فلسطين المحتلة - بوابة اللاجئين الفلسطينيين
تقرير: صابرينا جودة
"لو يصير زلزال مش رح يضل ولا واحد عايش في المخيّم، لأنه البنايات رح تُطمرنا، ومحدش سائل يجي يرمّم هان، لهيك بيجوا بعد اكم سنة بيستخرجوا نفط منه، نفط نصّه زبالة ونصّه بشر"، قال أحد اللاجئين في مخيّم شعفاط للاجئين، من قرية الولجة جنوبي القدس المحتلة.
مخيّم شعفاط الواقع في المنطقة الشماليّة الشرقيّة من القدس المحتلة، يُعتبر ضمن حدود بلدية القدس الكُبرى التابعة للاحتلال، وكانت وكالة الغوث الدولية "الأونروا" هي من قامت بتأسيسه فوق قطعة أرض استأجرتها من الحكومة الأردنية عام 1965، بين قريتي شعفاط وعناتا، كمُخيّم بديل لمخيّم المُعسكر الذي كان قد أقيم في وقتٍ سابق في حارة الشرف بالبلدة القديمة من المدينة المُحتلة.
سُكان المخيّم يُقدّر عددهم بـ (20) ألف نسمة، منهم (12) ألف لاجئ مُسجّل لدى "الأونروا"، ومعظم اللاجئين يحملون بطاقات إقامة "إسرائيلية"، وجزء منهم يحملون بطاقة هويّة الضفة المحتلة، ويخضع المخيّم لظروف صعبة من حيث خدمات البلديّة والجانب القانوني والخدماتي وغير ذلك، وعلى الرغم من تبعيّته لبلديّة الاحتلال إلّا أنّه لم يتم وضع خطوط رئيسية للتعامل معه في الاتفاقيات التي تم توقيعها سابقاً وبالتحديد "اتفاقية أوسلو"، ويبدو الوضع الأمني والإداري غير واضح في المخيّم كون قضايا اللاجئين حسب "اتفاقية أوسلو" تم تأجيلها إلى مراحل الحل النهائي من المفاوضات برفقة قضايا أخرى.
حكومة الاحتلال تتجاهل خدمات المخيّم ومُتطلباته وحقوق ساكنيه، وعلى الرغم من ذلك فرضت عليهم الضرائب وما يُعرف بـ "الأرنونا" التي تفرضها بلدية الاحتلال على كل مُستخدم عقار، ورفعت نسبتها على أهل القدس بالأخص خلال الأعوام الماضية، بالإضافة إلى إجبارهم على دفع مُخالفات البناء والمُخالفات المرورية.
وفي ظل الوضع الحالي فإنّ المُخيّم مُعرّض لوقوع كارثة إنسانية في أي لحظة، بسبب ضيق المساحة والاكتظاظ السكاني وهشاشة البُنى التحتية التي تتفاقم تداعياتها خلال فصل الشتاء، خاصةً أنّ المُخيّم بُنيَ على ما يُشبه الوادي، ما يسمح بتجمّع مياه الأمطار فيه مع مياه الصرف الصحي، وما يُفاقم الأمر هو عدم تعامل كافة الأطراف مع الأزمة وعرقلة الاحتلال للأمور المتعلّقة بالبناء.
يُضاف إلى ذلك مشكلة النفايات المُتراكمة على مدى سنوات، والتي صرّح بشأنها مدير عمليات "الأونروا" أندرسون خلال مقابلة أجريت معه، قائلاً "إنها مشكلة لن يتم حلّها للأبد بسبب الاكتظاظ السكاني الذي يسمح بإنتاج الأعداد الهائلة من المُخلّفات"، إذ بات يُطلق أهالي مخيّم شعفاط على مُخيّمهم "مكبّ القدس"، بسبب تراكم المُخلفات لسنوات طويلة، ما يُهدد بكارثة بيئية.
وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" تتنصّل هي الأخرى من واجباتها تجاه المُخيّم، بحجّة أنّ المانحين يتعاملون معه كوضع إنساني أقل مأساوية بالمقارنة مع بقيّة المُخيّمات، رغم أنّ مُخيّم شعفاط يُعتبر من المناطق الأكثر اكتظاظاً بالسكان في القدس المحتلة، والأقل حظاً فيما يتعلّق بخدمات البلديّة والحقوق التي يجب أن تُمنح من وكالة الغوث.
وتجدُر الإشارة هنا إلى أنّه منذ وقف المفاوضات عام 1994 لم يتم إنشاء أي مشروع مدرسة في المُخيّم، باستثناء بعض التوسيعات التي تمت في مدارس وكالة الغوث وبعض المدارس التي تم تأسيسها في البيوت السكنيّة كمدارس خاصة.
مدير عمليات "الأونروا" في الضفة المحتلة سكوت أندرسون، قال خلال حفل إطلاق مشروع لتحسين الظروف البيئية في المخيّم عام 2016 "يُعاني الفلسطينيون في القدس الشرقيّة من ظروف معيشيّة مُتردية بسبب الفقر وانعدام المُتطلبات الأساسية وعدم الاهتمام بتحسين المُمارسات البيئية"، بالإشارة إلى مخيّم شعفاط الواقع في تلك المنطقة.
حول الجانب القانوني في مخيّم شعفاط، فإنّ المناطق التي تُسمّى بأطراف المخيّم "رأس خميس، رأس شحادة، ضاحية السلام، حي الأوقاف"، يُطبّق فيها "القانون الإسرائيلي"، أما باقي مناطق المُخيّم تُعد تابعة لوكالة الغوث الدولية من جميع الجوانب، بما في ذلك تراخيص البناء، إلّا أنّ ذلك لم يمنع سلطات الاحتلال من تسليم بعض أصحاب الممتلكات في تلك المناطق إخطارات هدم، بحجة البناء دون ترخيص، وكذلك فرض بعض الضرائب المعمول بها في "القانون الإسرائيلي".
أمّا السلطة الفلسطينية، عدا عن تأجيلها لقضايا اللاجئين في "اتفاقيّة أوسلو" إلى مراحل الحل النهائي من المفاوضات، تعمّدت أيضاً تهميش قضيّة مخيّم شعفاط بعد مُطالبات كثيرة من أهالي المخيّم للسلطة من أجل تخصيص مبالغ ماليّة لدعم المخيّم من خلال المؤسسات القائمة فيه، أو عن طريق مؤسسة تنوب عن السلطة، في سبيل محاولة تجنّب تفاقم أزمات وكوارث إنسانيّة مُحققة في المخيّم، إلّا أنّها رفضت ذلك.
في ظل الظروف التي يشهدها المخيّم وغياب مسؤولية كافة الأطراف وتهميشه من قِبل السلطة الفلسطينية و"الأونروا"، فإنّ المُخيّم بات يُعتبر منطقة جغرافية بلا مرجعيّة وطنيّة أو مركز سياسي أو إطار خدماتي، ما انعكس على الجانب الاجتماعي، فآثار الإهمال والتهميش لم تقتصر على الجوانب الخدماتيّة، بل امتدت إلى قضايا تمس حياة أهالي المخيّم.