اليونان - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

"لاأعرف لماذا يمنعون الناس من الوصول إلى وجهتهم" بهذا تسائلت سميرة، الامرأة الفلسطينية الخمسينيّة، من سكّان مخيّم اليرموك للاجئين بدمشق، وهي تروي معاناة هربها من الموت عبر صفحة " أصوات من الطريق" التابعة لمنظّمة أطبّاء بلا حدود.

إنّه الاتفاق التركي الأوروبي بشأن اللاجئين، الذي يمنع اللاجئين الفارّين من الموت، من الوصول الى وجهتهم، ويحبس سميرة وسواها، في جزيرة ساموس اليونانية، حيث مصير المئات من اللاجئين معلّقاً بانتظار ما تفضي اليه اللعبة السياسية بين الدول، حيث أضحى اللاجئون فيها مجرد ورقة ضغط.

وصلت سميرة، إلى جزيرة ساموس في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2016، وعاشت لوحدها  في خيمة دون أي دعمٍ أو إرشاد، تنتظر مؤّشراً ما يساعدها على تخمين موعد لقائها بأولادها وزوجها.

سميرة الزوجة والأمّ لأربعة أولاد، فرّقت الحرب عائلتها، حيث يعيش إبناّ وبنتاً لها في السويد، ويعيش ولداً آخراً لها في ألمانيا، بينما ما يزال زوجها وابنة لها يعيشان في دمشق، تقول: "لم يكن من المفترض أن تصبح الأمور هكذا، أو أن تتشتّت عائلتنا، أنا عالقة لوحدي في جزيرة ساموس منذ أربعة أشهر، ولا أعرف كم ستطول إقامتي هنا، وكلّ ما أريده هو أن يسمحوا لي بمغادرة الجزيرة والانضمام إلى ابني في ألمانيا"

وتابعت سميرة الحديث عن أسباب هربها من مخيّم اليرموك، دون توّقع أنّ مصيراً مجهولاً ينتظرها في جزيرة غريبة، لا تأبه قوانين سلطاتها بما واجهته هذه الامرأة  من موت متعدد الأوجه، خلال رحلة الهرب.

 "هربت وحدي من مخيّم اليرموك قبل خمسة أشهر من وصولي إلى جزيرة ساموس، بعد أن كدنا نموت من الجوع ونقص الرعاية الصحية بسبب الحرب والحصار على المخيّم، و كنّا نقتات على الأعشاب ونبات الصبّار الشوكي، و نغلي التوابل للحصول على مزيج يشبه الحساء" قالت سميرة. وأضافت  " لقد رأيت أشخاصاً يموتون من الجوع، ولم يكن قد بقي من أجسامهم سوى الجلد والعظام عندما دفنوا"

وسردت سميرة بعض تفاصيل رحلتها قائلةً: "قمت برحلة شديدة الخطورة إلى القامشلي شمال سوريا، وحاولت عبور الحدود السورية التركية أربع مرّات بشكلٍ غير شرعي، حيث يُمنع على الفلسطينيين السوريين دخول تركيا دون تأشيرة وجواز سفر صالح، وهو ما يتعذر على أغلبنا الحصول عليه،أطلقت الشرطة التركية النار علينا على الحدود، وكنت خائفةً جداً. وأخبرني المهرّب في نهاية الأمر أنّ العملية شديدة الخطورة لذلك ذهبت إلى العراق، ثم كردستان حيث لم يكن الأمر سهلاً، فقد تعيّن عليّ الانتظار قرابة ثلاثة اسابيع قبل أن استتطيع دخول البلاد، لأتمكّن اخيراً العبور إلى تركيا من هناك"

وتابعت "استغرقني الوصول إلى أزمير خمسة أيام بعد دخول تركيا وبعد خمسة محاولات، ركبت القارب المطاطي في منتصف الليل ووصلت إلى جزيرة ساموس بعد ساعات على الهرب من خفر السواحل التركي ظننت أنني سأموت في البحر، حيث ثقب القارب وخضنا صراعاً مريراً لتجنّب الغرق، لقد كانت رحلة صعبةً ومرعبة"

سميرة التي انتهى بها المطاف عالقةً في جزيرة ساموس تنتظر المجهول، تبتلع مرارة رحلة هرب طويلة من الموت، منذ هُجّرت عائلتها عن فلسطين عام 1948 الى مخيّمات اللجوء في لبنان حيث كابدت حياة الفقر والحرمان، فالهرب من موت الحرب اللبنانية عام 1982الى مخيّم اليرموك حيث التجربة الاشدّ وقعاً   للحرب والحصار، وصولاً الى مواجهة أوجه الموت في رحلة اللجوء. و لم تسجّل سميرة  أيُّ طلبٍ من العالم خلال حديثها، سوى أن "تسترد حريّتها يوماً ما" وفق ما قالت.

وتختم سرد قصّتها قائلةً" أبكي كلّ يومٍ في خيمتي ولا أحد يسمعني، ولا أعرف متى ستنتهي هذه المأساة، فحياتي تبدو وكأنها سلسلةٌ من المآسي التي لا يبدو أنّ لها نهاية."

وكالات - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد