واشنطن - (أ ش أ):
ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن قادة أوروبا يفكرون مليا في بذل جهود جديدة واسعة النطاق لحشد قدراتها الدفاعية، وسط مخاوف متزايدة حيال حاجة القارة لحماية نفسها على نحو أفضل في مواجهة التهديدات التي تحدق ببلدانها بداية من المرشح الجمهوري في انتخابات الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب، ومرورا بروسيا ونهاية بتنظيم "داعش".
وكتبت الصحيفة - في سياق تقرير بثته على موقعها الإلكتروني - أن قادة الدول الـ27 المتبقية في الاتحاد الأوروبي يجتمعون، اليوم الجمعة، في سلوفاكيا لمناقشة رؤاهم لأوروبا بدون بريطانيا، بما في ذلك اقتراح فرنسي - ألماني لإنشاء مقر قيادة عسكري أوروبي مركزي في بروكسل، وهي فكرة كانت تعارضها لندن منذ فترة طويلة.
وأضافت أن هذه المناقشات هي جزء من جهد أوسع لتعزيز قدرة أوروبا على ضمان أمنها - بشكل مستقل عن الولايات المتحدة - وذلك على خلفية ضغوط الرئيس الأمريكي باراك أوباما على أعضاء حلف شمال الأطلسي "الناتو" بتقديم التزامات إضافية، إلى جانب تصريحات المرشح الجمهوري دونالد ترامب القاسية بأنه قد يلغي "ضمان الحماية الأمريكية" لدول الناتو حال انتخابه.
ورأت الصحيفة الأمريكية أن تنسيقا أقوى بين الدول الأوروبية من شأنه تعزيز قدرات جيوش أوروبا، التي تعتمد على القوة العسكرية الأمريكية كسند، مما يساهم في الاتفاق بين جميع الدول حول إنشاء قوة على مستوى القارة للدفاع عن اتحاد يضم 500 مليون نسمة.
ولفتت إلى تثاقل وتخلف القدرات الدفاعية في اوروبا منذ فترة طويلة عن ثقلها الاقتصادي، وقال رئيس الذراع التنفيذية في الاتحاد الأوروبي "المفوضية الأوروبية" هذا الأسبوع إن التكتل الأوروبي يمكنه توفير ما يصل إلى 28 مليار دولار سنويا إذا عملت الدول الأعضاء على تنسيق الإنفاق الدفاعي على نحو أفضل.
وأفادت بأن المناقشات حول تعزيز التعاون في مجال الدفاع يدعمها تحالف استثنائي وغير عادي من القادة، مشيرة إلى أن قادة وسط أوروبا، الأكثر تشددا ومعارضة لاستقبال المهاجرين، احتضنوا فكرة إنشاء قوة عسكرية كاملة الأركان للاتحاد الأوروبي، وحذروا من أن خروج بريطانيا من الاتحاد من شأنه استنزاف القدرات الدفاعية للقارة بشكل كبير.
وأعادت الصحيفة إلى الأذهان أن بريطانيا - التي تمتلك أقوى جيش في اوروبا - لطالما رفضت أية مناقشات حول جهود رامية لإنشاء جيش أوروبي مركزي، لأن الاتحاد الأوروبي لا يحظى بشعبية لدى البريطانيين، إلى جانب أن تفكك الاتحاد السوفيتي أيضا جعل العديد من دول الاتحاد الأوروبي يشعرون بأنهم لا يواجهون أي تهديدا عسكريا واضحا.
غير أن ضم روسيا لشبه جزيرة القرم جدد المخاوف على طول الحدود الشرقية لأوروبا، فضلا عن أن أزمة الهجرة أجبرت قادة اوروبا على الاعتراف بأن مسئولية تأمين حدود القارة تقع على عاتق أضعف دولها.
وأشارت الصحيفة إلى أن قادة اوروبا حذروا أيضا من أنه في حال فشل الاتحاد في ضمان أمن مواطنيه، فمن الممكن انهياره سريعا، لافتة إلى أنه فيما مضى بدا الصراع السوري وكأنه بعيد عن المواطنين الأوروبيين، غير أن تدفق المهاجرين العام الماضي وسلسلة الهجمات الإرهابية المستلهمة من "داعش" أثبتت العكس، مما حفز المقترحات الدفاعية الجديدة.