لبنان - بوابة اللاجئين الفلسطينيين
"سنضرب بيد من حديد" وسنسكت بحزم كل من يطلق دعوات "الهجرة الجماعية" من مخيمّات لبنان أو يطالب بها، جاء ذلك في بيان للقيادة السياسية الفلسطينية في صيدا يوم الإثنين 14 آب، هددت به اللاجئين المطالبين بالهجرة إلى خارج لبنان بدعوى أنّ تلك الدعوات مشبوهة وتعبث بجوهر القضية الفلسطينية وتمهد لوقف خدمات وكالة "الأونروا" كمقدمة لشطب وإنهاء حق العودة، حسب البيان.
وكانت دعوات وُجّهت عبّر مواقع التواصل الإجتماعي للفسطينيين داخل المخيّمات تدعوهم للتظاهر والمطالبة بالهجرة الجماعية من لبنان، حيث لبّى عشرات الشبان في مختلف المخيمّات تلك الدعوة مطالبين بالهجرة الجماعية.
يعيش اللاجئ الفلسطيني في لبنان، مجرداً من حقوقه المدنية والإنسانية، فهو فاقد لحق التملك والعمل، وزادت سياسة تقليص الخدمات التي بدأت بها وكالة "الأونروا" بحجّة نقص التمويل من الدول المانحة، أوضاع اللاجئين سوءً.
فاللاجئون داخل المخيمّات يعيشون أوضاعاً معيشية قاسية، تخلو من أبسط الحقوق المعيشيّة، حيث يفتقرون للكهرباء والمياه العذبة إضافة إلى تهتّك البنى التحتية، مما يشكل خطراً على حياتهم بسبب تصدع منازلهم، فضلاً عن الرصاص الطائش الناتج عن تفلت السلاح وغياب الرقيب في المخيمات، إضافة للأوضاع الأمنية غير المستقرة، و كل ذلك محصوراً في مساحة كيلومترٍ واحدٍ تقريباً.
هذه المشاكل والمآسي التي يعاني منها الفلسطينيين، داخل المخيّمات ليست من فراغ، فالسياسة التي تنتهجها الفصائل لا تؤمن للاجئين أي دعم أو أمل بالإصلاح أضافة للحواجزالناتجة عن القوانين التي أقرّتها الحكومة اللبنانية والتي تقضي بمنع اللاجئ الفلسطيني من العمل بالكثير من المهن، ما يؤدي إلى هدر طاقات الشبان الفلسطينيين، وقمع أحلامهم وأسرهم في قبضة البطالة.
عوائق وظروف صعبة جعلت من فكرة الهجرة لدى الشبان الفلسطينيين في المخيّمات، منفذ الأمل الوحيد لمستقبل واضح المعالم، وطريق للهروب من واقع قاسي أنهك عقولهم وقيد حريّتهم.
المدير العام لهئية 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين، علي هويدي، أكّد أنّه "لا يمكن تخوين الشباب الداعين للهجرة لأنّ دعواتهم ناتجة عن الضغط المحيط بهم، والحرمان من أبسط حقوقهم الإنسانية، خاصة في ما يشمل العمل والتملك".
وأضاف، أنّ "هذا التحرك يتم إدارته من خلال مايسترو محترف، يدرك تماماً كيفية وطرق إستغلال الشباب وتجيشهم بشكل غير مباشر لخدمة أهدافه الخاصة"
وأشار هويدي، أنّ "المستفيد الأول من إشعال هذه القضية يهدف إلى شطب حق العودة وإنهاء دور الأونروا وخدماتها للاجئين" منوّهاً إلى أنّه "تم تعيين سفير الكيان الصهيوني في الأمم المتحدة في منصب نائب رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة ومن صلاحياته التحكم بجدول أعمال الجمعية وكان أولها شطب بند يتعلق بزيادة ميزانية الأونروا في الجمعية العامة"
كما حذّر هويدي من إمكانية استغلال السفير الصهيوني لتلك المطالبات بالـ "الهجرة الجماعية" لعرض الموضوع على الجمعية العامة للأمم المتحدة والتقدم بطلب لإنهاء دور "الأونروا" وخدماتها وهو ما سيقضي على "حق العودة".
وأشار إلى أنّ، الإشاعات التي يتم تتداولها عبّر مواقع التواصل الإجتماعي والتي تفيد أنّ الإتحاد الأوروبي سيعطي جنسية الدول الأوروبية لللاجئين الفلسطينيين عام 1948 بمجرد وصولهم إلى هناك، إضافة إلى شائعات أخرى تنشر كل فترة، تهدف إلى إشعال حماس الشباب، وإيهامهم بواقع ومستقبل أفضل خارج لبنان.
ودعا هويدي الفصائل الفلسطينيية، العمل للضغط على الحكومة اللبنانية لنيل الحقوق الإقتصادية والإجتماعية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، ولإعطاء الشباب فرصة للصمود والاستفادة من طاقاتهم وكفاءاتهم، مما يحول دون حاجتهم للهجرة خارج البلد وترك المخيّمات.
كما وشدد على أهميّة دور المؤسسات الأهلية واللجان الشعبية بتسليط الضوء على سلبيات ومخاطر "الهجرة الجماعية" لتوعية الناس إزاء المخطط الذي يحاك لهم لتفريقهم وإبعادهم عن محيط فلسطين الجغرافي.
وأكمل قائلا، "الشباب الفلسطيني لم يتخلى عن حق العودة لفلسطين إلا أنّه ومن حقوقه البحث عن حياة أفضل، والهجرة حق فردي لكل شخص، فهناك من الذين هاجروا و خدموا القضية الفلسطينية أكثر من الموجودين داخل المخيّم ولكن هذا ليس مطلقاً، ويجب أن تكون الهجرة عن وعي وليس هروب فقط إلى المجهول".
وفي حديث آخر، مع مسؤول "الجبهة الديمقراطية" في مخيّم عين الحلوة، فؤاد عثمان، حمّل الحكومة اللبنانية مسؤولية معاناة الشباب الفلسطينيين في لبنان نظراً للقيود التي تفرضها عليهم. وأضاف أنّ تخوين الشباب المطالبين بالهجرة الجماعية هو اتهام غير مقبول، لأن مطالباتهم ناتجة عن إنفجار بسبب صعوبة حياتهم المعيشية.
كما ودعا الشباب إلى الحذر من أشكال تحركاتهم، لأنها ومن دون قصد تخدم أهداف قوى سياسية تهدف للقضاء على الوجود الفلسطيني، مضيفاً أنّ مشهد رفع اليافطات خلال التحركات للمطالبة بالهجرة يعكس صورة للمجتمع الدولي عن رغبة الفلسطينيين بالتخلي عن المشروع الوطني مقابل أيّ شيء.
وأكّد عثمان، أنّ التجمعات الفلسطينية والمخيمّأت ما زالت متمسكة بحق العودة وحب الوطن، مضيفاً، "نعمل الآن على تشكيل طاولة حوار مع شبّان التحرك للوصول إلى طرق تخفف من قسوة الحياة المعيشيّة".