فلسطين المحتلة-بوابة اللاجئين الفلسطينيين
أعلنت الجهات الحكومية في قطاع غزة، السبت 14 تشرين الأول، عن اتخاذ سلسلة إجراءات للحفاظ على موقع "تل السكن" الأثري الواقع وسط قطاع غزة، ومنع أي مساس وأعمال تجريف فيه، مع السماح بالتجريف خارج حرم المنطقة المُعتمدة.
يأتي ذلك في أعقاب تحركات احتجاجيّة خلال الفترة الماضية وكان آخرها الجمعة، على أعمال التجريف والهدم التي تتم في الموقع الأثري، وحتى اللحظة لم يتّضح بعد حقيقة تطبيق الإجراءات المُعلن عنها، والتي جاءت خلال اجتماع في مقر الأمانة العامة لمجلس الوزراء في غزة، بمشاركة النيابة العامة ووزارة السياحة والآثار، بالإضافة إلى سلطة الأراضي والمكتب الإعلامي الحكومي.
في بيان صدر عن الاجتماع، أكّدت وزارة السياحة والآثار والجهات الرسمية كافة، التزامها بالمحافظة على آثار وحضارة الشعب الفلسطيني وواجبها في حمايته من الاندثار أو الاعتداء عليه.
قالت الوزارة أنّها ستضع الخطط والمشاريع المستقبليّة لمواصلة عملية التنقيب والحفريات في الموقع الأثري، والسعي للتنسيق مع الجهات العربية والدولية للبدء بخطوات جادة من الحفريات لكشف جوانب تاريخية وحضارية من تاريخ فلسطين القديم.
كما شددت على الالتزام بعدم السماح ومنع أي أعمال تجريف في المنطقة التي جرى تحديدها وتخصيصها حرما للموقع الأثري "تل السكن" بحضور الخبير الفرنسي وعدد من أساتذة التاريخ في الجامعات الفلسطينية والواقعة بين حدود أبراج الظافر جنوباً، حتى جامعة غزة شمالاً ، ومن جامعة فلسطين غرباً حتى حدود الشارع الهيكلي شرقاً، على أن يخضع هذا الموقع بالحدود المذكورة سابقاً لسلطة وزارة السياحة والآثار.
وتقرر أن تعمل سلطة الأراضي على رفع المساحة وإسقاط الخرائط الورقية على الواقع وتركيب الزوايا وتحديد الحدود للموقع خلال ٢٤ساعة، مع إضافة الشارع الهيكلي المجاور للموقع ملحقا للحرم الأثري حتي انتهاء مرحلة التنقيب والحفريات المتعلقة بالموقع.
ووفق البيان؛ تتولى وزارة السياحة تسييج محيط الموقع بالحدود المشار إليها وتضع لافتات إرشادية وتعريفية واضحة بحدود الحرم الأثري بالكامل وذلك خلال أسبوع، فيما تعين سلطة الأراضي حراسة دائمة للموقع تضاف لحراسة وزارة السياحة والآثار على مدار 24 ساعة، حتى انتهاء أعمال التسوية حول الموقع.
كما قررت استمرار عمليات تسوية الأراضي وإقامة الإنشاءات خارج إطار الحرم الأثري بمراقبة وإطلاع وزارة السياحة والآثار.
بدورها أكدت وزيرة السياحة والآثار رولا معايعة، وقف الاعتداء وأعمال التجريف في موقع تل السكن الأثري في غزة، وشدّدت في اتصال هاتفي مع الوكالة الفلسطينية الرسمية "وفا"، على أنّ حماية التراث الثقافي الفلسطيني مسؤولية جميع أبناء شعبنا، فهو جزء من الهوية الثقافية للشعب الفلسطيني، مؤكدة أن الاعتداء على التراث يجب أن يواجه من كل فئات الشعب.
وطالبت وزيرة السياحة والآثار، جميع الجهات بالوقوف عند مسؤولياتها والتزاماتها بحماية المواقع الأثرية والحفاظ عليها.
من جانبها أعلنت النيابة العامة في غزة عن تكليف وزارة السياحة والآثار بوضع علامات وسياج فاصل لتوضيح حدود حرم الموقع الأثري بتل السكن جنوب غزة، للحفاظ عليه من العبث وعدم تكرار اللغط حوله، وأكدت اتخاذ إجراء احترازي بمنع التجريف في المكان، مبينة أن التحريات أظهرت أن أعمال التجريف التي جرت تقع خارج نطاق المنطقة المعتمدة منطقة أثرية.
وقالت النيابة في بيانها السبت "بعد إجراء التحري والتواصل مع وزارة الآثار اتضح أن أعمال التجريف تجري خارج حرم المنطقة الأثرية والتي صدر قرار من الجهات المختصة بتخصيصها موقعا أثريا بناء على توصية لجنة ضمت خبير الآثار الفرنسي وعدد من خبراء الآثار المحليين."
وأوضحت أنه نظراً لعدم وضوح الحدود الجغرافية للموقع الأثري بالضبط، نفذت بعض الجهات أعمال تسوية في محيط الموقع يوم الخميس الماضي، مؤكدة تكليف مباحث الآثار منع أي تجريف او تسوية جديدة بشكل احترازي.
كما أكدت حرصها على المال العام و الآثار العامة وحق المجتمع في الحفاظ على الموروث الثقافي والوطني، مشددة على أنها لن تتوانى عن اتخاذ إجراءات بحق أي جهة يثبت بحقها مخالفة القانوني.
وذكرت أنها تتابع باهتمام بالغ قضية موقع تل السكن الأثري الواقع في وسط قطاع غزة، مبينة أن المستشار النائب العام أصدر تعليماته لنيابة المؤسسات ومكافحة الفساد بإجراء تحقيق تفصيلي واستدعاء من يلزم للوقوف على حقيقة الواقعة، وذلك فور نشر التحقيق الصحفي حول منطقة تل السكن، علماً بعدم وجود شكوى من اي جهة رسمية أو أهلية.
يُشار إلى أنّ نُشطاء ومختصون في الآثار تعرّضوا للتهديد بالسلاح صباح السبت حين توجّهوا لموقع "تل السكن" الأثري، عقب دعوتهم لأهالي قطاع غزة والمُهتمين أن يحضروا للتعريف بالمكان والاحتجاج على عمليات الهدم الجارية.
حسب المنظمة العربي لحقوق الإنسان في بريطانيا، موقع تل السكن الأثري المُسجل في "اليونسكو" الواقع في مدينة الزهراء وسط قطاع غزة يشغل مساحة مائة دونم يعود تاريخه إلى الحقبة البرونزية والكنعانية، واكتُشفت فيه آثار تعود إلى 5000 عام، ومع دخول السلطة الفلسطينية عام 1994 خُصصت مساحة منه لتسكين ضباط من الأمن الوقائي، في عام 1998، وبدأت شركة الظافر بالتجريف هناك عندما اكتشف الموقع الأثري، وعلى الرغم من اكتشاف الموقع لم تتوقف الشركة عن البناء بل استمرت وأتمّت بناء الأبراج السكنية، ثم خصصت قطعة أخرى لبناء جامعة فلسطين واستمرت عملية التجريف في الموقع حتى عام 2013 لاستكمال بناء سور للجامعة.
في عام 2015 تم إدراج المنطقة الأثرية ضمن المناطق المخصصة للجمعيات السكنية بهدف تعويض موظفي حكومة غزة عن مستحقاتهم المتأخرة، حيث تم تخصيص هذه المنطقة لفئة كبار الموظفين بتواطؤ من موظفين في وزارة الآثار وسلطة الأراضي ومُتنفّذين، ورغم تأكيد علماء آثار غربيين منهم الفرنسي جان باتيست وخبراء آثار محليين على أثرية المكان وأهميته، إلّا أن عملية التجريف استؤنفت لبناء المساكن، إذ لم يتبقَ سوى (31) دونم لم تصلها عمليات التجريف من أصل مائة دونم المساحة الكليّة، لكن المساحة المتبقية أيضاً مُهددة بالتجريف.
ويُعد الموقع من أقدم المناطق الأثرية الكنعانية التي اكتُشفت في فلسطين، ويعود تاريخه إلى العصر البرونزي، وهو العصر الذي كان يسكن فيه الكنعانيون فلسطين، ومن أهم ما عُثر عليه في الموقع، الطبقات الأثرية التي يتراوح ارتفاعها ما بين (4-8م)، والتي قدمت لمحة أولى عن تاريخ المكان، وكان عدد المستويات الأثرية فيه تسعة مستويات من الاستيطان البشري.