أصدر 'برنامج دراسات إسرائيل' في مدى الكرمل- المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية، في حيفا، ملفا جديدا، رقم 8، من سلسلة 'ملفات مدى الكرمل'. موضوع الملف 'قراءات في مسألة المهجّرين'، ويشمل أربع أوراق بحثية.
الورقة الأولى بعنوان 'هل نعرف كم عدد المهجّرين الفلسطينيّين؟ إشكاليّات في التّعريف والعدّ' من إعداد عميد صعابنه. تحاول هذه الدّراسة الإجابة عن السؤال هل نعرف ما هو عدد المهجّرين اليوم؟ وذلك من خلال مراجعة الأدبيّات القليلة الّتي نُشرت عن المهجّرين، علمًا أنّ تعدادًا رسميًّا للمهجّرين لم يجر حتّى الآن. ثمّ تراجع الدّراسة الاستطلاعات الحديثة، الّتي حاولت تقدير حجم مجموعة المهجّرين- خصوصًا المسح الاجتماعيّ- الاقتصاديّ، الذي تقوم به جمعيّة الجليل ومقارنته بنتائج استطلاع مدى الكرمل. وتظهر هذه المقارنة أن تعريف من هو المهجر يؤثر جذريا على حجم مجموعة المهجرين وحدودها، حيث ينص التعريف الذي اتبعته جمعية الجليل على أنّ التّهجير يورّث من خلال ذرّية الذّكور وليس الإناث (هذا التعريف يستخدمه الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني)؛ بينما سأل استطلاع مدى الكرمل المشاركين عن حالة التهجير خاصتهم وعن حالة تهجير والديهم. وتخلص الورقة إلى أن هناك تداخلا بين السياسيّ والاجتماعيّ في مسألة تعداد المهجرين حيث تؤثر البنية الاجتماعية للعائلة الفلسطينية والنظام الأبوي الذي يحكمها على حجم المجموعة.
تقدم الورقة الثانية 'الفلسطينيّون المهجّرون داخليًّا: قراءة شاملة'، من إعداد منار مخّول، قراءة للتّهجير الدّاخلي للفلسطينيّين في إسرائيل منذ النّكبة وفقًا لمعايير القانون الدّولي، وتحديدًا القواعد العرفيّة ذات الصّلة. تأتي هذه القراءة في محاولة لتأطير تحليليّ شامل لموضوع التّهجير القسريّ الدّاخليّ، وهي قراءة بديلة أوّليّة لبعض التّوجهات المحليّة للتّعامل مع هذه القضيّة. تستعرض الورقة تهجير الفلسطينيّين داخليًّا في إسرائيل منذ النّكبة، يشمل المهجّرين داخليًّا جرّاء الحرب عام 1948، وأيضًا التّهجير القسريّ للفلسطينيّين من خلال 'مشاريع التّنمية' الإسرائيليّة، من خلال التّركيز على الفلسطينيّين البدو في النّقب. توضح الدراسة، من خلال حالة البدو في النقب، استعمال إسرائيل 'التّنمية' كأداة لتهجير الفلسطينيّين، كما تضع الفلسطينيّين البدو المهجّرين داخليًّا في نفس 'الخانة' التّحليليّة، وعلى قدم المساواة من 'مهجّري النّكبة'. وتخلص الورقة بأنه يجب التّعامل مع قضيّة تهجير الفلسطينيّين، على أشكالها، بشكل ممنهج، وليس من خلال تجزئتها إلى مشاكل 'محليّة' خاصّة. من هنا، فإنّ أيّ حلول لقضايا محليّة لا تشمل تمكين المهجّرين داخليًّا، ولا تتعامل مع المسبّبات البنيويّة للتّهجير، ولا تعتمد الحماية على المدى البعيد، سيتحتّم/ سيترتّب عليها عدم ضمان حقوق الفلسطينيّين.
الورقة الثالثة بعنوان 'المهجّرون الفلسطينيّون في الدّاخل: الاقتلاع من المكان والبقاء في الوطن'، من إعداد هبة يزبك. تقول يزبك إنّ 'المشروع الصّهيونيّ لم يهدف إلى تشكيل مجموعة مهجّرين، بل عمل على تحويل الشّعب الفلسطينيّ، بالمجمل، إلى لاجئ خارج حدود وطنه، وأنّ المهجّرين هم مشروع لاجئين أيضًا، وببقائهم داخل وطنهم نجحوا، ولو جزئيًّا، في إفشال مشروع الطّرد عن الأرض ومن الوطن'. بالإضافة تستعرض الورقة الآليّات والسّياسات المركزيّة الّتي عملت بموجبها القوّات العسكريّة الصّهيونيّة، ومن ثمّ المؤسّسات الإسرائيليّة بهدف التّهجير والطّرد، وذلك وفق الرّوايات الشّفويّة للمهجّرين أنفسهم، والتي، ومن خلالها، أيضًا، تُستشفّ رواية التّشبّث والبقاء، وليس فقط الاقتلاع. وبهذا، تُحيل الورقة الحاليّة، أيضًا، إلى أهميّة التّاريخ الشّفويّ ومركزيّته كمنهج علميّ ذي مصداقيّة، يتحوّل إلى مرجع في صياغة الرّواية التّاريخيّة والجمعيّة للفلسطينيّين. وتستخلص يزبك، من خلال روايات المهجّرين، أنّ 'المشروع الصّهيونيّ طمح إلى نفي الفلسطينيّ خارج حدود الوطن، وليس داخله، ولاحق كلّ مهجّر بقي ليطرده'.
تبحث الورقة الرابعة، والتي تحمل العنوان 'المكانة الاجتماعيّة-الاقتصاديّة للجيل الثّاني من المهجَّرين الفلسطينيّين في إسرائيل' من إعداد عميد صعابنه، المكانة الاجتماعيّة- الاقتصاديّة للجيل الثّاني من المهجَّرين؛ وهو موضوع لم تتناوله الدّراسات، القليلة نسبيًّا، حول المهجَّرين، والتي تطرّق غالبيّتها إلى تجربة الجيل الأول، والصّعوبات التي واجهها، خصوصًا في العقدين الأولين للنّكبة. وفي حين تشير بعض الدّراسات، حول تجربة أبناء الجيل الثّاني وبناته، إلى تقلّص الفروقات الاجتماعيّة- الاقتصاديّة بينهم وبين غير المهجّرين، فهي لا توضّح كيف استطاع المهجّرون جسر الفجوات بينهم وبين باقي السكان، وما هي الظّروف والعوامل، سواء الاجتماعيّة، أو السّياسيّة، أو الاقتصاديّة، التي مكّنت الجيل الثّاني من المهجّرين من تحقيق حراك اجتماعيّ مماثل لذلك الّذي حقّقه سكّان بلدات اللّجوء.