخذت بنطالاً وقميصاً ولبستهما، وتركت البيت وتوجهت نحو صيدا، وما إن وصلت حتى اتصلوا بي وأخبروني بأن منزلي احترق بالكامل، فأجبت منذ قليل كنت موجوداً فيه، واليوم عندما عدنا إلى الحي وجدت البيت محروقاً بالكامل، ليس فيه شيء نهائيّاً".

يصمت أبو سامر ليتكلم ابنه ويقول: "أهكذا يأمرهم الدين، أين أولاد أبناء فتح، أين أبناء المشايخ وبيوتهم، جميعهم خارج المخيم، ونحن الفقراء من نصاب بالوجع، هناك طرف آخر يلعب بمصير مخيمنا وأهله، من سيعوض علينا خسارتنا هذه، لا نشكوأمرنا لغير الله، علما أن المتقاتلين هم من يجب أن يعوضوا علينا خسارتنا".

يضيف قائلاً: "من يحاربون؟ يقتلون بعضهم البعض، ويهجروننا مرة أخرى، يقتلون أحلامنا، فليذهبوا ويقاتلوا العدوالصهيوني".

عين الحلوة الوجع الدائم، هو اليوم في نكبة ليس لها مثيل، يقول البعض: "نكبة مخيم نهر البارد جديدة، لا كهرباء، لا مياه، لا خدمات، ولا حتى أسقف تأوي ساكنيها، لا يعرفون إلى أين سيتوجهون. إلى الشارع؟ أم إلى المساجد والمدارس؟"

 

خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد