نشرت صحيفة “كوميرسانت” مقالا لمعلقها مكسيم يوسين حول آفاق التسوية السلمية في سوريا؛ حيث أشار إلى أن الوزيرين كيري ولافروف أعلنا نتائج اجتماعهما بحذر بالغ.

جاء في المقال:

اختار وزيرا خارجية الولايات المتحدة وروسيا جون كيري وسيرغي لافروف صيغة بالغة الحذر لدى إعلان نتائج مباحثاتهما في جنيف؛ حيث أشارا عدة مرات إلى أن اتفاق الهدنة لا يتوقف على موسكو وواشنطن فحسب. ومن السهل فهم تحفظ الوزيرين إذا تذكرنا كم من الأطراف منخرطة في هذا النزاع، وإلى أي حد تتباين مصالحها.

وتكمن المشكلة الرئيسة في ألاَّ روسيا أو الولايات المتحدة تستطيعان بصورة كاملة الوثوق بحلفائهما الآنيين في الأزمة السورية. وهما بالنسبة إلى موسكو – الحكومة السورية وحليفها الرئيس إيران. أما بالنسبة لواشنطن – فهي ما يسمى “المعارضة المعتدلة” التي رفضت حتى حين الانفصال عن الراديكاليين، وأيضا الدول السنية في المنطقة – المملكة السعودية وتركيا التي تساند المجموعات التي تحارب ضد القوات الحكومية.

وهدف بشار الأسد وطهران، ليس فقط وقف الحرب، بل إحراز النصر. وإذا كانت الحرب السورية ثانوية لروسيا وليست حيوية بالنسبة إليها، فإنها بالنسبة إلى إيران جبهة رئيسة في المواجهة بين مذهبي السنة والشيعة. وعندما بدأت موازين الحرب تميل بعد دخول طائرات القوة الجو–فضائية الروسية الحرب إلى جانب الحكومة السورية، برزت لدى دمشق وطهران الرغبة في تطوير النجاح. أي الرغبة في السيطرة على حلب بصورة كاملة.

 

أما أنصار استمرار الحرب حتى النصر النهائي، فإنهم غير مسرورين؛ لأن الاتفاق عمليا يلغي الحصار المفروض على الأحياء الواقعة تحت سيطرة المجموعات الإرهابية في حلب. وطبعا، لا يتمكن أحد في دمشق وطهران علنا انتقاد روسيا، نظرا لما قدمته قوتها الجو-فضائية من نتائج إيجابية في هذه الحرب، ولكن “الصقور” في البلدين سيحاولون إفشال هذا الاتفاق السلمي.

 هذه المحاولات تكون أكثر نجاحا، إذا أخذنا بالاعتبار وجود أطراف غير راضية عنه في الجانب الآخر أيضا. وهذه هي قبل كل شيء المجموعات الراديكالية التي تهدف ليس إلى وصول المساعدات الإنسانية إلى المدن المحاصرة، بل إلى إطاحة “الحكم العلوي” للأسد وإقامة حكومة سنية في سوريا. وكما اعترف جون كيري، ترتبط بهذه المجموعات الراديكالية، مجموعات من “المعارضة المعتدلة” التي تراهن عليها واشنطن.

فقد طلب كيري من “المعارضة المعتدلة” تحديد مع من هم – مع “المجاهدين” أم مع التحالف المناهض للإرهاب؟ ولكن هل سيلقى هذا آذانا صاغية؟

كما أن بلدان الخليج التي تقدم المساعدات للمعارضة، تنظر بحذر إلى اتفاق التسوية في سوريا. لأن المملكة السعودية وقطر والإمارات العربية وغيرها من الدول الملكية السنية تخاف من أن يصبح الاتفاق في الظروف الراهنة تقنينا ولو جزئيا لشرعية نظام الأسد في نظر المجتمع الدولي، على الأقل خلال الفترة الانتقالية التي يمكن أن تستمر إلى أجل غير مسمى.

أي سيتم شطب استراتيجية المملكة السعودية وحلفائها السابقة، التي يتمثل جوهرها في خنق دمشق تدريجيا باعتبار أن الأسد يستند إلى موارد محددة بشرية ومالية. أما الآن فقد تبين أن الأسد صمد، بل تعززت مواقفه في الأشهر الأخيرة في جبهات القتال، وهذا ما يثبته اتفاق الهدنة إذا تمت مراعاته.

نفهم من هذا أن روسيا والولايات المتحدة تبقيان القوتين الساعيتين لوقف إطلاق النار في سوريا بأسرع ما يمكن، والتحول إلى التسوية السياسية. وطبعا، لأكثر اللاعبين الإقليميين رأي بهذا الاتفاق. كما أنه ليس لديهم دوافع للتعجيل بتنفيذه كما لدى كيري، الذي يسرع في تقديم تقريره بشأن التوصل إلى اتفاق سلمي في سوريا قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية، التي ستُجرى في شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. (روسيا اليوم)

صحيفة رأي اليوم

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد