نشر موقع "ميدل إيست آي" مقالا للباحث في مجال الطاقة أورانزيب قريشي، يتحدث فيه عن صفقة تركية إسرائيلية لتصدير الغاز وبيعه، واصفا إياها بأنها "صفقة القرن، حيث يتم إعداد حقل ليفياثان لبدء التصدير".
ويقول قريشي في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن الغاز الطبيعي أدى دورا في عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، بعد توتر دام ست سنوات، مشيرا إلى أن إسرائيل اكتشفت في عام 2010 حقل الغاز ليفياثان، وهو حقل ضخم يحتوي على 16 تريليون قدم مكعب من الغاز، وتبلغ قيمته 95 مليار دولار.
ويستدرك الموقع بأنه رغم المعوقات التي واجهتها إسرائيل حتى حزيران/ يونيو، لتنظيم عملية إنتاج الغاز، إلا أن تغير الحظوظ بالنسبة لإسرائيل في مجال الغاز لفت انتباه تركيا.
ويقول الكاتب إنه "من أجل وضع الأمور في نصابها، فإنه لا بد من الإشارة إلى الهيكل التنظيمي الذي وضعته الحكومة الإسرائيلية، الذي عرقلته المحكمة الإسرائيلية العليا؛ بسبب قلقها من احتكار الدولة لقطاع الغاز، كما أن الشركات التي تقوم بإدارة حقل ليفياثان هي ذاتها التي تدير حقل تمار، الذي اكتشف قبل ذلك بعام، ونظرا لكون هذا الاكتشاف من أكبر الاكتشافات في مجال الغاز خلال عقد، ولجاهزيته الآن للتطوير، فإن هذا الوضع لفت نظر تركيا، وأصبحت تداعيات التوتر بسبب سفينة مرمرة مياها تجري تحت الجسر، فمن الصعب التقليل من أهمية الغاز الطبيعي لكلا البلدين".
ويضيف قريشي أنه "بالنسبة لتركيا، فإن الغاز يمثل حلقة الوصل بينها وبين أوروبا، ما يعني تأثيرا تركيا على السياسة الأوروبية المتعلقة بالشرق الأوسط، وزيادة النفوذ الجغرافي الاستراتيجي بشكل عام، حيث يتم الانتهاء من إنشاء الأنابيب العابرة للحدود من آذربيجان، بالإضافة إلى إمكانية تدفق النفط بعد عودة العلاقات التركية الروسية، وعليه، فإن التطبيع مع إسرائيل هو ثمن بسيط تدفعه تركيا من أجل تنويع سوقها".
ويشير الكاتب إلى أنه "بدخول تركيا مرة أخرى إلى حقول الغاز الطبيعي في شرق المتوسط، فإنها تأخذ الأضواء من مصر وقبرص واليونان، وتعيد التركيز على إسرائيل، التي تنقل غازها عبر تركيا، ويسمح الاتفاق التركي الإسرائيلي باستئناف أنقرة مساعدتها لغزة، وهو مبرر يمكن أن تقدمه تركيا لمن ينتقد تطبيع العلاقات بينها وبين إسرائيل، وبوجود المصالح في الطاقة الإسرائيلية، فإن تركيا مستعدة للاستثمار في بناء أنابيب نقل الغاز".
ويلفت قريشي إلى أنه "بالنسبة لإسرائيل، فإن اكتشاف حقل ليفياثان للغاز يعد لحظة مهمة في تاريخها، تنقلها من مجرد مستورد للطاقة إلى مصدر لها، وحقيقة اعتذار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ودفعه 20 مليون دولار تعويضات لضحايا السفينة الأتراك، تعكس مدى أهمية تركيا الاستراتيجية لإسرائيل، فإنه في الوقت الذي يمكن فيه لإسرائيل تصدير الغاز إلى الدول الجارة، مثل مصر والأردن، فإن قدرتها على تصديره إلى أوروبا ستغير قطاع الغاز، وستجعلها رصيدا مهما أكثر مما تمتعت به في السابق من رعاية غربية".
وبحسب الكاتب، فإن "الغاز الإسرائيلي سيقلل من اعتماد أوروبا على الغاز الروسي، ما سيؤدي إلى تخفيف احتكار روسيا للسوق الأوروبية، لكنها ستواجه تحديات، فيجب على إسرائيل أن تستعيد ثقة المستثمرين، بعد مهزلة التنظيمات، وعليها إقناع الشركات بالاستثمار في قطاع الطاقة في مناخ من الأسعار المخفضة للغاز".
وينوه قريشي إلى أنه "على الساحة الجغرافية السياسية، فإن إسرائيل تحتاج إلى تقديم تنازلات لقبرص؛ لتكون قادرة على بناء أنابيب في مياهها الإقليمية في ضوء العلاقات القبرصية التركية، ويمكن لقبرص الاستفادة منها، خاصة أن حقلها (أفروديت) يمكن أن يقدم قدرات استيعاب إضافية للأنابيب".
ويرى الكاتب أن "وجود خط أنابيب غاز من إسرائيل إلى تركيا سيكون إنجازا مهما للولايات المتحدة، حيث إن واشنطن لا تريد أكثر من قيام حليفتها في الشرق الأوسط بتغيير الديناميكية الأوروبية للطاقة، وتخفيف اعتمادها على روسيا، لذا فإنه لم يكن مفاجئا قيام الولايات المتحدة بدفع نتنياهو للاعتذار لتركيا في المقام الأول، وجلب التحرك الأمريكي تركيا مرة أخرى إلى المجال الأمريكي وحلف الناتو، بعد الانقلاب الفاشل، الذي لا يزال محل تبادل عدائي بين الطرفين".
ويختم قريشي مقاله بالقول إن "إمكانية تعاون إسرائيل في مجال الغاز مع كل من مصر والأردن ستؤدي إلى ضمان استقرار الحليفين العربيين الرئيسين لأمريكا في منطقة تشهد اضطرابات، ويجب ألا يساورنا أي شك بأن الولايات المتحدة ستكون المستفيد الأول من أي خط أنابيب غاز بين إسرائيل وتركيا، ولا أحد يشك بأن روسيا وإيران تراقبان التطورات بين تركيا وإسرائيل عن كثب".