فلسطين المحتلة-بوابة اللاجئين الفلسطينيين
بعد مرور أسبوع على العملية الفدائية التي نفّذها الشهداء جبارين في المسجد الأقصى، والتي أعقبها إجراءات مُشددة من قِبل قوات الاحتلال بإغلاق المسجد الأقصى والبلدة القديمة والتفتيش والتخريب داخل المسجد، تبعه إعادة فتح للأقصى لكن مع نصب بوّابات إلكترونيّة على أبواب المسجد لدخول المُصلّين، وهذا ما رفضه المقدسيّون واعتصموا وصلّوا على الأبواب وفي شوارع المدينة المُحتلّة.
خلال ساعات مساء يوم الخميس 21 تموز، اندلعت مواجهات في أعقاب قيام قوات الاحتلال بقمع المُصلّين الذين تواجدوا في طريق باب الأسباط خارج البلدة القديمة، ما أدّى إلى إصابة (79) منهم بالقنابل الصوتية والأعيرة المطاطية خلال تواجد آلاف المُصلّين.
حول الإصابات، أفاد الهلال الأحمر أنّ طواقمه تعاملت منذ الجمعة الماضية في القدس المحتلة مع (183) إصابة، والليلة الماضية مع (79) إصابة منها (42) عولجت ميدانياً و(37) نُقلت إلى المستشفى، و(3) من الإصابات بين متوسطة إلى خطيرة (2) بالصدر وإصابة بالرأس، وكان من بين الإصابات (4) من طواقم الهلال الأحمر وبينهم مدير المركز عزام نمر وإصابتين لمُصلّين أتراك بالأعيرة المطاطية وأخرى للمصوّر الصحفي سنان أبو ميزر.
كما أوضح الهلال أنّ طواقمه تعرضت للاعتداء من قِبل قوات الاحتلال وبدأ ذلك قبل صلاة المغرب بمنع سيارات الإسعاف من الوصول إلى منطقة باب الأسباط وبعد ورود أنباء القمع حاولت السيارات الوصول إلى المكان إلا أنه تم منعها فقامت الطواقم بنقل الإصابات سيراً على الأقدام، وقامت قوات الاحتلال بالاعتداء على سيارات الإسعاف ومحاولة اعتقال أحد ضباط الإسعاف وإشهار السلاح في وجه الطاقم.
تجهيزات الاحتلال لجمعة الغضب
شنّت قوات الاحتلال حملة اعتقالات في صفوف قيادات مقدسيّة فجراً طالت (18) مقدسياً على الأقل، عُرف منهم رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين أمجد أبو عصب، القيادي في حركة فتح حاتم عبد القادر، عدنان وهاني غيث، عاهد الرشق، أبو علي عجاج، زهير الزعانين، ناصر الهدمي، وكانت قد اعتقلت عصر الأربعاء الشاب رامي الفاخوري ثم أفرجت عنه بعد ساعات.
وأفرجت سلطات الاحتلال الليلة عن الشيخ كمال الخطيب نائب رئيس الحركة الإسلامية في الأراضي المحتلة عام 1948، بعد احتجازه لساعات للتحقيق معه، وحسب المحامي عمر خمايسة فإنّ الشيخ رفض التوقيع على "تعهد بعدم نشر مواد تحريضية".
من جهةٍ أخرى، عزّزت قوات الاحتلال من تواجدها في ساحات وبوابات المسجد الأقصى ومحيط البلدة القديمة، بعد دعوات فلسطينية للنفير في جمعة الغضب نُصرةً للأقصى، فقامت بنصب حواجز حديدية جديدة أقوى من الحواجز السابقة وثبتتها في الأرض على مداخل الأقصى، وانتشر عناصر قوات الاحتلال بشكل مكثف في شرقي القدس المحتلة.
وحسب مصادر محلية فإنّ الحواجز المعدنيّة تُستخدم لأول مرة في البلدة القديمة ومحيط الأقصى، واستعانت قوات الاحتلال بشركات خاصة بنصب الحواجز الثقيلة الثابتة في منطقة باب الأسباط حتى تنجز مهمتها بأسرع وقت ممكن مع انطلاق دعوات النفير، وشدّدت قوات الاحتلال تعزيزاتها بشكل كبير في محيط باب الأسباط والعامود بالإضافة للبوابات الأخرى.
وشهدت ساعات الفجر استفزاز قوات الاحتلال للمُصلين خلال أداء صلاة الفجر في باب الأسباط، كما أغلقت ساحة الإمام الغزالي بباب الأسباط، وأغلقت كذلك الطريق بين "تل أبيب" والقدس المحتلة، ومنعت من هم أقل من خمسين عام الدخول، بالإضافة إلى منع من هم ليسوا من سكان البلدة القديمة حسب بطاقة الهوية، من دخول مناطق أبواب الأقصى.
ومنذ صباح الجمعة حوّلت قوات الاحتلال المدينة المحتلة وخاصةً البلدة القديمة وبوابات المسجد الأقصى إلى ثكنة عسكرية بانتشار الحواجز والدوريات الراجلة وتفتيش الأهالي، كما قامت بمنع حافلات الركاب التي أقلّت مُصلين من مختلف الأراضي المحتلة عام 1948 في طريقها إلى الأقصى، وقامت بمنع أعداد كبيرة من المُصلين ممّن استقلوا الحافلات على حاجز واقع على طريق أبو غوش على مشارف القدس.
النفير العام في جمعة الغضب
تنطلق الجمعة المسيرات والتظاهرات من عدة مناطق داخل فلسطين المحتلة وخارجها، وأعلنت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة في وقتٍ سابق قرارها بإغلاق جميع المساجد في أحياء وقرى القدس المحتلة الجمعة والتوجه لأداء الصلاة أمام أبواب الأقصى رفضاً للبوابات الإلكترونية والإجراءات الصهيونية.
كما دعت مرجعيات دينية إسلامية ومسيحية والقوى الوطنية والفصائل للتوجه إلى الأقصى الجمعة، واستجابت عدة مساجد في الأراضي المحتلة للدعوات كذلك وأعلنت عن إغلاقها للتوجه إلى الأقصى، بالإضافة إلى مساجد في دول عربية وحول العالم أهمها العراق.
وافترش الكثير من الشبان الأرض خلال ساعات الليل في البلدة القديمة لتفادي منعهم من الوصول لأداء الصلاة قرب بوابات المسجد الأقصى.
وكانت قد حذّرت الفصائل في قطاع غزة من أي محاولات لتمرير اتفاق جديد يُعطي الاحتلال السيادة على المسجد الأقصى، ودعت لاعتبار الجمعة يوم مفصلي وحاسم للدفاع عن الأقصى وتكاثف شد الرحال إليه، مُشددةً على ضرورة اقتحام حواجز الاحتلال والبوّابات الإلكترونية المُقامة على أبواب الأقصى والعمل على اقتلاعها والدخول لباحاته والصلاة فيه.
كما أكّدت أنها تقف إلى جانب أهالي القدس مُحذرةً من المساس بهم، فالعدوان على المرابطين والمعتصمين سيضع المقاومة أمام واجباتها ومسؤولياتها في الرد على العدوان والتصدي لمخططات الاحتلال، وليتحمل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن جرائمه وعدوانه وإرهابه.
على الصعيد السياسي والأمني، قرّر مجلس الوزراء الأمني الصهيوني المصغّر "الكابينت" إبقاء البوابات الإلكترونية التي جرى نصبها على مداخل الأقصى، بعد إنهاء المناقشات التي استمرت حوالي أربع ساعات، وادّعى مكتب نتنياهو في بيان مقتضب أنّ "إسرائيل ملتزمة بالحفاظ على الوضع القائم في الحرم القدسي وحرية الوصول إلى الأماكن المقدسة، وتلتزم بالحفاظ على أمن جميع المصلين والزوار إلى جبل الهيكل."
وكانت قد قررت قيادة جيش الاحتلال بعد اجتماع لتقدير الموقف الخميس وضع (5) كتائب من الجيش في حالة تأهب لاستخدامها في مواجهة أي تدهور للأوضاع قد يطرأ الجمعة في المسجد الأقصى في ظل الدعوات ليوم غضب، كما قررت إلغاء إجازات الجنود على أن يبقى الحال على ما هو عليه حتى صدور قرار جديد من قيادة الجيش بعد عقد اجتماع آخر لتقدير الموقف الجمعة.