البرازيل - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

تقرير: أحمد أبو حسنة

اعتبرت ثمانينيات القرن الماضي، العصر الذهبي للتفاعل اللاتيني مع القضية الفلسطينية. وقد شهدت تلك الفترة زخماً كبيراً، للحضور الشعبي الفلسطيني في أمريكا اللاتينية، فقد نظمت الجاليات الفلسطينية نفسها في دول القارة، من خلال العديد من المؤسسات السياسية التي أفرزت اتحادات (فيدراليات) لهذه المؤسسات، وقد تم تنسيق العمل عبر اتحاد جامع، سمي بـ "الكونفدرالية الفلسطينية في أمريكا اللاتينية والكاريبي" (كوبلاك) في العام 1984.

تلقى الكوبلاك (COPLAC) ، الدعم من "المجلس الوطني الفلسطيني"، والذي أقرّ في دورته الثامنة عشر، تخصيص سبعة عشر مقعداً من مقاعده لأعضاء يمثلون الكوبلاك.

وقد شارك هؤلاء في كل الدورات المتتالية للمجلس، بما فيها الدورة الأخيرة، الشهيرة بدورة "تعديل الميثاق الوطني".

ومنذ توقيع "اتفاق أوسلو"، وما ترافق مع ذلك من تراجع للقضية الفلسطينية، ومن دور لمؤسسات منظمة التحرير؛ خبا صوت الكوبلاك، وتراجع دوره، وسيطرت على الجالية الفلسطينية في أمريكا اللاتينية - التي تعتبر جزءاً من الحالة الفلسطينية الرافضة لذلك الاتفاق المجحف  حالةٌ من الإحباط، وعدم الثقة بهذه المؤسسات.

 وخلت الساحة من أي عمل وطني، إلا من بعض المبادرات الفردية. فالمؤسسات التي كانت تنشط في واحدة من أهم الساحات الداعمة للقضايا الوطنية الفلسطينية، على الصعيد الدولي، تراجع دورها بشكل كبير، وأصيبت بشلل شبه تام بعد توقيع اتفاق أوسلو.

ورغم المحاولات العديدة، التي حاولت قيادات وطنية في الجاليات الفلسطينية، القيام بها لإعادة إحياء العمل الوطني الفلسطيني، وضخ الدم في شرايين مؤسسات الجالية، وبالأخص مع انطلاق الانتفاضة الفلسطينية الثانية، إلا أن هذه المهمة بقيت عصية على التنفيذ، نظراً لغياب الرغبة السياسية الجادة، من قبل من بيدهم القرار الحقيقي في تنشيط الكوبلاك.

قبيل انتهاء انعقاد الملتقى التحضيري لـ "مؤتمر فلسطينيي أمريكا اللاتينية"، والذي عرف بـ "ملتقى تشيلي"، و استضافته الفيدرالية الفلسطينية في سانتياغو (عاصمة تشيلي)، في كانون الثاني/يناير عام 2017، دعت الكوبلاك إلى عقد مؤتمرها الرابع، عبر بيان وزعته باللغة البرتغالية في ذلك الوقت، معتبرة أن لقاء تشيلي كان بمثابة اللقاء التحضيري لمؤتمرها الرابع.

ورغم الجدل الذي رافق توقيت إصدار البيان، إلا أن الجالية استبشرت خيراً بعودة العمل الفلسطيني، وتنشيطه من خلال الأطر الشعبية ليعيد الحياة إلى المؤسسات الفلسطينية، بعد ما يقارب ثلاثة عقود،إلا أن هذا التفاؤل لم يدم طويلاً ، فقد ناقض الكوبلاك نفسه، داعياً لاجتماع تحضيري جديد (وهو الذي كان اعتبر لقاء تشيلي هو اللقاء التحضيري). ولم يقم الكوبلاك، حتى تاريخ إعداد هذا التقرير، في إنجاز هذا الاجتماع التحضيري.

الناشط الفلسطيني في البرازيل "جاد الله صفا" أشار لموقع بوابة اللاجئين الفلسطينيين إلى أن "اجتماع اللجنة التحضيرية للمؤتمر تم تأجيله مراراً، ما يشير إلى العديد من الصعوبات والمشاكل، التي تواجه الأعمال التحضيرية، ويعكس اختلافات عديدة في وجهات النظر". وأضاف صفا أنه يتوقع "حدوث تأجيل إضافي للاجتماع أيضاً، حيث أنه وحتى هذه اللحظة، فإنه لا توجد مؤشرات لإمكانية انعقاده في المواعيد التي يجري الحديث حولها".

ربما هذا ما دفع دائرة شؤون المغتربين في منظمة التحرير، لإطلاق مبادرتها (في 17/04/2017) لإعادة إحياء الكوبلاك. "منطلقة من قراءة لواقع الجالية في أمريكا اللاتينية، ومحددة المصاعب التي تعاني منها هذه الجالية ومؤسساتها. وطارحة تصورها الخاص للخروج من هذا المأزق"، عبر الدعوة لـ "عقد اجتماع تحضيري .. ومناقشة سبل إعادة الحيوية والنشاط الجماعي بشكل ديمقراطي ..  وتحديد آلية تمثيل دول القارة في المؤتمر".

إلا أن هذه المبادرة تتضارب تماماً مع الدعوة التي قدمها سكرتير عام الكوبلاك السيد "حنا صافية" في اليوم نفسه (17/04/2017) ، داعياً للاجتماع التحضيري لمؤتمر الكوبلاك. ففي حين أن "صافية" يدعو إلى الاجتماع بين (2 و 4 حزيران/يونيو القادم) في العاصمة البرازيلية "برازيليا"، وعلى نفقة السفارة الفلسطينية (للإقامة والطعام)، فإن مبادرة دائرة شؤون المغتربين تدعو للاجتماع في منتصف حزيران/يونيو القادم في عاصمة البيرو "ليما" وعلى نفقة الفيدرالية الفلسطينية في البيرو ودائرة شؤون المغتربين.

وهذا ما يؤكد أن الحديث عن انعقاد اللقاء التحضيري للمؤتمر الرابع، لا يزال بعيداً عن إمكانية التحقق. ناهيك عن انعقاد المؤتمر نفسه، والذي كانت مصادر فلسطينية مطلعة في أمريكا اللاتينية، أكدت انعقاده قبل نهاية العام الجاري.

 هذا في الشكل. أما في المضمون فإن الفيدراليات الفلسطينية في تشيلي والبرازيل والبيرو (والتي تعتبر من أنشط الفيدراليات)، لا تزال غائبة عما يجري، فما بالك في باقي الفيدراليات، التي لم تعد موجودة على الأرض فعلياً.

فمن جهته، استغرب الناشط الفلسطيني في البيرو "محمود مصطفى" الحديث حول مؤتمر الكوبلاك، في الوقت الذي تحتاج فيه الفيدراليات الفلسطينية في كل بلد من بلدان القارة إلى مؤتمر في الأصل.

وبحسب مصطفى، فإن "وضع الجالية الفلسطينية سواء في البرازيل و في البيرو، أو في غيرها من دول القارة، لا يسمح بالحديث عن مؤتمر للكوبلاك، فالأولى أن يتم العمل على تنظيم شؤون الجالية في كل بلد على حدى، وبعد ذلك تقوم مؤسسات الجالية بالدعوة لمؤتمر على مستوى القارة".

وسواء عقد اللقاء التحضيري أم لا، فإن خللاً أساسياً لا زال يعتري التحضير له، وقد يكون كفيلاً لوحده بإفشال المؤتمر، ألا وهو، غياب أي دعوة أو دور للاجئين الفلسطينيين من العراق وسوريا. فحتى هذه اللحظة، لا يزال هؤلاء خارج التمثيل في أي مؤسسة من مؤسسات الجالية الفلسطينية في القارة. وهو ما يؤكده اللاجئ الفلسطيني من سوريا في البرازيل "محمد أبو زيد" الذي نفى أي علم لديه، أو لدى من يتواصل معهم من اللاجئين الفلسطينيين في البرازيل، بهذه المؤتمرات. واستغرب أن يتم "تجاهل أكثر من ألف وخمسمائة فلسطيني وعدم الاهتمام بدعوتهم أو معرفة رأيهم أو مطالبهم من هذه المؤتمرات". متسائلاً إلى "متى ستستمر سياسة استبعاد فلسطينيي سوريا في البرازيل من نشاطات مؤسسات الجالية؟ ومحذراً من أن هذه السياسة لن تخدم أحداً وستضر بالعمل الفلسطيني في القارة".

خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد